عائلة «ما حدا» … من مذكرات معتقل

tag icon ع ع ع

بيلسان عمر

قضى أحمد في فرع مطار المزة العسكري –الجوية- عامًا كاملًا، قبل أن يتم تحويله إلى سجن عدرا المركزي، فيقضي هناك أربعة أشهر، ويخرج بعدها حرًا من السجن الصغير إلى سجن أكبر منه. ها هو في الهجرة والجوازات من أجل الحصول على جواز سفر، فإذا بهم قد وضعوا إشارة على اسمه بمنعه من السفر، وبضرورة مراجعة الفرع الذي اعتقله لفك المنع.

أحمد، طالب في كلية الهندسة المدنية، تم اعتقاله على حاجز على مدخل العاصمة وهو متوجه إلى جامعته، والتهمة أنه من عائلة «إرهابية». قضى أحمد سنة وأربعة أشهر في المعتقل، بسبب تشابه الأسماء، وهناك في فرع الجوية كل المحققين يعرفون جريمة أحمد «النكراء»، لكنهم لا يحركون ساكنًا لأجل الإفراج عنه، طالما أن أحمد الأصلي المطلوب لم يقبضوا عليه بعد، فلم ينج من التعذيب، وها هو حتى الآن ما زال يعاني من جرح مفتوح في قدمه لم يلتئم، ولا يجد له علاجًا.

أحمد يستذكر في أول لحظة من الإفراج عنه لحظة اعتقاله، إذ أصرّ يومها على الخروج من البيت رغم رجاء والدته له بألا يذهب إلى جامعته، طالما أن قوى الأمن لا تترك أحدًا من شرها، وكان أحمد متمسكًا باعتقاده أنهم لا يعتقلون أحدًا دون تهمة ثابتة، وهو بريء من أية تهمة قد تنسب له.

لم يعتد أحمد أن ينقطع عن دوامه الجامعي، وبعد سجال طويل بينه وبين أمه قبيل خروجه، ثم شجار حمل الجيران على التدخل للسؤال عن سبب الصراخ، أدركت الأم، التي فقدت زوجها وابنها الأكبر في هذه الحرب، أنه مصمم على رأيه وأنها لن تستطيع ردعه عن مبتغاه، لكنها بادرت بمحاولة أخيرة لإقناعه «يا بني، ماذا ستخبرهم عن عائلتك عندما تمر على الحواجز، ويطلبون هويتك الشخصية، وأنت تعلم أنهم يلحقون شباب العائلة، وقد هددوا مرارًا أنهم سيفنون العائلة عن بكرة أبيها، وربما قتلوك على الحاجز، ورموا بجثتك تنهشها الوحوش الشاردة».

زاد حنق أحمد تخويف أمه له، وأخبرها قبل خروجه أن تمزق تلك الورقة التي تثبت انتماءه إلى تلك العائلة المغضوب عليها من قبل النظام، وقال لها: سأخبرهم أنني من عائلة «ما حدا»، ليقف عند أول حاجز على مفرق داريا الرئيسي، ويغيّب عن أهله سنة وأربعة أشهر، بحجة تشابه الأسماء.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة