حاجة وليست رفاهية

ميكانيكيون يعدّلون السيارات الأوروبية في إدلب

tag icon ع ع ع

إدلب – طارق أبو زياد

عند إقبالك على شراء سيارة، تخطر في بالك مميزات ومواصفات تحدد على أساسها خياراتك، إلا أن الأمر يختلف في إدلب، فمعيار الاختيار الأهم هو توفر قطع الغيار، حتى يستطيع ميكانيكي “مبدع” تجميعها على طلبك.

وبينما يهتم المشتري بقوة محرك السيارة، ينظر أهالي إدلب إلى آلية عمله (ميكانيكي أو كهربائي)، وسط انتشار الوقود المكرر بشكل بدائي، في الشمال السوري.

تنتشر في مدينة إدلب أنواع كثيرة من السيارات، دخلت على مدار السنوات الماضية من معبر باب الهوى وعرفت باسم “السيارات الأوروبية”، وتضم أنواعًا مشهورة عالميًا مثل “بي إم دبليو” و”مرسيدس”، التي لم تكن أعدادها كبيرة في سوريا قبل الثورة.

ولأن هذه السيارات ليس لها قطع غيار ولا تناسب الطرقات في إدلب حاليًا، فقد قام بعض العاملين في مجال الميكانيك بالبحث عن طرق لحل تلك المشكلة.

“قطع الغيار في الصيدلية”

من الطبيعي أن ترى سيارة “جيب شيروكي” تعمل على محرك لسيارة “هوندا ستاريكس” المعروفة بالـ “الفان”، لأن محركها الأساسي يأتي مع مضخة كهربائية لا يمكنها العمل في إدلب، إلا أن ميكانيكيين، ومنهم عبيدة عويد، وجدوا حلًا بتبديل محركها.

ووفق ما يقول عبيدة، الذي يعمل في المنطقة الصناعية بإدلب، فإن الحل الوحيد يكمن في تبديل المحرك، ويُدلل على انتشار قطع غياره، “محرك الفان الكوري تجد له قطع تبديل في الصيدلية والجميع يتقن تصليحه دون أي مشاكل، بينما سيارات فوكس فاكن لن تجد من يصلحها، فمحركاتها وأنواع أخرى معقدة وتحتاج إلى مختصين”.

للأسعار دورها

يعمل عباس خلدون في تجارة السيارات المستعملة في الشمال، ويقول لعنب بلدي إن الأسعار تتوقف على عدة أمور، أبرزها فعاليتها في الظروف الحالية، وإمكانية صيانتها.

يبلغ سعر سيارة “BMW TDS 525” الألمانية قرابة ثلاثة آلاف دولار، ومن الفئة ذاتها يبلغ سعر “KIA RIO” الكورية خمسة آلاف، وفق عباس، ويشير “في إدلب الكوري هو ملك السوق والأوروبي فعليًا هو أردأ الأنواع وأقلها طلبًا”.

حاجة وليست رفاهية

يملك علاء جلمود محلًا لتصليح السيارات في مدينة أريحا، ويقول لعنب بلدي إنه توصل إلى طريقة يمكن من خلالها الاستغناء عن الحساسات الكهربائية في السيارات الأوروبية، بتحويلها إلى الطريقة العادية الميكانيكية.

ويوضح علاء “تأتي السيارات التي تعمل بمحرك كهربائي بنوعين: الأول تكون فيه المضخة فقط كهربائية وبقية الأجزاء ميكانيكية، وهذه تحويلها أسهل، من خلال تعديل المضخة اعتمادًا على أنواع مشابهة لها من شركات أخرى”.

أما النوع الثاني، حين يأتي المحرك بمضخة وبخاخات كهربائية، “وهذه لا يمكن تحويل كافة أنواعها، بحكم نظام وقودها المتكامل، الذي يصعب تعديله”.

لا يقتصر تعديل السيارات على تغيير المحرك أو المضخة، بل يعمل الميكانيكيون على تغيير تفاصيل أخرى، ويلفت علاء إلى أن “المشاكل لا تقتصر على المحرك فهي موجود في أي جزء من السيارات التي لا تتوفر لها قطع غيار”.

“سيارة مازدا طقم الدوزان فيها هوندا”، يطرح الميكانيكي مثالًا، موضحًا “هناك سيارات تعاني من مشاكل، وهذه تستبدل كافة القطع فيها بطقم كامل من الأنواع المعروفة وغالبًا تكون كورية”.

كل شيء ممكن في عالم السيارات، وفق علاء، الذي يقول إن الجميع يعملون من مبدأ “الحاجة أم الاختراع”، وليس نوعًا من الرفاهية، مردفًا “إذا بدك سيارتك تمشي فك راس هي وحطه لهديك”.
يرى عبد الكريم لاروزي من ريف إدلب الجنوبي أن تعديل السيارة “لن يكون مجديًا على المدى الطويل”، معتبرًا أن المحركات الصغيرة لا تتناسب مع السيارات الكبيرة والعكس صحيح.

“من الذل لسيارة ميرسيدس تبهر الناظر من الخارج أن تحتوي محركًا لا يعمل بنصف قوة محركها الأساسي”، من وجهة نظر عبد الكريم، ويقول لعنب بلدي إن المحرك البديل “يتعرض للتلف بعد فترة قصيرة وهذا الأمر يعتبر مضيعة للمال والجهد”.

تعديل السيارات المستوردة ليس عملًا مبتكرًا، لكنه اليوم في إدلب لم يعد بهدف الرفاهية، بل يسعى أصحاب السيارات من خلاله إلى امتلاك وسيلة نقل رخيصة التكاليف وقليلة المتاعب.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة