ثلاثة أطراف تتصارع على قمح الجزيرة السورية

camera icon"حصاد القمح في ريف إدلب في 31 أيار 2015 تصويرخليل أشاوي "رويترز

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – مراد عبد الجليل

تشهد منطقة الجزيرة شمال شرق سوريا صراعًا أُطلق عليه “معركة القمح”، وهو لا يقلّ أهمية عن المعركة التي تخوضها الأطراف المتصارعة في المنطقة.

وتحرّكت حكومة النظام السوري في مدينة الحسكة لشراء محصول القمح من الفلاحين لموسم 2017، بالتزامن مع تحركات الإدارة الذاتية لرفد مخزونها من المادة الاستراتيجية، إلى جانب تجار السوق الحرة الذين يقدمون إغراءات مالية للفلاح لبيعهم المحصول.

الحسكة خزان استراتيجي بالنسبة للنظام

محافظة الحسكة تعتبر خزان المادة الاستراتيجية بالنسبة لسوريا، إذ كانت تسهم وحدها بنحو 36% من إنتاج القمح في سوريا، بحسب الخارطة الاستثمارية الزراعية في وزارة الزراعة في حكومة النظام السوري 2007.

ولأهمية المحافظة في رفد صوامع النظام السوري بالقمح، ترأس وزير التجارة وحماية المستهلك في حكومة النظام، عبد الله الغربي، الأسبوع الماضي، وفدًا حكوميًا إلى المدينة من أجل ضمان تسويق المحصول وشرائه من الفلاحين.

حكومة النظام خصصت مبلغًا قدره 80 مليار ليرة سورية، لشراء القمح من الفلاحين في كل سوريا، وتوفير 13 مليون كيس خيش، كما رفعت سعر شراء كيلو القمح الطري والقاسي من 125 ليرة إلى 140 ليرة سورية، وسعر شراء كيلو الشعير إلى 110 ليرات.

وتوقعت مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي التابعة لحكومة النظام، أن يتجاوز إنتاج القمح في الحسكة للموسم الجاري 600 ألف طن، بعد أن كان في 2007 مليون و471 ألف طن، بمساحة قدرت بـ 396500 هكتار بعد أن كانت في 2007 تبلغ 663086 هكتارًا.

كما توقع مدير فرع حبوب القامشلي، عبيدة العلي، بحسب وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، 23 أيار، استلام كمية من القمح تتراوح بين 300 و350 ألف طن في مركز الثروة الحيوانية وصوامع جرمز بمدينة القامشلي.

ووعد العلي ألا يتجاوز موعد صرف قيم فواتير الحبوب يومين من تسليم الإنتاج، لتشجيع المنتجين لتسويق كامل محصولهم من الأقماح.

الإدارة الذاتية تنافس على شراء القمح

الإدارة الذاتية المعلنة في المناطق التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” دخلت على خط المنافسة لشراء القمح من الفلاحين للموسم الأول، بحسب ما قالته المديرة العامة للزراعة في هيئة الاقتصاد بمقاطعة الجزيرة، زوزان حسن، التي أكدت لعنب بلدي أنها “السنة الأولى التي نشتري فيها القمح، وسيحفظ المحصول في عدة مستودعات في مناطق ديرك والقامشلي والدرباسية”.

حسن أوضحت أن الهيئة الاقتصادية حدّدت شراء 200 ألف طن قمح من الفلاحين، الأمر الذي سيجعل مناطق مقاطعة الجزيرة مكتفية ذاتيًا من القمح.

وأشارت المسؤولة إلى أن سعر شراء كيلو القمح من الفلاحين قيد المناقشة ولم يحدد حتى الآن، وسط تقديم منح للمزارعين مثل المازوت للري والحصاد إضافة إلى السماد والبذار.

عرضٌ مغر من تجار السوق الحرة

إلى جانب النظام والإدارة الذاتية، ظهر التجار الذين يعملون في السوق الحرة، ويسعون لشراء القمح للمتاجرة به عن طريق تصديره إلى كردستان العراق أو إعادة بيعه للنظام.

وقال شادي حسين أحد تجار القمح لعنب بلدي إن التجار كانوا في السنوات الماضية يشترون كميات كبيرة من القمح من المزارعين، ويخزنونه في مستودعات على أطراف المدينة، لتصديره إلى العراق، لكن بسبب وجود حواجز ضمن المدينة، لم يعد بمقدورهم الوصول إلى بعض القرى ما أدى إلى انخفاض كميات الشراء.

وأضاف التاجر أن “التجار كانوا يصدّرون القمح إلى كردستان العراق العام الماضي، بعد شرائه من الفلاح بسبب فارق الأسعار الكبير، إذ يباع سعر الكيلو في العراق بالعملة الصعبة (الدولار)”، وتبلغ قيمته بالليرة السورية 350 أو 400 ليرة.

لكن التصدير إلى العراق صعب الموسم الحالي، بحسب شادي حسين، بسبب وجود سلطة وجهات مختصة في المدينة لا يمكن تجاوزها وهي تمنع التصدير، إضافة إلى حاجة المنطقة إلى القمح بعد انخفاض المساحات المزروعة بسبب توجه الفلاحين إلى زراعة المحاصيل العطرية لارتفاع تكاليف القمح.

حسين أكد أنه إلى جانب التصدير للعراق باع التجار، العام الماضي، القمح للنظام السوري دون علم الإدارة الذاتية.

وحول الإغراءات المقدمة للفلاحين، أشار حسين إلى أن الإغراء الوحيد هو الدفع النقدي لسعر القمح، لأن الفلاح عندما يورد محصوله إلى النظام تتأخر فاتورة محصوله شهرًا أو شهرين، ما يؤدي إلى تفضيل بيع المحصول إلى التاجر وإن كان بسعر أقل.

نبيع لمن يدفع أكثر

من جهته اعتبر الفلاح فايز محمد أن أسعار شراء القمح ليست جيدة، وأقل من الوسط لهذا الموسم، خاصة في ظل تعرض المحصول في بعض المناطق لظروف مناخية سيئة، بسبب تأخر هطول الأمطار في بداية فصل الشتاء ما أدى إلى تضرر الموسم.

وحول عروض الشراء والبيع، أكد فايز محمد لعنب بلدي أنه سيبيع محصوله لمن يقدم سعرًا أعلى من قبل الأطراف الثلاثة، مشيرًا إلى جوّ من حرية البيع في المنطقة، وغياب التهديدات من الجهات التي ستشتري المحصول.

الحرب المستمرة والمتغيرات المناخية حولا سوريا من الاكتفاء الذاتي بمادة القمح الاستراتيجية إلى مستورد لها، فبعد أن بلغ محصول سوريا من القمح خلال 2011 نحو 3.4 مليون طن، تراجع الإنتاج إلى 1.7 مليون طن العام الماضي، بحسب إحصاءات حكومة النظام.

في حين تقدر منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة المحصول بـ 1.3 مليون طن فقط، بنسبة انخفاض 55%.، ما دفع حكومة النظام السوري إلى البحث عن بدائل من أجل توفير القمح، فتعاقدت مع روسيا، التي تتصدر قائمة مصدّري القمح العالميين، لشراء آلاف الأطنان.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة