ماذا وراء “تخفيف التوتر” في الشمال الحمصي؟

camera iconأطفال يجلسون على قارعة الطريق في أحد أحياء الحولة بريف حمص - 25 تموز 2017 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

ريف حمص – مهند البكور

تستمر خروقات قوات الأسد في ريف حمص الشمالي، رغم انضمام المنطقة لاتفاق “تخفيف التوتر” الذي وقع مؤخرًا بوساطة مصرية، وقضى بإنهاء كافة العمليات العسكرية بين الطرفين (النظام والمعارضة).

وشهدت الأيام الماضية قصفًا من الطيران الحربي واستهدافات مدفعية وصاروخية من القرى والحواجز العسكرية الواقعة في محيط الريف الشمالي.

وكانت “هيئة التفاوض” اتفقت مجددًا مع الجانب الروسي، في 4 تشرين الأول الجاري، على وقف إطلاق النار فورًا، وفتح المعابر الإنسانية المقررة والموافق عليها من الطرفين، إضافة إلى تسليم الوفد الروسي ملف المعتقلين، بعد اتفاق شهد خروقات منذ آب الماضي.

حقن مهدئة

التقت عنب بلدي عددًا من الأهالي في مدن تلبيسة والرستن والحولة، واعتبروا أن اتفاق “تخفيف التوتر” عبارة عن “حقن مهدئة” يعطيها الجانب الروسي المفاوض إلى المدنيين والفصائل العسكرية العاملة في المنطقة، كخطوة تلهيهم عن التجهيز لمعارك جديدة ضدّ قوات الأسد.

وبحسب وجهة نظر الشاب عبد الرحمن فإن الاتفاق له إيجابيات وسلبيات، موضحًا أن “الجانب الإيجابي هو الحالة النفسية المستقرة الناتجة عن الهدوء في معظم مناطق شمالي حمص، والتي كانت تعيش في جو من الحرب، وما يرافقها من قصف عنيف بشكل يومي”.

أمّا الجانب السلبي فهو “التشرذم” بين مؤيد للمفاوضات ومعارض لها، إذ “يعمد الجانب الروسي إلى دب الفتنة بين الفصائل والمؤسسات ليحدث ثغرةً تمكنه من التغلغل في المنطقة، باستخدام سياسته الجديدة التي تدرج تحت مسمى هدنة”.

الناشط وائل أبو ريان، وافق حديث الشاب عبد الرحمن، واعتبر أن “الجانب الروسي محتل، ولا يمكن أن يكون حامل سلام، وينظر للمنطقة كما ينظر إليها النظام السوري”، موضحًا أن “غاية الهدنة كسب الحرب بالسياسة من خلال المماطلة في الهدنة، التي أخذت مصطلح تخفيف التوتر”.

وبحسب الناشط فإن “الهدنة الروسية شمالي حمص شبه متوقفة، بسبب وصول روسيا في المفاوضات إلى ملف المعتقلين، والذي يعتبر أبرز الملفات (…) سيكون هذا البند عبارة عن وعود شد ورخي”.

أما بخصوص الوعود التي أُعطيت إلى الجانب المُكلّف بالمفاوضات عن ريف حمص، قال “أبو ريان” إنه لم يطبق منها شيء على الأرض، سواء المعابر الإنسانية أو ضبط الميليشيات المحلية أو الأجنبية.

كما أن روسيا لا تمتلك القرار تجاه ملف المعتقلين، بحسب وجهة نظره، لأن الميليشيات المساندة للنظام السوري هي صاحبة القرار “كونها المسيطر فعليًا”.

ماذا يتضمن الاتفاق؟

في 4 تشرين 2017 الجاري، توصلت هيئة التفاوض في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي إلى اتفاق مع روسيا حول وقف إطلاق النار وفتح المعابر، وقالت الهيئة إن لجنة منها اجتمعت مع الوفد الروسي في معبر الدار الكبيرة.

واتفق الطرفان على وقف إطلاق النار فورًا، والموافقة على فتح المعابر الإنسانية المقررة والموافق عليها من الطرفين، إضافة إلى تسليم الوفد الروسي ملف المعتقلين.

وسلمت لجنة التفاوض الوفد الروسي ملف المعتقلين، الذي تضمن 12174 معتقلًا، وسط تعهد من الروس العمل بجدية على هذا الملف.

وكانت موسكو قدمت عرضًا لفصائل المعارضة في الريف الشمالي لحمص، في آب الماضي، عن طريق المخابرات المصرية بضامن روسي، وذلك عبر تيار “الغد” السوري المتمثل بأحمد الجربا، وعضو الائتلاف السابق عبد السلام النجيب.

الاتفاق يتضمن التأكيد على “وحدة الأراضي السورية وعدم السعي إلى تقسيمها، وعدم التعدي على مناطق السيطرة من قبل جميع الأطراف”، إضافةً إلى العمل على إنشاء لجنة للبحث في أوضاع المعتقلين، لدراسة إخراجهم من قبل جميع الأطراف، على أن يكون الضامن هو الجانب الروسي.

وعقب الاتفاق بين الأطراف، تنشر قوات مراقبة يشكلها عناصر من الشيشان، كما يسمح بدخول المواد الغذائية والمحروقات والبضائع وقطع الغيار من وإلى ريف حمص الشمالي دون التقيد بكمية محددة.

واشترطت موسكو “عدم دعم الفصائل التي تحمل فكر القاعدة”، كما تضمن العرض أن “تكون الإدارة المدنية من ضمن صلاحيات المكاتب المدنية والمجالس المحلية”.

وبموجب العرض يسمح بإدخال مواد البناء للبدء بعملية إعادة الإعمار، بعد تقديم الكمية ودراستها من قبل لجنة مختصة.

لكن عقب الاتفاق شهدت مدن وبلدات ريف حمص انقسامًا حيال العرض الروسي، إذ وافقت بعضها عليه، في حين رفضت أخرى بسبب عدم وجود الضامن التركي.

وفي حديث مع عضو تيار “الغد” ووسيط الاتفاق، عبد السلام النجيب قال لعنب بلدي إن “هيئة التفاوض شمالي حمص أبدت جدية في بداية الاتفاق، إلا أن أحرار الشام والإخوان حاولوا إفشاله، لكنهم لم يستطيعوا”.

لا تحرك على الأرض

بالانتقال إلى الوضع على الأرض قال الناشط محمود الجدعان إن المفاوضات التي تدور حاليًا ماتزال ضبابية حتى الآن، لأن القصف مازال مستمرًا سواء سلاح الجو أو المدفعية الثقيلة.

وعن المعابر الخمسة المقرر افتتاحها في المنطقة، أضاف الناشط أنه “لا يوجد تحرك على الأرض، بينما قالت لجنة المفاوضات إنها تحدثت مع الجانب الروسي بهذا الصدد”.

أما فيما يخص نقاط المراقبة وبقية البنود، فأكد الجدعان أنه “لا وجود لها ومازالت مبادرات تلوح في الأفق، بينما لم تدخل المساعدات الإنسانية المتفق عليها، واقتصرت على بعض المواد الغذائية التي وزعت من قبل الروس عند معبر بلدة الدار الكبيرة في بداية المفاوضات”.

وبحسب الناشط بدأ الأهالي في شمالي حمص يدركون أن “هذه المماطلة هي إبر مهدئة، حتى ينتهي الروس من عملياتهم في مناطق أخرى، لتعود فيما بعد العمليات العسكرية من جديد”.

الشاب كمال بكار اعتبر أن “هدنة” شمالي حمص “مفيدة” للنظام السوري، من خلال استغلالها بنقل عدد لا يستهان به من قواته المتبقية إلى الجبهات الساخنة، وهو مطمئن أن الجبهات وراء ظهره هادئة.

وأوضح أن “الهدنة في ريف حمص الشمالي لن تتم إلا بموافقة الفصائل على فتح أوتوستراد حمص- حماة، وهذا أمر مرفوض من قبل أهالي ريف حمص تمامًا”




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة