مناورات النظام فيما يخص ملف المعتقلين

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 101 – الأحد 26 كانون الثاني 2014

syrian_prisonجود هلال

مع بدء المؤتمر الدولي حول سوريا «جنيف2»، يزداد الحديث عن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتتعدد التكهنات حول شكل وآلية تنفيذ هذا المطلب من قبل النظام ولكن أكثر ما يثير مخاوف المعتقلين هو أن يكون تنفيذ هذا البند عن طريق إصدار عفو عام من قبل النظام ويكون هذا العفو هو الثغرة التي يهرب منها النظام كي لا يقوم بالوفاء بالتزاماته.

فمنذ بداية الثورة وحتى الآن أصدر النظام قرابة سبع مراسيم للعفو العام، وفي كل مرة يدعي أن العفو عام وشامل ولكن بعد مضي المرسوم يتبين أنه مفرغ من محتواه ولا يؤدي بالنتيجة إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين والذين هم المعنيين بشكل مباشر بهذه المراسيم، فما هو الأسلوب الذي يتبعه النظام لتفريغ هذه المراسيم من محتواها؟

جاء في المادة \150\ من قانون العقوبات السوري والصادر في العام 1949 أن العفو العام يصدر عن السلطة التشريعية وهو يسقط كل عقوبة أصلية كانت أو فرعية أو إضافية.

ونصت المادة \151\ من القانون على أن العفو الخاص يمنح من رئيس الدولة بعد استطلاع رأي لجنة العفو.

وعلى ذلك يجب أن تكون المراسيم السابقة قد تم إعدادها في مجلس الشعب وهذا مالم يحدث في أي مرسوم من المراسيم السابقة، كما أنه في جميع المراسيم السابقة وضعت فقرة خاصة لاستثناء مواد معينة من شمولها بمرسوم العفو وهي المواد ذاتها التي يحاكم عليها المعتقلون السياسيون سواء في محكمة أمن الدولة سابقًا أو في محكمة الميدان العسكرية ومحكمة قضايا الإرهاب وباقي المحاكم المدنية والعسكرية حاليًا.

سأقوم الآن بعرض المواد التي يحاكم عليها المعتقلون السياسيون في سوريا والتي تم استثناؤها من جميع مراسيم العفو السابقة، مع الإشارة إلى أن القليل من هذه المواد شمل في بعض المراسيم بعفو عن ربع العقوبة، وفي حالات نادرة عن نصف العقوبة، ولكن لم يكن لهذا كبير الأثر لقلة عدد المحكومين وفق هذه المواد من جهة ولطول فترة الأحكام لهذه المواد من جهة أخرى.

إن من أهم المواد في قانون العقوبات العام التي يحاكم عليها المعتقلون السياسيون هي «الجنايات الواقعة على أمن الدولة الخارجي» وهي:

1 – الخيانة: وهي الجرائم المنصوص عليها في المواد من 263 إلى 270

2 – التجسس: منصوص عليها في المواد من 271 إلى 274

3 – الصلات غير المشروعة بالعدو: المواد من 275 إلى 277

وجميع المواد السابقة تشير إلى أفعال كحمل السلاح في صفوف العدو أو الاتصال بدولة أجنبية لدفعها لمباشرة عدوان على سوريا أو القيام بأعمال لشل الدفاع الوطني أو إفشاء معلومات ووثائق عن الجيش والمواقع العسكرية وغيرها.

4 – الجرائم الماسة بالقانون الدولي: وهي المواد من 278 إلى 284

تنص هذه المواد على القيام بأفعال تعرض سوريا لخطر أعمال عدائية أو تعكير صلاتها بدولة أجنبية أو تحقير دولة أجنبية أو علمها أو شعارها الوطني أو رئيسها أو وزرائها وغيرها.

5 – النيل من هيبة الدولة ووهن الشعور القومي: المواد من 285 إلى 288

تتحدث هذه المواد عن إضعاف الشعور القومي وإيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية أو نشر الأنباء الكاذبة التي تنال من هيبة الدولة وتضعف الشعور القومي أو الانخراط في جمعيات سياسية أو اجتماعية ذات طابع دولي.

ومن الأجرام التي يحاكم بموجبها المعتقلون السياسيون أيضًا «الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي» وهي:

1 – الجنايات الواقعة على الدستور: المواد من 291 إلى 295

وتنص على الاعتداء الذي يستهدف تغيير دستور الدولة بطرق غير مشروعة أو سلخ سيادة الدولة عن جزء من الأراضي السورية أو إثارة العصيان المسلح ضد السلطات القائمة وغيرها.

2 – اغتصاب سلطة سياسية أو مدنية أو قيادة عسكرية: المواد من 296 إلى 297

تنص على أفعال كتأليف فصائل مسلحة من الجند أو اغتصاب سلطة سياسية أو غيرها.

3 – الفتنة: المواد من 298 إلى 303

تنص على إثارة الحرب الأهلية أو الاقتتال الطائفي أو تسليح السوريين بعضهم على بعض أو إنشاء وترؤّس عصابات مسلحة بقصد اجتياح مدينة أو محلة أو بعض أملاك الدولة.

4 – الإرهاب: المواد من 304 إلى 306

تنص على القيام بأفعال ترمي إلى إيجاد حالة ذعر وترتكب بأدوات متفجرة وأسلحة حربية وغيرها

5 – الجرائم التي تنال من الوحدة الوطنية أو تعكر الصفاء بين عناصر الأمة: المواد من 307 إلى 308

تنص على الأمالي أو الخطب أو الكتابات التي يقصد منها أو ينتج عنها إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة أو الانتماء إلى جمعيات أنشئت للغايات السابقة.

6 – النيل من مكانة الدولة المالية: المواد 309 إلى 310

تنص على إذاعة مزاعم كاذبة لأحداث التدني في أوراق النقد الوطنية أو زعزعة الثقة في متانة نقد الدولة، كما ورد في قانون العقوبات أحكام تتعلق «بالجمعيات السرية» في المواد من 327 إلى 329 وتنص على إنشاء الجمعيات والجماعات دون ترخيص.

وهناك مواد تتعلق «بتجمعات الشغب» في المواد من 336 إلى 339 تنص على الحشود والمواكب على الطرق العامة أو في الأماكن المباحة للجمهور.

هذا بالنسبة للمواد الواردة في قانون العقوبات العام، يضاف إليها المواد الصادرة في قانون مكافحة الإرهاب (القانون رقم 19 للعام 2012) والذي يحاكم جميع الموقوفين بموجبه أمام محكمة قضايا الإرهاب وينص هذا القانون بمواده الخمسة عشر على القيام بأعمال إرهابية أو إنشاء منظمات إرهابية أو الانضمام إليها أو تمويلها أو التهديد بالقيام بأعمال إرهابية أو الترويج لها وغيرها من الأفعال ذات الصلة، وكان هذا القانون بديل عن المواد 304 – 305 – 306 من قانون العقوبات العامة الخاصة بالإرهاب.

إن جميع المعتقلين السياسيين في سوريا تتم محاكمتهم بموجب القوانين والمواد السابقة، والتي تم استثناؤها من جميع مراسيم العفو السابقة، فلم يستفد أي من المعتقلين منها ولم تؤدّ إلى إطلاق سراحهم، لذلك يجب الانتباه مستقبلاً إلى هذا الموضوع حيث الحديث عن إطلاق سراح المعتقلين وألا يسمح للنظام باستثناء المواد السابقة، هذا في حال كان تنفيذ إطلاق سراح المعتقلين سيتم عن طريق إصدار عفو عام.

وأخيرًا يجدر بنا الإشارة إلى مسألة لطالما أثارها مؤيدو النظام وهي أنه ليس هناك في سوريا معتقلون سياسيون، وإنما جميع المعتقلين مجرمين ارتكبوا إحدى الجرائم السابقة المنصوص عليها في قانون العقوبات العامة، ونردّ عليها بالقول أنه ورد في قانون العقوبات العامة في المادة 195 تحت عنوان «الجرائم السياسية» ما يلي:

1 – الجرائم السياسية هي الجرائم المقصودة التي أقدم عليها الفاعل بدافع سياسي.

2 – وهي كذلك الجرائم الواقعة على الحقوق السياسية العامة والفردية مالم يكن الفاعل قد انقاد لدافع أناني دنيء.

كما ورد في المادة 196 ما نصه:

1 – تعد جرائم سياسية، الجرائم المركبة أو الملازمة لجرائم سياسية.

وبالتالي نجد أن قانون العقوبات السوري والمعمول به منذ العالم 1949 أكد أن جميع الجرائم التي ترتكب بدافع سياسي غير دنيء تعد من الجرائم السياسية، وبالتالي تخفف بها الأحكام حسب المادة 197 من قانون العقوبات والتي تنص على:

1 – إذا تحقق القاضي أن للجريمة طابعًا سياسيًا قضى بالاعتقال المؤبد بدلاً من الإعدام وبالاعتقال المؤقت بدلاً من الأشغال الشاقة.

وبالتالي يجب اعتبار جميع معتقلي الرأي الذين تم اعتقالهم قبل اندلاع الثورة وجميع المعتقلين على خلفية الثورة من المعتقلين السياسيين الذين يجب إطلاق سراحهم فورًا تنفيذًا لاتفاق جنيف1 وجميع المطالب الشعبية بهذا الخصوص.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة