ثماني حالات ترعاها "بذرة نماء"

مركزٌ للتعامل مع الأطفال المصابين بالتوحد في درعا

طفل من مركز بذرة نماء لعلاج التوحد في نوى بدرعا - نيسان 2017 (عنب بلدي)

camera iconطفل من مركز بذرة نماء لعلاج التوحد في نوى بدرعا - نيسان 2017 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – درعا

داخل غرفٍ صغيرة، يقلّب الطفل رياض نظره في ألعابه، مراقبًا بعض أقرانه المنشغلين بأشياءٍ اعتادوا التعامل معها يوميًا، وغدت أساس حياتهم على مدار الأشهر الماضية، في محاولة لمواجهة مرضٍ حيّر الأطباء والاختصاصيين منذ سنوات.

رغم ثقل حركته وقلة نباهته، إلا أن رياض يُبدي استجابة “واضحة”، حسّنت من تصرفاته وردود فعله، وفق والدته، مستفيدًا من مركز التعامل مع المصابين بالتوحّد، الذي تديره مؤسسة “بذرة نماء” في مدينة نوى، بريف درعا الغربي.

يُصاب الطفل بالتوحد، متأثرًا باضطرابات نمائية شاذة، وقد يتأخر في الكلام، بينما يرصد الأطباء سلوكيات غريبة لها علاقة بالانطواء الاجتماعي والتصرفات التكرارية وغيرها من الأعراض، ولم يُحدد سبب الإصابة بالمرض كما لا يتوفر علاج جذري له حتى اليوم.

لم تكن عائلة الطفل رياض (8 سنوات)، قادرة على التعامل معه، إلى أن سجّلت في مركز “بذرة نماء”، وحصلت من إدارته على برنامج للتعامل معه داخل المنزل، كدعم لما يُقدمه المركز لبعض الأطفال المصابين بالمرض، كما تقول والدة رياض لعنب بلدي.

“يتعاملون مع طفلي بشكل جيد ولاحظت تحسنًا واضحًا في تصرفاته مع إخوته، منذ أن التحق بالمركز قبل عام”، وفق أم رياض، التي تشير إلى أن كوادره “يعملون ضمن إمكانياتٍ محدودة ولكن بجهد واضح في التعامل مع الأطفال”.

 

عامٌ من العمل

لا إحصائية لأعداد الأطفال المصابين بالتوحد في ريف درعا الغربي، إلا أن إمكانيات المركز مكّنته من استقبال ثماني حالات (7 ذكور وأنثى واحدة)، يتعامل معها اختصاصيان، منذ بدء العمل في المركز، نيسان من العام الماضي، وفق المشرفة عليه، ناريمان جهماني.

يُقيّم العاملون في المركز الحالات بناء على التقارير الطبية، المشخصة من قبل الأطباء على أنها حالات توحد، إضافة إلى تقييم سلوكي للأطفال، على أساس الطبعة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية “DSM-5”.

وتتحدث جهماني عن عجز في التواصل وتبادل المعلومات يعاني منه الأطفال، “ناهيك عن صعوبات في قواعد المحادثة، وعدم معرفة استخدام الإشارات اللفظية وغير اللفظية لفهم العالم، وضعف في إمكانية التأقلم مع الغير”.

تقول مشرفة المركز في حديثٍ إلى عنب بلدي، إن السلوكيات التكرارية مثل ضرب الوجه، عض اليد، فرط الحركة، الصراخ، والنشاط الزائد في تصرفات متكررة، تنخفض تدريجيًا عند الأطفال، موضحة أن التعامل مع كل طفل، “يجري وفق برنامج خاص، حددته دراسة كل حالة على حدة، بالاعتماد على ملاحظات ذوي الأطفال حول سلوكهم، ومقارنتها بالتقارير الطبية”.

 تعمل مؤسسة “بذرة نماء” الإنسانية، في مجالات مختلفة، أبرزها التعليم والدعم النفسي  وتمكين المرأة، وتدير حاليًا قسمًا للتوعية من المخاطر، يشمل محاضرات حول مخاطر الألغام والقنابل العنقودية، بالتعاون مع جهات مختلفة كالدفاع المدني في درعا.

نشاطاتٌ أسهمت بتحسن تدريجي

جمع الكرات، أحد نشاطات المركز التي تهدف إلى تحسين الحركة والتعاون، بينما يهدف نشاط فرز المكعبات بحسب اللون والشكل، إلى زيادة الإدراك، ولتحسين الجانب المعرفي وتحريك عضلات الأصابع، يستخدم الكادر الملاقط الملونة.

ويخضع الأطفال لتمارين التوازن والتنقل من مكان منخفض إلى آخر مرتفع، وتصفها المشرفة بأنها “ضرورية وتساعد الطفل في التواصل البصري وتزيد من تفاعله الاجتماعي”، مشيرةً إلى أن معظم الأطفال “بدأوا يستخدمون ذكاءهم الشخصي، وساعدت التمارين التي ينفذها الأهل في المنزل في ذلك”.

يتواصل المركز مع طبيب مختص خارج سوريا، ليدرّب كادره عبر الإنترنت، وفق المشرف العام على مؤسسة “بذرة نماء”، سامر خبي، ويقول في حديثٍ إلى عنب بلدي، إن المركز يتسع لحوالي 50 طفلًا، مؤكدًا “نسعى لاستقبال حالات أخرى تخفف من معاناة الأطفال وذويهم قدر المستطاع”.

 




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة