«داعش» والسلطان…

tag icon ع ع ع

أحمد الشامي

تبدو «داعش» تطبيقًا حيًا لنظرية «ابن خلدون» بشأن الدولة «السلطانية» المبنية على ثلاثية: العصبية-الرسالة-الملك. «العصبية» هي مجموعة بشرية مشتركة في خصال أو وحدة مصير، تقوم برفع لواء «رسالة» بهدف الوصول إلى «الملك». في حالة «داعش» «العصبية» هي مجموعة من الزعران والمهووسين من الوهابيين تصطف وراء أمير يحمل «رسالة» حالمة هي «الدولة اﻹسلامية» وبهدف الوصول إلى «الملك» ومباهجه أي حلول «أمير» العصابة محل «السلطان».

هذه رؤية همجية للسياسة والمجتمع تختصر هدف الفعل السياسي بالسطو على السلطة بالقوة، ليس من أجل خير المجموع، لكن لتحقيق مآرب اﻷمير وعصابته. هذه المقاربة ليست حكرًا على «داعش» وهي تنطبق على الكثير من القوى المشابهة لها مع اختلاف «العصبية» أو «الرسالة» وخاصة مع اختلاف «اﻷمير» أو الممول.

«داعش» لها قصب السبق في هذا المضمار، وأصبح لديها خبرة في السطو و «الزعبرة» وفي كيفية إنشاء «إمارة» حسب الطلب، ثم تجنيد اﻷزلام والابتعاد عن المهالك… فشتان بين من يهاجم بئر نفط وبين من يهاجم مراكز محصنة، وبين من «يجاهد» في سبيل الله عبر جلد المدخنين ومن يخاطر بحياته على الجبهات. «البغدادي» يمنح ملثميه شرف نشر «الدعوة» عبر قتل العزّل والضعفاء بمتعة سادية ويكفيهم شر القتال…

هكذا يتفرغ الرجل وزبانيته لمتع الدنيا و «للبزنس» ويرسلون، أحيانًا، بعض الأطهار للشهادة من أجل «رفع العتب».

قبل «البغدادي» هناك من اختط ذات الطريقة للوصول إلى السلطة واسمه «حافظ اﻷسد». «العصبية» كانت الطائفة العلوية عبر أحطّ أفرادها، «الرسالة» هي القومية العروبية الفاشية، أما «الملك» فقد توصل إليه حافظ ثم أورثه لابنه وهو ما يحلم به «البغدادي» وأمثاله.

كما فعل اﻷسد حين تجنب الاحتكاك مع «إسرائيل» تفر «داعش» من مواجهة النظام، وكما تحالف اﻷسد مع حاميه العبري، تتعاون «داعش» مع عصابة اﻷسد وتتكامل، مستعملة ذات الخطاب الخشبي المتغطرس والتخويني. اﻷسد يخوّفنا من «إسرائيل» ويذيقنا ما هو أسوأ، وها هي «داعش» تهدد بترك «الثغور» ليدخل منها «العدو»، وفي نفس الوقت تقوم بمجازر تليق بالأسد و بول بوت…

«داعش» ليست صديقًا للنظام، «داعش» هي «النظام» ذاته الذي ثار عليه السوريون…




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة