سيدة الفجر.. الجمال وجه من وجوه الحقيقة لـ اليخاندرو كاسونا

tag icon ع ع ع

تصل الزائرة الغريبة إلى القرية التي تدور فيها أحداث مسرحية “سيدة الفجر”، وتضفي جوًا سحريًا حولها أينما وجدت.

تدخل الزائرة إلى منزل كان قد فجع منذ عدة سنوات بفقدان أحد أفراده، وهي البنت الأكبر لعائلة فقيرة ومتواضعة، وقد ماتت في صباح اليوم التالي لعرسها.

لكن ما إن تدور عجلة الأحداث حتى نكتشف بأنها فرّت مع عشيق لها، وتركت زوجها الذي شاهدها بأم عينه محطم القلب، حافظًا لسرها إلى الأبد.

اعتقد أهل القرية أن الفتاة ماتت غرقًا في النهر لأنهم وجدوا شالها فوق مياهه، ولم يشك أحد بأنها هجرت زوجها كونها كانت على سوية أخلاق ستضعها في مصاف القديسين آخر المسرحية.

الزائرة الغريبة لم تكن في حقيقة الأمر سوى تجسيد ذكي من كاتب المسرحية اليخاندرو كاسونا، لشخصية الموت.

من خلال هذه المرأة استطاع الكاتب أن يبرز الصفات الجمالية للموت الذي يأتي باللغة الإسبانية (لغة الكاتب) بصيغة المؤنث.

فهذه الزائرة الجميلة والعطوفة جدًا لديها أزمة في حياتها تتلخص بعدم قدرتها على الاقتراب ممن تحبهم، لأنها ما إن تقترب منهم حتى يموتوا.

وبعد حيرتها الشديدة كونها لم تجد من أتت لترافقه إلى الضفة الأخرى من الحياة، تكتشف نهاية الأمر أنها لم تأتِ إلا لتأخذ تلك الفتاة التي يعتقد سكّان القرية أنها ماتت منذ سنوات.

وخلال احتفال ديني شعبي يستمر حتى الفجر في القرية عادت الفتاة، وقابلت الزائرة التي نصحتها بعدم تشويه الصورة الجميلة التي شكلها الأهالي عنها.

تتردد الفتاة قليلًا بالأمر كون هذه الصورة زائفة، فتقطع الزائرة هذا التردد بجملة غاية في الفلسفة والحكمة، أن الجمال حتى لو كان مزيفًا وجهٌ آخر للحقيقة.

وهكذا تأخذ الفتاة قرارها وتلقي نفسها في النهر، وحين يجدها الأهالي يهتفون بأنها قديسة لأن جثتها عادت في هذ اليوم المقدس بعد سنوات وكأنها ماتت منذ لحظات، وتترسخ صورتها الجميلة بالذاكرة الشعبية.

غالبًا لن يتمكن القارئ من أخذ استراحة أثناء دخوله إلى هذا العالم الحميم والشعبي والحكيم، لا سيما أن أكثر ما يرهب الإنسان، وهو الموت، يتجلى بهذه المسرحية بشكل يدفعك للتعاطف معه، والتصالح مع هذا المصير المجهول الذي ينتظر الإنسان منذ الأزل.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة