رئيس "المجلس المدني" لعنب بلدي: نعمل لسد الفراغ  

ثلاثة مجالس تسوّق نفسها لإدارة دير الزور  

camera iconبوابة محافظة دير الزور - 20 أيلول 2017 (Reuters)

tag icon ع ع ع

أورفة – برهان عثمان

مع تغير خارطة السيطرة في دير الزور، وإسهام الدعم الدولي لبعض الأطراف في منح قوة إضافية ضمن ميزان القوى، وإظهارها على حساب أخرى، برزت ثلاثة تشكيلات إدارية في المحافظة، متمثلة بـ”المجلس المدني” الذي تدعمه “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ومجلس النظام، إلى جانب آخر تديره الحكومة المؤقتة من الخارج.

ووفق المحلل العسكري براء الطه من دير الزور، فإن الفرز الجغرافي للقوى، الذي أصبح واضحًا على أراضي دير الزور، “يشكل دليلًا لا لبس فيه حول طبيعة المكونات التي ستقتسم النفوذ وتشكل الوجه الجديد للمنطقة”.

ويضيف الطه لعنب بلدي إن “قسد” ومن خلفها “مجلس سوريا الديمقراطي” المدعوم دوليًا، وقوات النظام وحلفاءه المدعومين روسيًا، “سيقودان الأطر الإدارية ويفرضان قوانينهما باعتبارهما القوتين الوحيدتين على الأرض”، إلا أن ناشطين من المحافظة يرفضون التسليم بأن الوقائع على الأرض حسمت المنافسة.

وهنا يرى المحلل أنه “قد نصل إلى حالة من الدمج بين بعض الناشطين الموجودين في الخارج والمجالس في الداخل كما حصل في محافظات أخرى، إلا أن الصراع محسوم لمن يوجد داخل الحدود فهو الأقرب الى القوة المحلية”.

انتخبت وزارة الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة، مجلسًا لمحافظة دير الزور بتمثيلٍ نسائي، داخل مقر الحكومة في مدينة غازي عنتاب التركية، 10 آب الماضي، وحضره 28 عضوًا من المجالس المحلية في المحافظة، من أصل 41 شخصًا.

وجرت انتخابات المكتب التنفيذي للمجلس، ونتج عنها فوز 12 عضوًا من ضمنهم رئيس المجلس ونائبه، على أن يخدم حاليًا أبناء المحافظة داخل وخارج سوريا. وقال عضو لجنة الانتخابات مظهر شربجي في حديث سابق لعنب بلدي، إنه ربما يعمل على جمع قاعدة بيانات لأبناء المحافظة في تركيا، ودراسات عن التعليم ومشاريع أخرى داخل سوريا.

شكّل وجهاء وشيوخ عشائر “مجلس دير الزور المدني”، برعاية مجلس المحافظة العسكري و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، 24 أيلول الفائت، بعد اجتماع جرى في قرية أبو خشب شمال غربي المحافظة.

ووضع المجلس ومقره المؤقت بلدة “الجزرة”، على عاتقه إعادة المهجرين إلى المحافظة، وترسيخ وتعزيز اللحمة القوية بين أبنائها على أساس التعاون والتضامن والعمل المنتج لبناء الحياة المستقرة الجديدة، بحسب بيان التأسيس.

يدير النظام المناطق التي تخضع لسيطرته في دير الزور، من خلال مؤسساته الخدمية التي يقول ناشطون إنها تفتقر لتقديم الخدمات الأساسية.

 

“مجلس دير الزور المدني” تشكيل إداري جديد

 يضم المجلس 14 لجنة: المرأة، العدالة، الصلح، الشباب والرياضة، المنظمات والشؤون الإنسانية، الخدمات والبلديات، التربية والتعليم، الآثار والثقافة، الزراعة والثروة الحيوانية، المالية، الأمن الداخلي، الحماية، عوائل الشهداء، ولجنة التنظيم.

“نحن تشكيل اداري يحاول أن يخدم أبناء شعبه خلال هذه المرحلة الحساسة والخطرة التي تخلى فيها الجميع عنا”، يقول غسان يوسف، رئيس “المجلس المدني” في دير الزور، معتبرًا في حديثه لعنب بلدي أن “الفراغ في الداخل فرض تشكيل أجسام تملؤه وتساعد الأهالي على الاستمرار بحياتهم”.

ووفق يوسف فإن “أغلب المجالس التي شكلت في الخارج لا تعرف شيئًا عن أرض الواقع”، إلا أنه يرى أن مجلسه جامع لكل الأطياف المحلية والوطنية، “ورغم إمكانياته القليلة إلا أن أيدينا ممدودة للجميع ولا داعي للنزاع على تشكيل المجالس”.

ويتحدث رئيس المجلس عن ضرورة مساعدة الأهالي في تجاوز الأوضاع الصعبة الحالية، مؤكدًا على “ضرورة تضافر كل الجهود من كافة المكونات”، داعيًا إلى “إعادة الثقة للأهالي بالإدارات المدنية ومساعدتهم على بناء حياتهم، من خلال توفير الخدمات الأساسية وخاصة الصحة والتعليم والكهرباء والماء”.

المجلس دعمته الرئاسة المشتركة لـ”مجلس سوريا الديمقراطي”، و”مجلس دير الزور العسكري”، مؤكدين أنهم سيعملون على حمايته وتسليمه كافة المناطق التي تسيطر عليها “قسد” لإدارة شؤون الأهالي.

“المهمة صعبة”

لا يستطيع أحد إنكار صعوبة إدارة المحافظة في ظل الأوضاع الراهنة، أيًا كان الطرف الذي سيقود العملية الخدمية فيها.

ويقر بذلك رئيس لجنة “العدالة” في “المجلس المدني”، سيد السيد، الذي يقول لعنب بلدي إن “جمع الجهود وتوحيد الصفوف مهمة صعبة وتحتاج عملًا كبيرًا وشاقًا”، مشيرًا إلى أن “مصلحة المواطن يجب أن تكون البوصلة التي ترشد الجميع”.

ويقول السيد إن مستوى التدمير الذي خلفته الحرب “يفوق التصور ويدفعنا لبذل كل جهد ممكن لمساعدة الأهالي”، مضيفًا أن “الدمار والنهب طال المؤسسات القانونية والقضائية، وترتب عليه الكثير من المشاكل والخلافات وربما تستمر لسنوات طويلة”.

تسعى اللجان التي شكلت ضمن المجلس إلى تخفيف الأضرار “من خلال خبرات لإعادة بناء محافظتنا”، وفق رئيس لجنة “العدالة”، نافيًا أن يكون للمجلس هدف آخر، “سنعمل بشكل مستقل وحر تحت مظلة مجلس سوريا الديمقراطي وباستقلالية كاملة”.

ويرى السيد أن أهل دير الزور يجب أن يحكموا محافظتهم ويديروها، لافتًا إلى أن “باب المجلس مفتوح لأي إنسان في بأي وقت طالما هو يرغب بالعمل لتحسين أوضاع الناس في دير الزور”.

مع عمل المجلس يشتكي بعض أعضائه من نقص الإمكانيات المادية ومستلزمات العمل، مبدين قلقهم من “الفكر المتطرف” الذي رزعه تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا، داعين إلى ضرورة “ممارسة الانتخابات الديمقراطية في انتخاب المجالس المدنية”، وهذا ما يعلق عليه السيد بقوله “من حق الناس الشعور بالتهميش بعد احتكار قرار البلد من مجموعات معينة، ونحن مع الديمقراطية وما يقرره الناس نقبل به فنحن جزء منهم”.

بعيدًا عن كل ما سبق، يرى الناشط بكر سعود (24 عامًا) من دير الزور، والمقيم في اسطنبول، أن المحافظة ستقسم إلى قسمين، يدار كل منهما مدنيًا وفقًا للقوة المسيطرة عليه، معتبرًا في حديثه لعنب بلدي أن النظام سيستمر بعمله في مناطق سيطرته، بينما ستخضع مناطق “قسد” لإدارة “المجلس المدني”.

حظوظ المجلس المشكل من قبل الحكومة “ضعيفة”، وفق ناشطين من المحافظة، وخاصة أن المعارضة لا تملك القوة على الأرض، وهذا ما يجعل المنافسة تقتصر على المجلسين السابقين.

سؤال بارز يجول في خواطر أهالي المحافظة مفاده: إلى متى يستمر هذا التقاسم؟ وهذا يتوقف على الدعم الدولي لمجلس “قسد”، وفق بكر، الذي يقول إن القوات الأمريكية تقصف جميع من يقترب من “سوريا الديمقراطية”، وهذا ما بدا واضحًا لدى سيطرة الأخيرة على حقلي “كونيكو” و”الجفرة” للغاز.

ويعتبر بعض الأهالي أنه ربما تدعم الولايات المتحدة مشروع “مجلس سوريا الديمقراطية” في كامل منطقة الجزيرة، ما يدعم استمرار عمل المجلس كهيكل إداري وتنظيمي لفترة طويلة، إلا أن آخرين يرون أن الأمور مفتوحة في ظل التطورات التي تعيشها المحافظة حتى اليوم.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة