الشاطر أوباما

tag icon ع ع ع

أحمد الشامي

في حديثه اﻷخير صرح السيد «أوباما»: «إننا نربح في سوريا… فهناك يتورط اﻹيرانيون ويدفعون المليارات دعمًا لنظام مكروه وها هو حزب الله يدفع أثمانًا غالية لتدخله في سوريا ولن يعود ليعادينا، اﻹيرانيون وحزبهم اللبناني دخلوا في مستنقع لن يخرجوا منه بسهولة». كان بمقدور «أوباما» أن يضيف «بوتين» الذي ظهر على حقيقته كمجرم وقاتل، إلى لائحة الخاسرين في سوريا.

هذا الاعتراف يؤكد ما توجسنا منه منذ البداية وهو أن «أوباما» قد اختار ممارسة السياسة بعقلية «الفلهوي» بعدما تعامل «بوش الابن» مع السياسة بعقلية «الكاوبوي».. المشكلة هي أن أمريكا ليست دولة عادية، بل هي الدولة اﻷعظم مما يحملها مسؤوليات جسام تجاه الجنس البشري كله.

صحيح أننا كسوريين نتحمل الكثير من المسؤولية لتخاذلنا عن مواجهة عصابة اﻷسد وفضحها، ثم لخضوعنا لممارسات اﻷفّاق اﻷب ثم ابنه. لنتذكر صمت مثقفينا على تطييف الجيش والمجتمع السوري وسكوتنا على مجزرة حماة.

حتى اليوم، مازلنا متفرقين ونتساهل مع مجموعة من المرتزقة المتسلبطين على مواقع القرار في المعارضة ويكتفي الكثيرون منا «بالدعاء على اﻷسد» بدل مواجهته وحرق اﻷرض تحت أقدام عصابته.

مع ذلك، هذا لا يبرر المجزرة، فالعالم ليس غابة يأكل القوي فيها الضعيف.

حالة كهذه كانت هي السائدة زمن «عصبة اﻷمم» حين توزع العالم بين وحوش (ستالين، هتلر، موسوليني وفرانكو) وصعاليك مثل «دالاديه» و «تشامبرلين». مجزرة الحرب العالمية الثانية كانت نتيجة مباشرة لسياسة «الشطارة والفلهوية» التي مارسها الغرب.

حين عاد «تشامبرلين» الذي تنازل عن كل شيء لهتلر «من أجل السلام…» من ميونيخ عام 1938 كان مسرورًا «بشطارته التي أدت لتجنب الحرب»، وقتها رد عليه «تشرشل»: لقد اخترت العار لتجنب الحرب، لكنك ستحصل على العار والحرب معًا…».

الدولة العظمى لا تكون كذلك لمجرد ضخامة جيشها واقتصادها، لكن العظمة هي على قدر المسؤولية واﻷخلاق، ليس هناك مايبرر للرئيس اﻷمريكي أن يجعل من السوريين اﻷبرياء وقودًا لانتقامه من إيران وروسيا، بدل أن يتحمل مسؤولياته كزعيم للعالم المتحضر.

بين «اﻷزعر بوتين» و «الشاطر أوباما» تسير البشرية، وليس فقط السوريون، إلى المجهول.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة