ديما الدهوك.. مُقعدة سوريّة بطلة “كندا المفتوحة” للطاولة

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – رهام الأسعد

“أمنيتي أن ألعب الرياضة منذ أن كنت صغيرة، إلا أن ظروف الإعاقة وعقلية المجتمع الرجعية حول المعاقين كانت تقف ضدي”، تقولها ديما الدهوك متحديةً عادات وتقاليد وصفتها بـ “المتخلفة”، مكللةً تحديها ببطولات محلية ودولية كان آخرها بطولة كندا المفتوحة لكرة الطاولة.

“ذهبية وفضية” نصيب الفتاة الوحيدة

تُوّجت السورية ديما الدهوك، من كرسيها المتحرك، بميدالية ذهبية وأخرى فضية في بطولة كندا المفتوحة لكرة الطاولة، والتي أُعلنت نتائجها في 14 تموز الجاري، في مدينة هاميلتون الكندية.

واستطاعت، رغم أنها الفتاة الوحيدة المشاركة في البطولة الدولية، الحصول على المركز الأول في زوجي كرة الطاولة بمشاركة بطل كندا السابق، والمركز الثاني في الفردي بثلاث مجموعات لاثنتين، لتفوز بميدالتين ذهبية وفضية متفوقةً على 12 لاعبًا مشاركًا من مختلف الجنسيات في دوري الفردي، وستة فرق مشاركة في دوري الزوجي.

ديما قالت لعنب بلدي إنها حققت مراكز متقدمة في البطولة رغم أنها لم تتلقَّ التدريب الكافي قبل البطولة، مرجعةً الأمر إلى عدم وجود نادٍ رياضي في المنطقة التي تسكن فيها، بالإضافة إلى كونها حديثة العهد في كندا التي وصلتها قبل أربعة أشهر.

ونوهت ديما إلى أنها تلقى معاملة “ممتازة” في كندا، مع وجود تسهيلات وتجهيزات خاصة بذوي الاحيتاجات الخاصة، وتضيف “نُعامَل هنا معاملة المواطنين الكنديين، والشعب الكندي لطيف جدًا ولا يعاملنا على أننا لاجئون”.

بطلة سوريا لعشر سنوات

بدأت ديما ذات الـ 32 عامًا مسيرتها الرياضية عام 2005 في نادي الأمل الرياضي للمعاقين، رافضةً أعراف المجتمع والعقلية السائدة بأن “المعاق عاجز عن فعل أي شيء”، حسب ما قالت، وتابعت “كانت أمنيتي أن ألعب الرياضة منذ أن كنت صغيرة، إلا أن ظروف الإعاقة وعقلية المجتمع الرجعية حول المعاقين كانت تقف ضدي”.

ورغم إصابتها بشلل نصفي منذ أن كانت في عامها الثالث نتيجة حادث سير تبعه خطأ طبي، استطاعت ديما التفوق في رياضات متعددة مثل القوة البدنية وألعاب القوى وكرة الطاولة التي حازت على ألقاب محلية ودولية فيها.

فمنذ عام 2006 إلى عام 2015 كانت بطلة سوريا في كرة الطاولة على التوالي، كما أنها شاركت في بطولات دولية مثل بطولة لبنان الودية والتي فازت بالمركز الأول فيها رغم أنها السيدة الوحيدة المشاركة، وبطولة عمّان الدولية عام 2012 والتي حصلت على الميدالية البرونزية فيها.

وأرجعت ديما قلة ألقابها الدولية إلى عدم اهتمام الاتحاد الرياضي السوري بلعبة كرة الطاولة بالتحديد، وعدم إتاحته الفرص للمشاركة في بطولات دولية، رغم أنها بطلة لعشر سنوات على المستوى المحلي.

“المعاقون أكثر شريحة تأثرت بالحرب”

غادرت ديما سوريا عام 2015 متجهة نحو تركيا، التي أمضت فيها سنتين تقريبًا قبل وصولها إلى كندا في آذار من العام الجاري، وتأسفت على أن أكثر شريحة تضررت بالنزاعات الدائرة في سوريا هي فئة المعاقين، “مع الأسف، المعاقون كانوا أكثر شريحة تأثرت بالحرب، لم نستطع التأقلم معهم مع غياب وسائل المساعدة التي كنا بحاجتها حقًا”.

توقعت ديما أن تلقى اهتمامًا أكبر في مدينة اسطنبول التركية، إلا أن التسهيلات كانت مقدمة للمعاقين الأتراك، حسب ما قالت، ومع كل محاولة للانخراط في الأندية الرياضية والبطولات التركية كان يُقال لها “مع الأسف أنتم سوريون ولا يوجد سفارة لبلدكم هنا أو مكاتب نظامية للتعاقد معها”.

ركزت ديما، برفقة زوجها المُقعد أيضًا، جل اهتمامها على تدريب اللاجئين السوريين في تركيا من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعرفت على منظمة ادعت أنها ستساعدهم على تكوين فريق كرة سلة وكرة طاولة بإمكانه المشاركة في بطولات محلية، إلا أنها تفاجأت، بعد تطوعها بأشهر، أن المؤسسة لم تحقق لهم أي شيء يذكر سوى “التقاط الصور وإعداد التقارير الإعلامية”.

وأضافت “شعرت أنه تم استغلالنا، وكنا وسيلة لتجمع المؤسسة المال على أكتافنا، دون أن تقدم لنا أبسط ما يمكن، حتى المواصلات المجانية لم تؤمنها لنا”، ما اضطرها إلى الانسحاب هي وزجها من المنظمة.

وبعد انسحابها من المنظمة انضمت ديما إلى فريق أمان التطوعي للخدمات النفسية والاجتماعية في مدينة اسطنبول، وشاركت معه في فعاليات عدة، بالإضافة إلى فعاليات رياضية لدعم المعاقين نفسيًا.

وقالت “ما يفعله أعضاء الفريق مهم جدًا، أبدوا تعاونهم معنا بشكل ملفت وقدموا خدمات نفسية واجتماعية لذوي الاحتياجات الخاصة في تركيا”.

ومع ذلك اعتبرت ديما أنه مع ازدياد أعداد المعاقين نتيجة إصابات الحرب، فإن الدعم المادي أصبح حاجة ملحة إلى جانب الدعم النفسي، خاصة أن المعدات والتجهيزات الخاصة بالمقعدين تكلفتها “تفوق الخيال”.

“أم لطفلين وزوجي هو الداعم”

ديما الدهوك من مواليد عام 1985 وهي متزوجة من المدرّب أسامة جحا الذي تعرفت عليه في أحد الأندية الرياضية وتزوجت منه عام 2009 ورزقا بولدين، هما محمد فارس (7 سنوات) وعبد الرحيم (3 سنوات).

“بعد أن أنجبت طفلَي توقع الجميع أن أترك الرياضة وألتزم البيت، إلا أنه وبفضل الله ودعم زوجي لقدراتي وتشجعيه لي واصلت مشواري الرياضي”، قالت ديما، موضحةً “أنا وزوجي رياضيان لذلك نتفهم بعضنا، خاصة أن الإعاقة كانت رفيقتنا منذ الصغر”.

إلى جانب ديما، شارك زوجها أسامة جحا أيضًا في بطولة كندا المفتوحة محققًا ميدالية فضية في كرة الطاولة، إلا أن مشواره الرياضي بدأ من كرسيه المتحرك، عام 1997، في عالم كرة السلة، التي استمر فيها أربع سنوات قبل الإصابة التي حرمته من اللعب المتواصل، لينتقل إلى القوة البدنية محققًا ألقابًا عدة في بطولة إفريقيا شرق أوسطية عام 2005، بالإضافة إلى مشاركته عام 2014 مع منتخب سوريا في بطولة غرب آسيا لكرة السلة محرزًا المركز الخامس.

وفي عام 2006 التجأ أسامة (34 عامًا) إلى عالم التدريب وتلقى دورات عدة لتدريب المعاقين والأصحاء في مجال القوة البدنية، ليفتتح صالة خاصة به لكمال الأجسام التي تخرج منها أبطال على مستوى الجمهورية، حسب ما قال لعنب بلدي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة