محكمة إسبانية تقبل الاختصاص في دعوى ضد المخابرات السورية

تعبيرية

camera iconتعبيرية

tag icon ع ع ع

ترجمة منصور العمري

قبلت المحكمة المركزية (6) في المحكمة الوطنية الإسبانية، التي يرأسها القاضي إلوي فيلاسكو، الشكوى الجنائية المرفوعة ضد أعضاء في قوات الأمن السوري لمسؤوليتهم عن ارتكاب جريمة إرهاب الدولة.

مدريد (27 آذار 2017) أصدر القاضي إلوي فيلاسكو قرارًا بشأن الاختصاص، يقرّ فيه الشكوى الجنائية التي رفعتها “هيئة العدالة الدولية غورنيكا 37” و”ديسباشو إنترناسيونال جي 37″، ضد تسعة من كبار أعضاء قوات الأمن والاستخبارات السورية.

يشكل هذا الحكم بداية أول قضية جنائية ضد أفراد قوات الأمن والمخابرات السورية، ويمنح المحاكم الإسبانية اختصاص التحقيق في المسؤولية الجنائية الفردية للمدعى عليهم عن ارتكاب جرائم دولية وانتهاكات لحقوق الإنسان ضد المدنيين السوريين منذ آذار 2011، ما سيسمح للمحاكم بالتحقيق في تعذيب وإعدام آلاف المدنيين في مرافق الاحتجاز غير القانونية التي أنشئت في جميع أنحاء البلاد.

قُدمت الشكوى، التي تكشف أفعالًا تشكل جريمة إرهابية، نيابة عن أ. ه، وهي ضحية من الجنسية الإسبانية أخفِي شقيقها قسرًا وأعدم في إحدى هذه المرافق.

قرر القاضي إلوي فيلاسكو قبول دعوى صاحبة الشكوى أمام المحاكم الإسبانية، وفقًا للمعايير الدولية التي وضعتها الجمعية العامة للأمم المتحدة والتوجيهات الأوروبية، وكذلك السوابق القضائية للمحكمة الجنائية الدولية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

تنصّ هذه القواعد الدولية على أن أفراد العائلات الذين اختفوا أو ماتوا نتيجة لجرائم دولية، بمن فيهم الأشقاء، يعتبرون أيضًا ضحايا الجرائم.

وقالت ألمودينا برنابيو، عضو مجموعة “غورنيكا 37″، “هذا قرار تاريخي، ليس فقط للضحايا الذين يناضلون من أجل العدالة، ولكن أيضًا لمتطلبات التحقيق والملاحقة القضائية للجرائم الدولية في المحاكم الوطنية، عندما تفشل المؤسسات الدولية الأخرى، مثل المحكمة الجنائية الدولية التي أثبتت عدم قدرتها على القيام بذلك”.

وأكدت “يمثل قرار القاضي فيلاسكو خطوة مهمّة للجهود الأوروبية التي تبذلها عدة ولايات قضائية وطنية لإنشاء لجنة للتحقيق في الجرائم، والمساعدة على تحقيق العدالة لهذه الأزمة الإنسانية الرهيبة. اليوم هو يوم مهم بالنسبة لـ أ. ه، ولآلاف الناس الذين عانوا ولايزالون يعانون في سوريا”.

وأضاف توبي كادمان، العضو المؤسس لـ “غورنيكا 37″، “في السياق الحالي لمفاوضات السلام، يجلب قرار القاضي فيلاسكو بشأن الولاية القضائية الأمل لآلاف ضحايا النزاع السوري”.

وأوضح أن هذا النوع من الإجراءات القضائية، القائم على جهود العدالة عبر الوطنية، يساعد على وضع إطار لاستراتيجية العدالة والمساءلة في المستقبل، ويوجه رسالة واضحة إلى المسؤولين عن ارتكاب الفظائع التي سيحاسبون عليها.

وأشار إلى أن “إنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم الفظيعة يجب أن يكون في صميم عملية السلام، ويعزز هذا القرار بوضوح هذا الموقف”.

يأتي إعلان القرار بشأن المقبولية بعد أسبوع من الذكرى السنوية السادسة، لبدء الاحتجاجات السلمية في سوريا التي أدى قمعها الوحشي إلى نشوب صراع وحشي أسفر عن مقتل أكثر من 450 ألف شخص.

وترحب “هيئة العدالة الدولية غورنيكا 37″ و”ديسباشو إنترناسيونال جي 37” بهذا القرار التاريخي للقاضي إلوي فيلاسكو، كخطوة أساسية نحو إقامة العدل في سوريا.

قُدّمت الشكوى في 31 كانون الثاني 2017 بالنيابة عن مواطنة إسبانية، وهي السيدة أ. ه.، التي احتجز شقيقها تعسفياً وأخفِي قسرًا أوائل عام 2013، ثم عُذّب وأعدِم في مركز احتجاز غير قانوني في دمشق.

ويظهر جسده الميت في ملف قيصر، وهو سجل لأكثر من 50 ألف صورة فوتوغرافية تظهر أجساد معذبة وهزيلة لأكثر من 6 آلاف ضحية في مرافق الاحتجاز التي يسيطر عليها النظام.

تشكل الأعمال الإجرامية المكشوفة في الشكوى جزءًا من جريمة إرهاب الدولة، وهي جزء من خطة الأمن القومي التي صُمّمت عام 2011 بهدف إرهاب السكان المدنيين وإسكات المعارضة بعد الربيع العربي.

جرى تنسيق وإعطاء الأوامر بالممارسات المنهجية للتعذيب والعنف والقمع، التي نفذت في مرافق الاحتجاز غير القانونية هذه، من قبل أعلى عناصر القيادة السياسية والعسكرية والأمنية.

وتشكل هذه الشكوى أول إجراء جنائي للعدالة عبر الوطنية أمام محكمة أوروبية ضد أفراد قوات الأمن التي تسيطر عليها حكومة بشار الأسد.

يمكن الآن للمحاكم الإسبانية دراسة الوقائع وتحديد المسؤولية الجنائية الفردية وتحقيق العدالة لآلاف ضحايا الجرائم الدولية التي ارتكبها النظام السوري أثناء النزاع.

“هيئة العدالة الدولية غورنيكا 37” هي هيئة مبتكرة أنشئت في تشرين الثاني 2016. وترتبط الهيئة بمجموعة “ديسباشو إنترناسيونال جي 37” (تأسست عام 2017) ومركز غورنيكا للعدالة الدولية، وهي منظمة غير ربحية مقرها في لندن، وفي وقت لاحق من هذا العام في واشنطن العاصمة.

فريقنا الدولي من المحامين والمتخصصين في القانون الجنائي الدولي، والتقاضي الاستراتيجي عبر الوطني يعمل للوصول إلى المساءلة عن الجرائم الدولية وانتهاكات حقوق الإنسان.

تسعى “غورنيكا 37” إلى المساهمة في عمليات العدالة الوطنية من خلال وضع استراتيجيات قانونية من خلال شراكة مع المهنيين الرئيسيين في البلدان التي تشهد عمليات انتقالية بعد الصراع أو حالات ما بعد الصراع.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة