العدل التركية تعين قضاة منشقين.. والحكومة المؤقتة تَعِد بالقادم

هيكلية جديدة لمحاكم ريف حلب .. مجلس القضاء يرفض التدخل

أهالي بلدة الشيوخ يتظاهرون في مدينة جرابلس للمطالبة بتحرير قريتهم واعادتهم الى قراهم 27 كانون الثاني 2017

camera iconأهالي بلدة الشيوخ يتظاهرون في مدينة جرابلس للمطالبة بتحرير قريتهم واعادتهم الى قراهم 27 كانون الثاني 2017

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – ضياء عودة

بعد حوالي ثلاثة أشهر من تشكيلها من قبل قضاة ومحامين اقترحهممجلس القضاء الأعلىفي حلب، بتعاون مع الفصائل المقاتلة والمجلس المحلي في جرابلس، سُلمت محكمة جرابلس المركزية إلى قضاة سوريين منشقين عن النظام السوري، عُينوا من قبل وزارة العدل التركية، على أن تطبق هذه العملية على كافة محاكم الريف الحلبي، الخاضع لسيطرة فصائلدرع الفراتتباعًا.

وكانت محكمة جرابلس أتبعت سابقًا لـ “مجلس القضاء الأعلى الحر”، والذي أعلنت تأسيسه سبع محاكم بحلب في تموز 2015، من أجل “استقرار الأمن”، خاصة بعد حالة الفوضى التي تلت تحرير المدينة، إضافة إلى “الجرائم” التي نفذها تنظيم “الدولة” أثناء سيطرته على المدينة منذ 2014.

في الأيام القليلة الماضية انتشرت عدة بيانات بخصوص تسليم المحكمة للحكومة السورية المؤقتة، إلا أن القاضي محمد مشعل نفى أن يكون للحكومة المؤقتة أي علاقة بالمحكمة المذكورة.

تضم منطقة شمال حلب عددًا من المدن والبلدات الرئيسية، التي تخضع جميعها لسيطرة فصائل “الجيش الحر”، المنضوية في غرفة عمليات “درع الفرات”، وأبرزها: مدن جرابلس، واعزاز، ومارع، وقرى وبلدات الراعي، ودابق، وصوران.

وعقب تحرير المنطقة الشمالية من حلب، أُنشئت عدة محاكم متفرقة تولّت الفصل في الخلافات والنزاعات القائمة بين الناس والفصائل، وكُلفت بالالتزام بتطبيق “الأحكام” بين الأطراف، وكان آخرها محكمة صوران.

في 5 شباط 2017 زار رئيس الحكومة السورية المؤقتة، الدكتور جواد أبو حطب، مدينة صوران، للوقوف على أعمال المجالس المحلية والمحاكم في البلدة، ومدن الريف الشمالي، وإعادة تفعيل العمل المؤسساتي في المنطقة.

وقال رئيس الحكومة إن الزيارة تأتي للوقوف على عمل المحاكم التي تم افتتاحها مؤخرًا، وتفعيل “دور المؤسسات في المنطقة”.

وسيتركز عمل المحاكم المفتتحة حديثًا، بحسب أبو حطب، على “أصول المقاضاة التي سادت في سوريا حسب القانون السوري، وبما لا يخالف الشريعة الإسلامية”.

لا اعتراف تركي بقرارات المؤسسات الثورية

تحدثت عنب بلدي مع محمد مشعل، وهو قاض في محكمة جرابلس سابقًا، للوقوف على الأسباب التي استدعت تغيير الهيكلية السابقة للمحكمة القضائية، وقال إن عملية تسليم المحكمة جاءت بقرار من الحكومة التركية، ضمن خطتها في “تنظيم كافة الأمور والمؤسسات الثورية بالطريقة التي تناسبها، في الشمال السوري”.

مضيفًا أن ذلك تزامن مع غياب الاعتراف التركي بالقرارت التي تصدرها المؤسسات والمنظمات السورية، المعلنة بعد الثورة السورية، “فلا وجود للتعامل التركي السوري في المناطق الخاضعة للمعارضة السورية، وعملية البناء تتم عبر الخطة التركية فقط”.

وتشكلت محكمة جرابلس سابقًا عقب مشاورات مكثفة بين “مجلس القضاء الأعلى” في حلب، والفصائل العسكرية الموجودة في المدنية، والمجلس المحلي.

وبعد تأسيسها، شُكلت لجنة من قبل عدد من القضاة الذين لهم “باع طويل”، ناشدت من لديه الخبرة ويرى في نفسه القدرة على أن يكون قاضيًا أو محاميًا أو كاتبًا أو إداريًا، التسجيل في المحكمة، خلال مدة أعلنتها اللجنة وامتدت عشرة أيام، ليتقدم خلال المدة المحددة قرابة 15 شخصًا.

وأجرت اللجنة مسابقة ضمن شروط محددة ممن يحملون شهادتي القانون والشريعة، وتتوافر لديهم خبرات سابقة، ضمن معايير مجلس القضاء الأعلى.

وكانت الأولوية في التعيين آنذاك للقضاة الذين انشقوا عن النظام السوري، ثم لمن خضعوا لدورات قضائية في مجلس القضاء الأعلى، وضمن معهد القضاء العالي في قطر.

ما ذكره مشعل أشار إليه عضو “مجلس القضاء السوري المستقل”، إبراهيم الحسين، في حديث لعنب بلدي.

يقول الحسين “بقناعتنا في المجلس، الملف القضائي هو ملف سيادي ولا يمكن بأي حال من الأحوال التهاون فيه، أو السماح بتدخل دول أخرى أو جهات لا تمتلك أي شرعية لمقاربة هذا الملف”.

في حين أشار القاضي مشعل إلى أن “عملية التغيير لا تنطبق على المحاكم، بل ستطبق على كافة المؤسسات الثورية في المنطقة، كما هو الحال في المجلس الشرعي في ريف حلب، الذي لم يتم الاعتراف به نهائيًا، وتم انتقاء الموظفين والدعاة عن طريق الحكومة التركية”.

واستنكر مشعل الطريقة التي سلمت بها المحكمة إلى القضاة الجدد، دون أي تواصل سابق أو توضيح للأهداف التي كان من الممكن أن يتم العمل عليها بشكل مشترك.

كما أن “الأنباء المتباينة عن قادة عمليات الفصائل العاملة في المنطقة، منهم من دعا إلى تسليم المحكمة، وآخرون دعوا إلى عدم تسليمها، وكان لها الدور الأكبر في البلبلة التي حدثت في الأيام الماضية”.

محكمة اعزاز: ينقصناالاعتراف والشرعية

لم يقتصر تطبيق العملية على محكمة جرابلس، إذ تتالت الأنباء التي تؤكد نية تكرار النموذج في كافة محاكم الريف الحلبي الشمالي، وأهمها محكمة مدينة اعزاز.

تواصلت عنب بلدي مع القاضي في محكمة اعزاز، ياسر باشا، وأكد أن “الشرطة الحرة أنهت تدريباتها واستلمت مركز المحكمة في المدينة”، مشيرًا إلى نقاشات تدور بشأن القضاء، “لإعادة ترتيبه وإعادة هيكليته، كما هو الحال بمحكمة جرابلس، مع بعض التعديلات الطفيفة”.

كما جاءت الخطوة، وفق الباشا، لـ”إعادة تفعيل القانون وسيادته وتطبيقه بما يتناسب مع المعايير الدولية”، مضيفًا “لدينا هيكلية قضائية منذ سنتين، لكن ينقصنا الاعتراف والشرعية”.

من جهته اعتبر القاضي إبراهيم الحسين “أن حال المحاكم في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام لن يستقيم إن لم تكن تحت إشراف جهة لها المشروعية والخبرة الكافيتين لإدارة هذه المحاكم”.

مجلس القضاء الأعلى: قدمنا رؤية واضحة ونسعى للتواصل مع الحكومة

وفي سياق الحديث عن الوضع الذي ستؤول إليه المحاكم في ريف حلب الشمالي، قال الحسين “نتمنى أن تنجح مساعينا التي قمنا بها في مجلس القضاء السوري من خلال التواصل مع الحكومة المؤقتة، وكل الجهات المعنية، فقد أبدينا كامل الاستعداد للعمل وقدمنا رؤية واضحة ومحددة تنسجم مع ما سبق”.

وتتضمن هذه الرؤية، بحسب الحسين، “عدم الوقوع في أي مطب أو خلل دستوري أو قانوني، لا لجهة تشكيل المحاكم، ولا لجهة تعيين القضاة العاملين فيها، ولا لجهة القانون الواجب العمل به”.

رئيس الحكومة المؤقتة، جواد أبو حطب، أكد في حديث لعنب بلدي أن “الحكومة تقوم بترتيب كل المنطقة ضمن إطارها، إلا أنه يلزمها بعض الوقت… نحن كحكومة منذ ستة أشهر نحاول أن نعيد ترتيب كل الأمور الماضية، وخلال الأيام المقبلة ستكون كافة الأمور ضمن برنامج جديد”.

وأشار أبو حطب “إننا نعيد الأنظمة، ومؤسساتنا كما كانت ولن نخترع شيئًا جديدًا، الطبية  والخدمية كاملة ضمن أسس وقوانين ثابتة لإعادة ترتيب البلد من جديد”.

الحسين أوضح أن “تطبيق الرؤية كان كفيلًا بإضفاء الشرعية والطابع الدستوري والمؤسساتي الحقيقي، ليس فقط على محكمة جرابلس، بل على كل المحاكم التي يمكن إنشاؤها لاحقًا في سائر المناطق الخارجة عن سيطرة النظام”.

وأضاف “يبدو أن الأمور لم تسر كما ينبغي أن تكون عليها، وتم تكليف بعض الزملاء القضاة بصفاتهم الشخصية للعمل في محكمة جرابلس، ورغم أننا نتمنى أن تتغير حال محكمة جرابلس وكل المحاكم للأفضل، فإننا نؤكد أن مجلس القضاء السوري، والذي يضم معظم قضاة الدولة السورية والذين قطعوا صلتهم بالنظام، لا علاقة له أبدًا لا بمحكمة جرابلس ولا بغيرها من المحاكم”.

في ختام الحديث أكد أبو حطب أن “العملية تحتاج إلى عمل شاق وترتيبات خاصة وتعديلات خاصة، وانتقاء ما نستطيع توجيهه.. عمل كبير جدًا ويحتاج وقتًا”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة