متلازمة غيلان باريه.. مرض نادر بدأ بالانتشار في سوريا

متلازمة غيلان باريه
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

شهدت سوريا خلال السنوات الأخيرة انتشار العديد من الأوبئة التي لم يكن السوريون يسمعون بها من قبل، ويعود ذلك لتدهور ظروف الصحة العامة نتيجة الحصار الذي فرضه النظام على بعض المدن والبلدات، وكذلك تراجع الخدمات الصحية حتى في أماكن سيطرة النظام بسبب ظروف الحرب.

وظهر مؤخرًا مرض “متلازمة غيلان باريه”، وبدأ يزداد بشكل سريع، لا سيما بين الأطفال في منطقتي ريف دمشق والساحل السوري، ولأن هذا المرض قد يودي بحياة المصاب إن لم يعالج كان لا بد لنا أن نعرف به وبأعراضه وطرق تشخيصه وعلاجه.

ما هي متلازمة غيلان باريه

هي اعتلال عصبي متعدد متناظر حاد يصيب الجذور العصبية ثم ينتقل لإصابة الأعصاب المحيطية، يؤدى لشلل في الأجزاء المصابة ثم يمتد لجميع أجزاء الجسم، وفيه يهاجم الجهاز المناعي الأعصاب التي تنقل الرسائل العصبية إلى الدماغ ويتسبب ذلك بتلف غمد الميالين (النخاعين) المحيط بالعصب، لذلك يسمى أيضًا “التهاب الأعصاب الحاد المزيل للنخاعين”، ما يؤدي لاختلال عملية نقل الإشارات العصبية، الضعف العام، الخدران، والشلل الرخو.

يصيب هذا المرض كل الأعمار، ولكن يزداد حدوثه لدى الأطفال، وتقدر مراكز الرصد أن 1-2 من كل 100 ألف شخص يصابون بمتلازمة غيلان باريه حول العالم كل عام.

ما أسباب متلازمة غيلان باريه؟

يعتقد أن هذا المرض هو مرض مناعي ذاتي، إلا أن سبب حدوثه لا يعرف حتى الآن، لكن الأبحاث كشفت عن علاقته ببعض الحالات:

  • الإصابة بالعدوى في الجهاز الهضمي (التهاب الأمعاء بالكامبيلوباكتر) أو الرئتين (بالميكوبلازما) في 60% من الحالات.
  • بعد الإصابة ببعض الالتهابات الفيروسية مثل الإنفلونزا، كوكساكي، إبيشتاين بار، الفيروس المضخم للخلايا، بمدة 1-3 أسابيع.
  • الحمل.
  • بعد الخضوع لعملية جراحية بمدة 1-4 أسابيع.
  • التلقيح (التطعيم).
  • يزداد حدوثه على خلفية الإصابة بـ (اللمفوما، هودجكن، الذأب الحمامي، الإيدز).

ما أعراض وعلامات الإصابة؟

يبدأ المرض باضطراب حسي خفيف في رؤوس أباخس الأصابع ثم يليه ضعف عضلي صاعد يصيب العضلات الباسطات أكثر من العضلات العاطفات المقابلة لها، وعادة ما تظهر علامات الإصابة في الجزء السفلي (الرجلين)، ما يؤدي لعدم اتزان المصاب عند المشي وفقدان القدرة على المشي في الحالات المزمنة، ثم يرتقي خلال أيام أو أسابيع إلى الأجزاء العلوية من الجسم، وبشكل متناظر في شقي الجسم، ويكتمل ذلك خلال شهر تقريبًا.

وقد ينتج عنه شلل كامل للجسم بما في ذلك عضلات الوجه والفم والبلعوم، ما يؤدي لصعوبة تحريك العينين وفقدان القدرة على النطق والكلام وصعوبة مضغ الطعام والبلع، ولكن يلاحظ عدم تأثر عضلات العين الخارجية، أو المصرات (البول والبراز).

وبالفحص السريري يلاحظ ضعف عضلي متناظر بالأطراف، ضعف وجهي وحشي ثنائي الجانب (عند ثلث المرضى تقريبًا)، غياب المنعكسات الوترية، اشتداد المنعكسات البطنية، نقص بالسعة التنفسية الحيوية (وهي تدل على إصابة العضلات التنفسية لذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار حاجة المريض إلى دعم للتهوية)، تسرع بنظم القلب وانخفاض الضغط الشرياني.

كيف تتطور الحالة؟

هناك أنماط متعددة لمتلازمة غيلان باريه: اعتلال الأعصاب المزيل للنخاعين الحاد (AIDP) وهو النمط الأكثر شيوعًا، اعتلال الأعصاب والجذور العديد المزيل للنخاعين المزمن (CIDP)، اعتلال الأعصاب والجذور الدماغي النخاعي المزيل للنخاعين الحاد (متلازمة Fisher (Miller-، الاعتلال العصبي المحوري الحسي-الحركي الحاد (AMSAN)، الاعتلال العصبي المحوري الحركي الحاد (AMAN).

ولكل نمط من هذه الأنماط بعض المميزات، ولكن تطور الحالة المرضية بشكل عام يكون كالتالي:

  • يبدأ المرض بسرعة خلال ساعات أو أسابيع.
  • العلامات المرضية تكون خلال الأسبوع الأول.
  • يستمر تطور المرض لمدة 2-4 أسابيع.
  • فقدان القدرة على المشي عند 60% من المرضى.
  • ضعف الوظيفة التنفسية عند 50% من المرضى حيث يحتاج 25% منهم للتنفس الصناعي.
  • يستمر التحسن خلال فترة زمنية تمتد من ستة أشهر إلى سنتين.
  • يحدث شفاء كامل عند 90% من المرضى.
  • ضعف خفيف يستمر لفترة طويلة عند 35-40% من المرضى.
  • عجز طويل الأمد عند 5-15% من المرضى.
  • الوفاة عند1-5% من المرضى وينجم عادة عن المشاكل التنفسية أو مشاكل القلب.

كيف يتم التشخيص؟

يعتمد التشخيص على القصة المرضية والفحص السريري، كما يمكن تأكيده ببعض الفحوص المخبرية:

  • تحليل السائل الدماغي الشوكي (بالبزل القطني) CSF: يحدث بنهاية الأسبوع الأول من ظهور الأعراض ارتفاع عيار البروتين الكلي والألبومين في السائل الدماغي الشوكي، بدون ارتفاع تعداد الكريات البيض.
  • تخطيط كهربائية العضلات: تظهر علامات زوال النخاعين فيلاحظ تطاول الكمونات البعيدة وبطء في سرعة التوصيل العصبي.

ما طرق علاج متلازمة غيلان باريه؟

في أغلب الحالات (85-90%) يكون الشفاء في مدة تتراوح بين ثلاثة وخمسة أسابيع، ومع أنه لا يتوفر أي علاج قطعي للمرض حتى الآن إلا أن المريض قد يحتاج للعلاج الطبي والعلاج الوظيفي.

العلاج الطبي: معالجة المرض في المستشفى لمراقبة الوظيفة التنفسية ومراقبة القلب، فصد البلازما، تبديل الدم، إعطاء الغاماغلوبولين وريديًا بجرعات عالية.

العلاج الوظيفي: في البداية يركز العلاج الطبيعي على الجهاز التنفسي، للوقاية من تجمع السوائل في الرئة ومنع حدوث ذات الرئة، ولزيادة فعالية الجهاز التنفسي للتخلص من التنفس الصناعي، العلاج الطبيعي لمنع تقرحات الفراش، التدريب على تقنيات البلع للمرضى المصابين بالشلل البلعومي، التدريب على النطق والكلام للمصابين بالشلل الفموي.

وعند استقرار حالة المريض يتم البدء بتمارين تقوية العضلات، وهي أنواع متعددة، منها الحركات الموجبة والتي يقوم بها المريض، والتمارين السالبة والتي يقوم بها المعالج الفيزيائي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة