أكاذيب اعادة اعمار سوريا

tag icon ع ع ع

مهند الحاج علي – المدن

كان الأسبوع الماضي حافلاً بالإعلانات الجوفاء. بداية، فُتحت معركة التطبيع بين لبنان الرسمي والنظام السوري على مصراعيها مع مشاركة وزراء لبنانيين في معرض دمشق الدولي رغم اعتراض رئيس الحكومة سعد الحريري. كانت الحُجة الرئيسية للمهرولين إلى دمشق أن على الدولة اللبنانية استعادة علاقاتها السابقة مع النظام السوري بهدف المشاركة الفاعلة في عملية اعادة اعمار المناطق المدمرة، تمهيداً لعودة النازحين اليها.

تزامن ذلك مع نشر وبثّ أكثر من تقرير باللغتين العربية والانكليزية عن دور طرابلس ومرفئها في اعادة إعمار سوريا. كما أعدت شبكة ”سي أن أن“ الأميركية تقريراً عن حياة الرقص والملاهي الليلية ورواد البحر على ساحل اللاذقية، مع التركيز طبعاً على صور النساء ”المودرن“ للقول إن الحياة في سوريا عادت طبيعية.

إنها موجة متناسقة لا فردية، والفُكاهة في التفاصيل. في تقارير استعدادات مدينة طرابلس لقطف ثمار عملية اعادة الاعمار، وردت تفاصيل عن توسيع المرفأ لاستيعاب الطلب. حتى أن مسؤولاً رفيع المستوى في المرفأ يُطلق تصريحات وكأنه خبير مختص في مشاريع اعادة اعمار سوريا. تحتاج العملية، وفقاً له، إلى طاقة استيعابية سنوية بحجم 30 مليون طن من الحاويات. لذا يُخطط مرفأ طرابلس لأخذ حصة معتبرة منها، نظراً لزيادة طاقته الاستيعابية أخيراً وتحديث معداته. وفي هذا السياق، طفت اقتراحات بإعادة تشغيل خط سكك الحديد بين طرابلس وسوريا لإكمال دور المرفأ. كما انتشرت شائعات بأن شركات دولية لم يُعرف إسم أي منها بدأت باستئجار مكاتب لها في طرابلس لتلعب دوراً في اعادة الاعمار انطلاقاً منها. هناك حديث حاسم عن مشاركة طرابلس في اعادة الاعمار، لكن أحداً لا يجيب عن كيفية تحقق ذلك وهوية الدول الممولة أو حتى الشركات الخاصة. حتى الصين التي قيل إنها ستلعب دوراً في إحياء مرفأ طرابلس، لم تُقدم سوى رافعتين ثقيلتين دُفع ثمنهما. ثم لماذا نرى نشاطاً في أي مشاريع تنموية تضمن تطبيعاً مع سوريا دون فوائد اقتصادية مؤكدة، فيما نُهمل قطاعات مثل شبكة الانترنت والسياحة المضمونة الفوائد؟

والمُرجح أن عملية اعادة الإعمار في سوريا لن تكون شاملة بل محدودة وبالتقسيط، ويُديرها القطاع الخاص، وذلك في ترتيبات على غرار سوليدير في وسط بيروت. وهذا يفرض السؤال الآتي: كيف سينتفع الاقتصاد اللبناني من عملية يديرها القطاع الخاص السوري ويعمل فيها سوريون؟ الفائدة الظاهرة حتى الآن ستكون لوجستية ومحصورة ببعض الصفقات الخاصة التي لن تتسرب الى الاقتصاد والدولة اللبنانية.

حتى الوزراء اللبنانيين المشاركين في معرض دمشق الدولي ربطوا زيارتهم بالتمهيد لعملية اعادة الاعمار، لكن أحداً منهم لم يشرح ماهية هذا الدور المرتقب. بحسب وزير الصناعة اللبناني حسين الحاج حسن الذي كان على رأس وفد ضم أيضاً وزيري الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس والزراعة غازي زعيتر، فإن ”المشاركة اللبنانية في معرض دمشق الدولي وفي هذه الظروف، طبيعية وضرورية في الانتصار والفرح، ولنكون معاً في عملية النهوض الاقتصادي اللبناني والسوري وعملية اعادة الاعمار في سوريا“.

بإختصار، قوى الممانعة المنتصرة تُريد بيع الدولة اللبنانية ”السمك في البحر“، كما يقول المثل الشعبي. العتب أن بيننا من يُصدّق.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة