tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 101 – الأحد 26 كانون الثاني 2014

مجاهدو الدولة الإسلامية«قاتلنا ولم نكن نعلم أننا نقاتل «جيشًا حرًّا، فأميرنا أخبرنا أننا هنا في نبل والزهراء»

ليان الحلبي – عنب بلدي

  • المجاهدون الأجانب «مغيبون» والسوريون «يدركون» ما يفعلون

«في الأتارب، أمسكنا بأحد مهاجري داعش الأجانب، وعند استجوابه قال لنا: قاتلنا ولم نكن نعلم أننا نقاتل جيشًا حرًّا، فأميرنا قد أخبرنا أننا هنا في نبّل والزهراء». هذا ما قاله علي أبرم، مقاتل في جيش المجاهدين، وذكر بأن نسبة كبيرة من مقاتلي تنظيم الدولة مُغيّبون تمامًا عن الواقع، وأغلبهم من المهاجرين الأجانب. كما ذكر علي أنهم سألوا أحدهم مرّة، وهو روسيّ الجنسية، عما إذا كان يعلم من يُقاتل، فأجاب بلغة عربية ضعيفة أنه هنا يقاتل «الكفار»، في حين أجاب أحد المعتقلين السوريين ممن ينتمون للتنظيم عن نفس السؤال بأنه يعلم أنه يقاتل الجيش الحر لأنهم «مرتدّون كفرة». وأضاف الأبرم: «تلمس بوضوح تعصّبًا وحقدًا لدى المعتقلين السوريين والعراقيين بالذات من تنظيم الدولة، الأمر الذي لا تراه عند المعتقلين الآخرين من المهاجرين، فهناك ترى الطيبة والتغييب عن الواقع».

  • اللغة تعيق التواصل مع المجاهدين الأجانب

وفي الحديث عن كيفية التفاهم مع هؤلاء الأسرى، قال أبو عروة الطيباني، مقاتل في جيش المجاهدين، أن هناك سوريون وعراقيون ومن دول الخليج وكذلك شيشانيون وبوسنيون وغيرهم من ضمن الأسرى لدى جيش المجاهدين، لذا كانوا يعانون قليلًا من موضوع اللغة وعدم توفّر المترجمين للتواصل مع غير العرب منهم. وأضاف: «عندما حصلت نقاشات معهم ومحاولات للتوعية، أبدى معظمهم عدم الرغبة في الحوار واتهمونا بالكفر والردة وأنّ دولتهم باقية».

  • مجاهدو الدولة يقتلون زملاءهم

وذكر أبو عروة أنه في أحد الأيام وعند صلاة الفجر تحديدًا، قدمت سيارة إلى مقر تجمّع جيش المجاهدين ونزل منها أربعة ملثّمين مسلحين، قام أحدهم فورًا برمي قنبلة على الحرس فقتلهم ثمّ دخلوا المبنى وحدثت اشتباكات ثم قام اثنان منهم بتفجير أنفسهم، وأدى التفجير إلى تهديم جزء من جدار السجن مما مكن أحد مجاهدي الدولة من الدخول إلى السجن وخرج إليه مهاجر سعودي وأخبره أنه من تنظيم الدولة أيضًا، إلا أنه ألقى عليه قنبلة داخل السجن قتلت خمسة من الأسرى. وفي النهاية جاء أحد المهاجرين البوسنيين فأخذ سلاح الحرس وأرداه قتيلًا وصرخ مشيرًا إليه «إن هذا يقتل المسلمين». الأمر الذي يظهر وجود صنفين ضمن مجاهدي الدولة، صنف من أمثال الشاب البوسنيّ أصبحت لديهم شكوك كبيرة حول التنظيم بعد أن أدركوا في النهاية أن من يلبس هذه الأحزمة الناسفة هم عناصر الدولة أنفسهم وصنف آخر من المتعصّبين للدولة ممن اعتبروا أن هؤلاء الذين قدموا لتفجير أنفسهم ليسوا من الدولة، وإن ما فعله جيش المجاهدين ما هو إلا مجرد «مسرحية» لقتلهم.

  • معظم المجاهدين قدموا إلى سوريا مهاجرين بأنفسهم ودينهم

أما عن أسباب قدومهم إلى سوريا، فقد أوضح أبو عروة أن أغلبهم قد هاجروا بأنفسهم ودينهم إلى بلاد الشام لمحاربة نظام الأسد وحلفائه الشيعة والروس وغيرهم، فانضم أغلبهم في البداية إلى جبهة النصرة وأحرار الشام كونهما فصيلان سلفيان في سوريا، بينما انضم قسم ضئيل إلى باقي كتائب الجيش الحر. وبعد إعلان قيام «دولة الإسلام في العراق والشام» تم جذب قسم كبير منهم وخاصة عند استخدام مصطلح «دولة» والوعود بأن تكون دولة منظّمة بوزارات وهيكلية، ناهيك عن إقناعهم بأن البغدادي هو من نسب «قريشي» وهذا ما يؤهله ليكون خليفة المسلمين في الأرض. وبهذا تم جذب المهاجرين من جبهة النصرة وتمّت السيطرة على منابع الجهاديين في باقي المناطق واستقدامهم إلى سوريا. وأضاف أبو عروة: «نحن لا ننكر أن المهاجرين قد أتوا إلى بلادنا بعاطفة جيّاشة لا يمكن وصفها، عاطفة نصرة الشعب السوري وإعادة أمجاد الدين وإقامة الخلافة الإسلامية، هذه العاطفة هي ما اعتمدت عليه «داعش» كثيرًا في جذب المهاجرين، وبحسب أبي عروة، تقوم الدولة عند قدوم عنصر ما لمبايعتها بأخذ هاتفه وكافة أجهزة التواصل التي بحوزته وتبدأ عملية غسل الدماغ والإبعاد عن الواقع.

  • جيش المجاهدين وتعامله مع الأسرى

وتم نصب حواجز لاعتقال مجاهدي الدولة في شوارع حلب، إلا أن أغلب عناصر التنظيم قاموا بتسليم أنفسهم مباشرة بعد إعطائهم الأمان على أنفسهم ومالهم وسلاحهم، في حين رفض البعض الآخر ذلك فتمت محاصرة مقراتهم أو محاصرة المباني التي لجؤوا إليها، وبعد مفاوضات تطورت إلى اشتباكات خفيفة، قاموا في النهاية بتسليم أنفسهم. وعن تعاملهم مع الأسرى، ذكر أبو عروة مثالًا بعد لجوء أربعة من عناصر الدولة إلى مبنى بريد جسر الحج ومحاصرتهم لعدة ساعات، قام اثنان منهم بتسليم أنفسهما بينما رفض الآخران، واستمرت الاشتباكات معهما بالأسلحة الخفيفة «إلى أن تناهى لأسماعنا فجأة بكاء أطفال في المبنى. وعند الاستفسار تبيّن وجود طفلين من أبناء أحدهما داخل المبنى، فتمّ إعطاء الأوامر بوقف إطلاق النار مباشرة مراعاة لمشاعرهم. وقد رفض الأب عرضنا بإعطائنا الأطفال لإيصالهم إلى منزلهم، فما كان من أحد القادة إلا أن أحضر ابنه وأدخله إلى المبنى وبحوزته طعام وشراب للطفلين، عندها فقط قام العنصران بتسليم نفسيهما إلينا لما رأوا من حسن المعاملة». ومن جهته قال علي الأبرم «نعاملهم معاملة رائعة وكأنهم منّا، ونوفر لهم الطعام والشراب والماء الساخن  والثياب والبطانيات والانترنت».

  • مصير أسرى الدولة

ولدى سؤالنا أبو عروة عن مصير هؤلاء الأسرى أجاب: «سيتمّ الإبقاء عليهم إلى حين الاتفاق على مبادرة صلح، والتي -إن تمّت- ستتضمّن فقرة بخصوص الأسرى، أو قد يتم عقد اتفاقية تبادل أسرى بيننا وبينهم. ويمكن أن يتم ترحيل من يقرر منهم مغادرة البلاد. عمومًا لا توجد حتى الآن رؤية واضحة فيما يخص مصير هؤلاء الأسرى».

  • محاولات لخرط مجاهدي الدولة ضمن صفوف الجيش الحر

وتبقى مهمة جذب المقاتلين في تنظيم الدولة ممن هم على جبهات القتال وضمهم إلى صفوف مقاتلي الجيش الحر المهمة الأصعب في محاولة إيجاد حل لحقن دماء المسلمين. وذكر الناشط ورد فراتي لعنب بلدي عن هذا المشروع «إننا نعمل الآن على صياغة خطابات وترجمتها للغات المهاجرين غير العرب خاصة الشيشانيين. وسوف نقوم بتسجيل هذه الخطابات وبثّها على جبهات القتال لمحاولة التأثير على مهاجري تنظيم الدولة هناك»، وأضاف: «نحن الآن في صدد إجراء مخطط يهدف إلى توعية المهاجرين بأنهم إخواننا وأنه إنما قاتلناهم لأن تنظيمهم بغى وتجبّر وليس لأننا لا نريد شرع الله. فلا بد أن نوضح لهم الوضع السوري المعقد أولًا من حيث أننا نواجه جميع أجهزة استخبارات العالم، وثانيًا أن المسلمين السوريين قد ابتعدوا عن الدين بسبب 40 عامًا من التجهيل المتعمد من قبل النظام وأننا نريد شرع الله، لكن لكل بلد طريقته في فهم هذه العبارة وتطبيقها».

ولعل «مبادرة الأمة» التي أطلقها الشيخ عبدالله المحيسني يوم الخميس، معطيًا مهلة خمسة أيام لتنظيم الدولة وجميع الفصائل الثورية لحل الصراع بين «دولة الإسلام» والجيش الحر، تكون الفرصة الأخيرة-كما يراها كثيرون- خاصة بعد أن سبقتها عدة مبادرات مشابهة، وجميعها طلبت الاحتكام إلى هيئة قضائية محايدة حقنًا للدماء ولكنها كانت دائمًا تقابل بالرفض التام من قبل تنظيم الدولة .

مقالات متعلقة