تمدّد أدخل الآلاف في دائرة الحصار وأجبر قرىً بأكملها على النزوح

“جيش خالد” يخلط أوراق حوران في أصعب أوقاتها

الريف الغربي
tag icon ع ع ع

درعا – عنب بلدي

بعد عدة أشهر من هدوء الجبهات ضد قوات الأسد في محافظة درعا، الذي تخلله اتهامات للمحافظة الجنوبية تارة بالمهادنة وأخرى بالخيانة، استنهض مقاتلو فصائل المعارضة في درعاالهمم، وأعلنوا عن معركة باسمالموت ولا المذلة، بهدف انتزاع السيطرة على حيي المنشية وسجنة في درعا البلد، اللذين يعتبران من أبرز معاقل قوات الأسد العسكرية في المدينة، لتتوجه أعين السوريين إلى مجريات المعركة، التي وصفها الأهالي والمتابعون، بأنها أشرس معارك محافظة درعا منذ بداية الثورة السورية.

في خضم أحداث المعركة، وفي غفلة من الجميع، اشتعلت نيران المعارك في ريف درعا الغربي وتحديدًا في حوض اليرموك على أوجها، بعدما ضرب “جيش خالد بن الوليد”، المتهم من المعارضة بمبايعة تنظيم “الدولة الإسلامية”، ضربته الموجعة، وتمدّد إلى مساحات واسعة على حساب فصائل المعارضة، ليفرض سيطرته على بلدات تسيل وسحم الجولان وعدوان وجلين، بالإضافة لأبرز مكتسباته، بالسيطرة على تل عشترة وتل الجموع العسكري، موقعًا أعدادًا كبيرة من القتلى من عناصر المعارضة المسلحة بالإضافة لعدد من المدنيين.

هذا التقدم السريع والمفاجئ، لم يجذب الأنظار والاهتمام عن معركة “الموت ولا المذلة” فقط، بل خلط أوراق حوران في أصعب أوقاتها، بعدما أظهر “جيش خالد” قدرة على اختراق صفوف قوات المعارضة، وضربها من الخلف وانتزاع السيطرة منها في أوقات قياسية.

كما أن هذه المعركة، لا تبدو كسابقاتها بالنسبة لـ “جيش خالد”، الذي اعتمد سابقًا أسلوب “حرب العصابات” في الضرب والانسحاب، هذا الرأي أيده “أبو عمر”، مراسل وكالة يرموك الإخبارية العاملة في حوض اليرموك سابقًا، في حديثه إلى عنب بلدي، متعبرًا “المعركة اليوم، هي رسم جديد لخارطة الريف الغربي”.

عمل “جيش خالد” طوال الفترة الماضية على التجهيز لهذا التمدد، بحسب المراسل، الذي أضاف “طوال أشهر الحصار الماضية، كان جيش خالد ينظّم الدورات العسكرية في حوض اليرموك ويرتب بيته الداخلي، ويعزز من انتشار خلاياه خارج المنطقة”.

ويشير خط سير المعركة إلى أن “جيش خالد” لا ينوي الانسحاب، “أول ما سيطر عليه مقاتلو جيش خالد هو تل الجموع العسكري، وعندما تأكدوا من إحكام سيطرتهم عليه، تمددوا إلى سحم الجولان وتسيل، ثم عدوان وتل عشترة، وأخيرًا إلى جلين وأطراف حيط، هذا يعني أنهم رسموا خطة للبقاء في المنطقة، لا الانسحاب منها”.

كما أن الممارسات التي بدأ “جيش خالد” يطبقها في مناطق سيطرته الجديدة، توحي برغبته في البقاء فيها طويلًا، “حيث فرض كثيرًا من الأوامر على الأهالي في مناطق سيطرته الجديدة، وبدأ بوضع القيود على الحياة العامة، ووضع نقاطًا ثابتة ومتحركة له، في نسخ مماثل لما فعله في القرى الخاضعة لسيطرته سابقًا”، وعلى الرغم أن فصائل المعارضة شنت عدة هجمات في محاولة لاستعادة ما خسرته، إلا أنها مُنيت بخسائر إضافية.

وقال “أبو عمر”، متحدثًا عن خسائر النظام السوري، “السبب وراء فشل هجمات المعارضة، هو عدم فهمها لأسلوب قتال جيش خالد حتى الآن، فهو يعتمد على الكمائن والمناورات السريعة، لذلك هو استعاد السيطرة على تل عشترة وجلين، بعد ساعات قليلة من إعلان المعارضة استعادتها”.

ويرى أبو عمر أن هذه المعركة قد تمتد لأشهر طويلة، إلا في حال حدوث تغيير جذري تفرضه المعارضة أو قوى خارجية على أرض المعركة.

عشرة آلاف نازح

ولم تقتصر تداعيات ما يحصل على الصعيد العسكري، بل حمل تداعيات إنسانية تعيشها حوران للمرة الأولى منذ سنوات، فبعد أن كانت قرى حوض اليرموك الغربية تعيش على وقع حصار تفرضه فصائل المعارضة السورية على أكثر من 50 ألف نسمة، شكل تمدد “جيش خالد” تمددًا لدائرة الحصار أيضًا، ليضيف لها ما يقارب 100 ألف نسمة من أهالي بلدات تسيل وسحم الجولان وعدوان، بينما أجبرت المعارك أكثر من عشرة آلاف نسمة على النزوح من بلدتي جلين وحيط بشكل خاص، وهو ما أضاف المزيد من الأعباء على المؤسسات الإغاثية.

شادي المصالحة، المسؤول الميداني عن توزيع المواد الإغاثية، أوضح، في حديثٍ إلى عنب بلدي، أن أكثر من 1200 عائلة نزحت عن بلدتي جلين وحيط خلال أيام قليلة، “المنظمات الإغاثية كانت في حالة عمل دائم لمساعدة نازحي درعا البلد، واليوم أصبح العمل مضاعف مع تداعيات ما يحصل في حوض اليرموك”.

وتعاني هذه العائلات في المقام الأول من صعوبة النزوح قبل أي شيء آخر، “رقعة المعارك بين جميع الأطراف فرض على النازحين سلوك طريق الوادي، الوعر جدًا، والذي لا تستطيع المركبات السير عليه”، بحسب المصالحة.

وبعد وصول النازحين، تواجههم صعوبة في توفير مكان للسكن، وأوضح المصالحة “هناك أزمة سكن، والعائلات باتت تفترش الطرقات والمدارس والمساجد في الوقت الراهن، في بلدات الأشعري والعجمي وعمورية وتل شهاب والمزيريب”.

ويقتصر عمل المنظمات الإغاثية على توزيع المساعدات الغذائية والشتوية، وأكّد الناشط الإغاثي “لا يوجد أي حلول جذرية في الوقت الراهن، نحن نساعد النازحين عبر تأمين أهم المستلزمات، حتى يحصل انفراج على الأرض بعودتهم إلى منازلهم، أو البدء بإنشاء مخيمات مجهزة”.

وحول الأهالي الذين مازالوا في البلدات التي خضعت حديثًا لسيطرة “جيش خالد”، قال المصالحة “قبل التطورات الأخيرة، كان أهالي القرى التي تخضع لسيطرة جيش خالد يحصلون على المساعدات، لكن كانت الإجراءات تقتضي أن يغادروا مناطق سيطرته إلى مناطق سيطرة الجيش الحر، للحصول على هذه المساعدة، ثم يعودوا إن أرادوا ذلك”.

وتوقع الناشط أن يكون “من الصعب العمل في مناطق سيطرة جيش خالد لأسباب عديدة، لذلك إن استمر الوضع على ما هو عليه، أظن أننا سنكون مجبرين على توزيع المساعدات على أهالي بلدات تسيل وسحم الجولان وعدوان، خارج بلداتهم”.

لم تقدم قيادات فصائل المعارضة، حتى ساعة إعداد التقرير، أي شرحٍ رسمي لما حصل، ولم تقدم أي تفسير للكيفية التي كسر فيها “جيش خالد” خطوط الدفاع وفرض سيطرته على مساحات واسعة، موقعًا عشرات القتلى في ساعات قليلة، لكن الأهالي يعتبرون أن من حقهم الحصول على توضيح حقيقي، لا يوضح ما حصل فقط، بل يقدم المسؤولين والمقصرين للمحاسبة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة