tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 83 – الأحد 22-9-2013
«وأخيرًا صار عندي بدلة مدرسة»
8
بهذه الجملة استقبلت هبة والدها لحظة عودته من عمله، مع ابتسامة تعلوها علامات الفخر، وكأنها حققت إنجازًا عظيمًا عجز عنه معظم أقاربها؛ إذ ليس من السهل الحصول على اللباس المدرسي والقرطاسية كاملةً، خاصة إن كنت نازحًا مهجّرًا عن ديارك.
هبة (16 عامًا) نازحة من مدينة داريا، طالبة في الصف الحادي عشر، استطاعت بعد معاناة كبيرة، ودموع كثيرة، وإلحاح متواصل على والديها، أن تشتري بدلة مدرسيّة وقرطاسية، لتعود بعد سنة من الانقطاع إلى مقاعد الدراسة.
تقول والدة هبة «أنا لا أبخل على ابنتي بشيء ولكن الظروف المادية أجبرتني ووالدها على التفكير كثيرًا قبل تسجيلها في المدرسة وشراء ما تحتاج إليه».
هبة واحدة من طلاب كثر نزحوا من بيوتهم وابتعدوا عن مدراسهم، منهم من استطاع مواصلة تحصيله العلمي ومنهم لم يستطع. فرغم توفر مستلزمات المدرسة في عدة مناطق، منها العاصمة، إلا أن البعض عجز عن تأمينها لارتفاع أسعارها؛ في حين نزح البعض الآخر إلى مناطق لم تفتح المدراس فيها أبوابها هذا العام.
ففي الأسواق الشعبية، التي يتردد عليها معظم النازحين، تتراوح أسعار اللباس المدرسي لطلاب المرحلة الابتدائية (6- 9 سنوات) بين 1000 و 4000 ليرة، ولطلاب المراحل المتوسطة والعليا (10- 18 سنة) بين 3500 إلى 10000 ليرة. ناهيك عن سعر نسخة كتب المرحلة الثانوية التي تزيد تسعيرتها الرسمية عن 2500 ليرة، والتي غالبًا ما يتطلب تأمينها وسيطًا فيرتفع هذا السعر أيضًا.
أما أسعار القرطاسية فتختلف من منطقة إلى أخرى في ظل غياب الرقابة تبعًا «لضمير» البائع ولتفاوت أسعار الصرف، ويبقى المشترك بين هذه الأسعار هو ارتفاعها قرابة أربعة أضعاف عن أسعار ما قبل الأزمة.
تقول هيا (26 عامًا) «ذهبت إلى المسكيّة في سوق الحميدية لأشتري لأقاربي حاجتهم من القرطاسية، اشتريت كميات كبيرة لأستفيد من سعر الجملة ورغم ذلك فقد فاقت الأسعار التوقعات».
اشترت هيا 20 حقيبة مدرسية بسعر 850 للواحدة، ودفعت 125 ثمن الدفتر العادي الواحد و25 ليرة ثمن القلم ذي النوعية المتوسطة و100 ليرة ثمن علبة الألوان من النوعية الجيدة، وتفاوت سعر دفتر الرسم بين 40 و 90 ليرة حسب القياس والنوعية، رديئة ومتوسطة.
كذلك حال أم بلال، إحدى النازحات من داريا، لم ترسل أبناءها إلى المدرسة لأن المال الذي يؤمنه زوجها لا يكفي إلا لطعامهم اليومي ولا يمكن أن يغطي تكاليف الدراسة، بالإضافة إلى بعد المدارس عن المنطقة التي نزحوا إليها في بساتين الغوطة الغربية.
ومع بدء العام الدراسي الثالث منذ بدء الأزمة، يتمنى الأهالي عودة أبنائهم إلى المدراس ومتابعة تعليمهم في الوقت الذي أصبح فيه العلم لمن استطاع إليه سبيلًا؛ بعضهم ينتظر انتهاء الأزمة، ومنهم من ينتظر وصول المساعدات، التي سبق ووصلت إلى البعض، والتي ستكون، على تواضعها، معينًا لهم لبدء العام الدراسي الجديد.

مقالات متعلقة