خط تهريب سيارات من لبنان إلى درعا.. ومليون ليرة للحاجز

سيارة من نوع مازدا تقلّ مقاتلين في المعارضة السورية في ريف إدلب 19 تشرين الثاني 2014 (عنب بلدي)

camera iconسيارة من نوع مازدا تقلّ مقاتلين في المعارضة السورية في ريف إدلب 19 تشرين الثاني 2014 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – مراد عبد الجليل

تويوتا، وتاكوما، وميتسوبيشي، وباجيرو، وأصناف أخرى من السيارات المستخدمة بكثرة في الحروب، انتشرت في المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا خلال السنوات الماضية، وخاصة في ريف حمص والقلمون الشرقي.

انتشار السيارات جاء إثر ازدياد عمليات التهريب بين البلدين في السنوات الأولى من الثورة السورية، وسيطرة فصائل المعارضة السورية على بعض المعابر الحدودية، فلم تعد تقتصر عمليات التهريب على الدخان والمازوت والأدوات الكهربائية كما كانت سابقًا، وإنما تطورت إلى تهريب السيارات والسلاح بكثافة.

القلمون مسرح السيارات

بعد سيطرة فصائل المعارضة السورية على مساحات واسعة من القلمون، في أواخر 2012، وخاصة، جرود رنكوس، وفليطة، وتلفيتا، وصولًا إلى مدينة عرسال اللبنانية، نشطت تجارة السيارات المهربة من لبنان، لزيادة الطلب عليها من قبل قادة “الجيش الحر”.

أحد المهربين في القلمون، رفض كشف اسمه، قال لعنب بلدي إن تجارًا مقربين من “حزب الله” اللبناني، استغلوا حاجة “الجيش الحر” إلى السيارات والسلاح، لتنشيط عملياتهم في ظل عدم وجود رقابة من قبل حكومة البلدين.

وأكّد المهرّب أن أغلب السيارات كانت تسرق من لبنان عبر عصابات، وتباع إلى عناصر من “حزب الله”، يُدخلونها عبر عرسال إلى جرود فليطة لعرضها في مدن القلمون.

سعر السيارات كان رخيصًا بداية الأمر، كونها مسروقة ويمكن تهريب أعدادٍ كبيرة منها، وكانت أنواعها تتوزع بين “تويوتا إف جي”، بسعر ثلاثة آلاف دولار، و”تويوتا تاكوما” بسعر يتراوح بي 1500 و2000 دولار.

لكن الأسعار ارتفعت في صيف 2013، بحسب التاجر، بسبب الطلب عليها بعد تجمع مقاتلي الجيش الحر في المنطقة، وسيطرة “حزب الله” على مدينة القصير في ريف حمص، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها خمسة أضعاف، فأصبح سعر “تويوتا إف جي” ثمانية آلاف دولار، في حين وصل سعر “تويوتا تاكوما” إلى 15 ألف دولار.

ومع توقف التهريب نتيجة غياب الثقة بين الطرفين بعد علميات الخطف، إضافة إلى سيطرة الحزب على مناطق في القلمون وأبرزها مدينة يبرود، في آذار 2014، وإطلاق أغانٍ طائفية تهدّد المدنيين والعسكريين، بدأ سعر السيارات بالانخفاض تدريجيًا بسبب طلبات البيع من أشخاص يريدون الانتقال إلى مناطق أكثر أمنًا كوادي بردى.

استمرار التهريب في حمص

وعلى عكس القلمون استمر تهريب السيارات السياحية بعد سيطرة الحزب على مدينة القصير، عبر أشخاص من أهالي القرى الحدودية، وبالتعاون مع مجموعات من الأفرع الأمنية و”حزب الله” تسهل لهم عملية العبور والبيع.

بلدتا زيتا وبلوزة الحدوديتان مع الأراضي اللبنانية، كانتا المحطتين الرئيسيتين لعملية تهريب السيارات، إذ عرفتا بتبعيتهما لـ “حزب الله”، كما يحمل معظم ساكنيها الجنسية اللبنانية والسورية معًا، الأمر الذي يعطي الصلاحية للدخول من وإلى الأراضي اللبنانية دون مساءلة.

وربما لم تُعرف هذه العمليات على مستوى واسع بين السوريين، إلا أنها عرفت بشكل كبير بين أهالي ريف مدينة حمص الغربي المجاورة مع لبنان، بحسب الشاب عبد الرحمن (رفض الكشف عن اسمه بالكامل)، وهو أحد الأشخاص القائمين على عملية التهريب من لبنان، إلى “المنطقة الجنوبية حصرًا”، في الفترة بين أواخر عام 2014 وبداية 2015.

السويداء وجهة المهربين

أصناف متعددة من السيارات كانت تدخل، عبر تجار لبنانيين، بلوحات لبنانية، إلى القرى السورية الحدودية (المحطة الأولى)، لفحصها والتأكد من خلوها من أعطال قبل نقلها إلى مناطق الجنوب.

عبد الرحمن أكد أن أحد الأشخاص من بلدة زيتا، والمنضوي في صفوف حزب الله، كان يتولى تسهيل مرورها على حواجز النظام في أطراف مدينة القصير، ويرافقها لحين وصولها إلى جسر بلدة شنشار على أوتوستراد دمشق- حمص الدولي، ويضمن عدم التعرض لها لقاء مبالغ مالية متفق عليها، تصل إلى مليون ليرة سورية (2400 دولار) آنذاك عن كل سيارة.

وبعد الوصول إلى الجسر تبدل لوحة السيارة اللبنانية، بلوحة سورية، عبر عنصر تابع لفرع الأمن السياسي، بحسب عبد الرحمن، إذ يحضر لوحات سورية مختلفة ومتنوعة تحمل أرقامًا من المدن السورية كي لا يشك به أثناء العبور من محافظة إلى أخرى.

أما المرحلة الأخيرة فتنتهي عند بيع السيارة للتجار في مدينة السويداء، الذين يشترونها بغية بيعها داخل الأراضي الخارجة عن سيطرة النظام في ريف مدينة درعا عبر تجار من الطرف الآخر، فـ “لا وجود لأي سوق لها داخل المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، كونها دخلت بصورة غير شرعية ودون أيّ قيود وأوراق رسمية”.

عمليات التهريب انخفضت أواخر العام الماضي 2016، بسبب إلقاء القبض على عدد من المهربين من قبل حواجز النظام، بحسب عبد الرحمن، الذي كان ضمن الأشخاص المعتقلين وخرج بعد ثلاثة أشهر.

وتختلف أسعار السيارات بحسب النوع والصنف والمسافة المستهلكة على الطرق، فالأسعار تراوحت أواخر 2015 في لبنان، بين مليونين وثلاثة ملايين ليرة سورية (7 آلاف دولار)، داخل لبنان لسيارات الجيب كـ “ميتسوبيشي” و”نيسان”، لتباع في مدينة السويداء بما يزيد عن خمسة ملايين ليرة (11 ألف دولار).

اعتراف لبناني

صحيفة الجمهورية اللبنانية، نقلت في 13 كانون الثاني الماضي، عن مصادر أمنية أن سرقة السيارات مستمرة في لبنان، وإن تقلصت خلال الأشهر الماضية.

وذكرت المصادر الأمنية أن خط القصير- زيتا السورية مازال خطًا سالكًا لتهريب السيارات المسروقة، ولم يُضبط حتى الآن.

وتحصل عمليات التهريب بعد أن تنقل العصابات في بريتال السيارات عبر هذا الخط وتسلّمها إلى الداخل السوري، بحسب الصحيفة.

وأكدت أن من “يتاجر بالسيارات المسروقة في سوريا، هم أشخاص نافذون داخل النظام السوري، إذ ينشطون على خط التهريب، فيشترونها من تجار بريتال ومن ثم يشرعون بتنظيم أوراقها في سوريا، نتيجة حالة الفلتان السائدة هناك، إضافة الى قوتهم ونفوذهم داخل الدولة، فيعمدون إلى تجميعها قبل تصديرها”.

كما ذكرت أن السيارات المسروقة تصل إلى تركيا بعد تمريرها عبر الحواجز الأمنية عن طريق مسؤولين سوريين، مشيرة إلى أنها ضبطت سيارات لبنانية في العاصمة التركية أنقرة.

وفي عام 2015 سرقت 1007 سيارات في لبنان، بحسب أرقام أوردتها الصحيفة، استرجعت منها 393 سيارة، أما في 2016 فسرقت 906 سيارات، واسترجعت 340 سيارة.

ولم تقتصر عمليات التهريب على السيارات فحسب، فقد تحولت سوريا إلى مسرح لعمليات تهريب كبيرة خلال السنوات الأخيرة، يقودها تجار وعصابات على ارتباط بالنظام السوري، ما أثّر على الاقتصاد بشكل كبير.

 




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة