المدنيون ضحية "حرب" حوض اليرموك

معادلة حصار متبادلة بين أطراف “الصراع” في درعا

camera iconمسن ينقل المياه من وادي قرية حيط بحوض اليرموك في ريف درعا الغربي - 1 أيار 2017 -(مؤسسة نبأ)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – درعا

شكلت قرية حيط نقطة النزاع الأكبر لـ “الأطراف المتحاربة” في حوض اليرموك، على الرغم من افتقارها لأي موقع استراتيجي يجعلها مطمعًا لأي طرف.

إلا أن عجز لواء “شهداء اليرموك” ومن بعده “جيش خالد بن الوليد” عن السيطرة عليها من جهة، وإصرار فصائل المعارضة على التشبث فيها دون الانسحاب منها في المقابل، حمّلها أهمية معنوية لكلا الطرفين، ما انعكس بدوره على المدنيين فيها، الذين يدفعون الثمن الأكبر في “حرب” طرفاها أبناء الحوض نفسه.

نزوح بعد الحصار

فرض “جيش خالد” حصارًا على القرية من ثلاث جهات، بعد تمدّده في شباط الماضي، تاركًا لها منفذًا وحيدًا عبر وادي اليرموك باتجاه قريتي عمورية والعجمي، ما دفع مئات المدنيين لسلوك الطرق الوعرة في رحلة النزوح عن القرية، أو لاستقدام المواد الغذائية الضرورية.

توفيق البكار، أحد النازحين عن القرية، قال لعنب بلدي “بعد تحرير المنطقة من سيطرة قوات الأسد، وابتعادها نسبيًا عن القصف، أصبحت قبلة للنازحين من المناطق غير المحررة أو التي تتعرض للقصف (…) لم يدرك المدنيون أن القرى ستدخل حربًا جديدة”.

أقام توفيق وعائلته في قرية حيط لأكثر من ثلاث سنوات، واعتبر أنه “غير معني بالصراع بين جيش خالد والمعارضة”، معتبرًا أن “المعارك هي حرب نفوذ وسيطرة، ونحن طرف محايد فيها، وغير معنيين بالدخول إلى جانب أي طرف على حساب الآخر”.

لكن “التمدد الأخير لجيش خالد، وحالة الرعب التي أصابت مئات الأهالي”، دفعت توفيق وعائلته إلى النزوح.

يضيف البكار “بعد الأنباء عن عمليات انتقام وإعدامات ميدانية، وجدنا أن قرية حيط ستحظى بالنصيب الأكبر من هذا الانتقام، بسبب التجارب السابقة معها، لذلك فضلت الخروج فورًا”.

يقول الشاب “عند نزوحنا كانت الأجواء شتوية والأرض طينية يصعب السير عليها، والوادي بطبيعة الحال وعر جدًا، لم نستطع حمل أكثر من بعض الملابس”.

“آلام الحصار” عوضًا عن رحلة النزوح

على الجانب الآخر اختار قرابة أربعة آلاف نسمة من أهالي قرية حيط البقاء في قريتهم، وتحمل مشقة الحصار كخيار وحيد أمام متاعب النزوح، وضعف المساعدات الإغاثية، ليعيشوا مخاوف دائمة من هجمات متوقعة قد يشنها “جيش خالد”، أو عمليات القصف المستمرة على القرية.

أبو محمود الحريري، أحد الأهالي، أشار إلى “هدوء نسبي على المستوى العسكري، فمنذ محاولة الاقتحام في شباط الماضي، لم تشهد القرية أي هجوم واكتفى جيش خالد بحصارها، وقصفها بشكل متقطع”.

واعتبر الحريري أن “العامل النفسي لدى مقاتلي المعارضة وكذلك مقاتلي جيش خالد، هو ما يحكم المعركة اليوم (…) رغم نجاح المعارضة في إفشال جميع هجمات جيش خالد على القرية، هناك إصرار واضح لدى الأخير على تكرار هجماته، وإصرار آخر لدى المعارضة في الحفاظ على القرية”.

ومما سبق يرى الحريري أن “كلا الطرفين يتعامل مع أي معركة للسيطرة على القرية بأنها مسألة حياة أو موت، دون أي مراعاة للمدنيين”.

أما على المستوى المعيشي فتشهد القرية ارتفاعًا في أسعار المواد الغذائية، حيث تدخل المواد بكميات محدودة عبر طريق وادي اليرموك.

ورغم ذلك “تتمثل المعاناة الكبرى” بحسب الحريري، بتوفير المياه الصالحة للشرب، إذ أقدم “جيش خالد” على قطع المياه التي تغذي حيط، انطلاقًا من بلدة سحم الجولان التي يسيطر عليها.

ويات الأهالي يعتمدون على جداول المياه في وادي اليرموك، غير الصالحة للشرب، التي أدت إلى ارتفاع أعداد المصابين بأمراض كالالتهابات المعوية، والطفح الجلدي، بحسب ما أعلنت النقطة الطبية في القرية.

معادلة حصار متبادلة

بالنظر إلى خريطة حوض اليرموك باتت المنطقة أكثر تعقيدًا من حال سكانها، إذ تحكم فصائل المعارضة حصارها على “جيش خالد” في معظم قرى الحوض، والذي يطوّق بدوره قرية حيط، ما يعطي معادلة حصار متبادلة بين الطرفين.

وكان حوض اليرموك من أوائل المناطق تحررًا من قبضة قوات الأسد، ولم يتوقع المدنيون أن منطقتهم ستكون مسرحًا لحرب جديدة، تمتد سنوات.

بدأ الصراع في بادئ الأمر بين لواء “شهداء اليرموك” و”جبهة النصرة”، وصولًا إلى “جيش خالد” وفصائل المعارضة المسلحة مجتمعة، مع أنباء إعلامية تتكرر عن تدخل دول أجنبية عسكريًا في المنطقة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة