الأطباء مهاجرون ومتقاعدون والمستشفيات مغلقة ومشلولة

تدن كبير للخدمات الطبية في درعا المحطة

camera iconمنظومة اسعاف الهلال الأحمر في درعا المحطة.

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – درعا

رغم أن وسائل التواصل الاجتماعي تعج يوميًا بشكاوى الأهالي في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، من تردي الخدمات وارتفاع الأسعار، فضلًا عن حملات الاعتقال والتجنيد الإلزامي، إلا أن إعلامه يجتهد بشكل مستمر، محاولًا تصوير الحياة الطبيعية وحالة الرخاء التي يعيشها الأهالي هناك.

مع تراجع تغطية “إعلام الثورة” للواقع الخدمي في مناطق سيطرة النظام، يخيّل لغير المتابع أن مناطقه تعيش ظروفًا أفضل مما هي عليه في مناطق المعارضة، لكن الحال في درعا المحطة بمدينة درعا ليس كذلك.

فالأحياء القليلة التي مازالت تحت سيطرة قوات الأسد في درعا المحطة، تعيش حالة توتر عسكري متواصل، تصاعدت خلال الأشهر الماضية مع بدء قوات المعارضة معركة “الموت ولا المذلة” في أحياء درعا البلد، لتكشف هذه المعركة عن معاناة كانت غائبة عن الإعلام، ويتضح أن المشافي الرئيسية في درعا المحطة تعاني من تراجع حاد في الخدمات الطبية المقدمة للمرضى والمصابين، وسط عجز مَن تبقى من أطباء عن تقديم الخدمات الطبية.

شحّ في أطباء درعا المحطة

تحدثت عنب بلدي إلى أحد الأطباء العاملين في درعا المحطة، وأوضح أن المجال الطبي في محافظة درعا عمومًا تعرض لـ “نكسة كبيرة” بخسارة مئات الأطباء، مضيفًا: “قبل عدة سنوات كانت مدينة درعا من أكثر المدن التي تشهد ارتفاعًا في أعداد الأطباء ومن جميع الاختصاصات، واليوم تبقى عدد قليل جدًا، نتيجة هجرة أعداد كبيرة”.

أما العدد القليل الذي تبقى، فهو في نقصان مستمر، أضاف الطبيب: “خلال السنوات الأربع الماضية لم تشهد درعا المحطة انضمام أي طبيب شاب إليها، فالأطباء الجدد يختارون بدء حياتهم العملية خارج سوريا، أو في مناطق سيطرة المعارضة، هربًا من ملاحقات التجنيد الإلزامي، ولذلك فنحن كل عام نخسر عددًا إضافيًا من الأطباء الذي يصلون لسن التقاعد، دون تعويضهم بأطباء جدد”.

وذكر الطبيب مثالًا عن التناقص الحاد بأعداد الأطباء، وقال “قبل انطلاق الثورة كان في درعا المحطة لوحدها أكثر من تسعة أطباء مختصين بالتخدير، أما اليوم فيوجد طبيب واحد فقط”.

القطاع الخاص مغلق و”الوطني” بمستوى العيادات

المستشفيات العامة والخاصة لم تكن أفضل حالًا من أطبائها، فقد شهدت درعا المحطة إغلاق عدد من المستشفيات الخاصة، يقول الطبيب: “تم إغلاق مستشفى الشفاء بعد هجرة القائمين عليها، وتم إغلاق مستشفى الرحمة بقرار من النظام، وكلاهما من المستشفيات الخاصة الرئيسية”.

أما مستشفى درعا الوطني، التي كانت تعتبر من أبرز المراكز الطبية العامة في الجنوب السوري عمومًا، فرغم أنها مازالت تقدم الخدمات حتى اليوم، إلا أنها “شبه مشلولة”، وفقًا للطبيب، وأضاف “تعرضت المستشفى لدمار واسع نتيجة المعارك التي وصلت إليها، وتم لاحقًا إعادة ترميمها وافتتاحها، ولكن المنطقة المحيطة بالمشفى مازالت منطقة عسكرية، لذلك هناك انخفاض كبير في أعداد المراجعين”.

ووفقًا للتقديرات التي قدمها الطبيب، فإن عدد مراجعي المستشفى الوطني لا يتجاوز 5% من عدد المراجعين قبل انطلاق الثورة.

الخدمات الطبية في درعا المحطة باتت تعتبر، بحسب الطبيب، من مستوى خدمات العيادات والمراكز الصحية، ولا ترقى لمستوى خدمات المستشفيات، “نحن نقدم خدمات العيادات والإصابات الخفيفة والعمليات الباردة، أما العمليات الساخنة والعناية المشددة، فتفتقد إلى الإمكانيات والأدوية وإلى كثير من التجهيزات اللازمة، لذلك لا يكون أمامنا حل إلا بإرسال المريض لتلقي العلاج في مستشفيات دمشق من خلال سيارات الهلال الأحمر”.

ورغم الدعم الدولي والإمكانيات الكبيرة المسخّرة لصالح الهلال الأحمر العربي السوري، إلا أن دوره يبقى محدودًا، وأضاف الطبيب “منظومة الهلال الأحمر لا تغير كثيرًا في الواقع الطبي، عملهم يقتصر على تقديم الإسعافات الأولية ونقل المرضى والجرحى”.

ونتيجة الأضرار التي لحقت بمنظومات الإسعاف في درعا، خرجت المنظومة التابعة لمديرية صحة درعا عن العمل، ليحل الهلال الأحمر كبديل عنها، بالإضافة للأنشطة والخدمات الإنسانية التي يقدمها “الهلال”، الذي يقتصر وجوده في درعا على مناطق سيطرة النظام السوري.

علي المحاميد، عيسى عجاج، كاظم أبازيد، وعادل الحصان، أسماء أطباء عملوا في درعا المحطة، جمعتهم مهنة واحدة، ثم لبوا نداء واجبهم الإنساني في علاج الجرحى من المتظاهرين في بدايات الثورة السورية، ليجمعهم في النهاية لقب “الشهيد”، بعدما قتلتهم قوات الأسد بحوادث مختلفة، انتقامًا من نشاطاتهم الطبية في الثورة السورية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة