نقـل الرقــة يعاني الانهيار، والمدينة شبــه مغلقة

tag icon ع ع ع

سيرين عبد النور – الرقة

لم يكن إعلان تنظيم العراق والشام عن تسيير رحلات أسبوعية إلى الموصل كافيًا لإعادة الحياة إلى قطاع النقل في محافظة الرقة، الذي شهد تدهورًا كبيرًا طال جميع مكوناته وامتد إلى مختلف أنواعه، وشكل أحد أوجه الأزمة الاقتصادية التي تضرب هذه المدينة.

من يزور الرقة لابد أن يلاحظ عربات القطار القديمة التي باتت ملعبًا لبعض الأطفال، هي كل ما تبقى من قطار الرقة بعد بيع عدد من أجزائه على شكل خردة من قبل بعض اللصوص في البداية، ثم تولى عناصر التنظيم إكمال هذه المهمة. فقد تم تفكيك سكة القطار وبيع قطعها، وبخاصة في كل من قرى الحوس والكرامة في ريف الرقة الشرقي. وكان القطار، الذي تصل خطوطه بين ثلاث محافظات (دير الزور والرقة وحلب)، قد توقف بشكل نهائي في الشهر الثامن من العام 2012.

يقول علي العبد الله، سائق تكسي يعمل منذ 10 عشر سنوات في هذه المهنة، “يبدو أن العمل يتماهى مع الجو العام في المدينة، الجميع يلقون باللوم علينا لغلاء سعر التنقل متناسين ما نعانيه من تكاليف البنزين والتصليح”. فأسعار المشتقات النفطية ارتفعت بشكل كبير ليصل سعر البنزين “النظامي” الذي يعد الأكثر استعمالًا إلى 270 ل.س. ولا تزال هناك بعض باصات النقل الداخلي تجول في شوارع الرقة والتي كانت تعود ملكيتها لشركة فيصل زعيان المخلف قبل أن يستولي عليها التنظيم ويشرف على تسييرها.

بعد إغلاق معبر تل أبيض الحدودي، انخفضت حركة تنقل الركاب والبضائع في المدينة، التي تعد محطة أساسية في العبور إلى الجانب التركي. ويبدو كراج البولمان اليوم شبه خالٍ من المسافرين. ويقول محمد العامر، وهو عامل في أحد مكاتب السفريات، “لقد انخفضت رحلات السفر بمعدل 90% وأغلب المكاتب هنا أغلقت فروعها ونقلت آلياتها إلى محافظات أخرى”. وأضاف محمد، الذي يرى أن الرقة باتت شبه معزولة اليوم، “الجميع يتجنبون السفر هذه الأيام مدفوعين بغلاء الأسعار والخوف من التنظيم وممارساته في شوارع المدينة وأحكامه التعسفية”.

ويشكل غلاء الأسعار أهم العوامل التي أثرت على قطاع النقل، فالسفر من الرقة الى حلب بالميكروباص يكلف 1000 ليرة، وإلى دمشق بالبولمان يكلف 2500 ليرة. يضاف إلى ذلك عوامل أخرى منها انخفاض نسبة الأمان أثناء السفر، الذي بات يمتد لمسافات طويلة بسب تغير الطرق، ولساعات طويلة بسبب الحواجز المنتشرة. تقول أم حسن، إحدى المعلمات التي نزحت مع عائلتها من الرقة، والتي تتنقل بين محافظتين لاستلام مرتبها الشهري “أنا مضطرة في كل شهر لأن أدفع 3000 ليرة من راتبي ثمن سفري وعودتي”. ليست مشقة الطريق وحدها ما يرهق أم حسن وغيرها من النساء، فهن مطالبات بوضع النقاب داخل السيارة والسفر برفقة رجل محرم، إضافة إلى الجلوس بشكل معزول وفي آخر الحافلة، ومخالفة أي من هذه الشروط يعرضهن للتوبيخ والتقريع من القائمين على الحواجز. وأشار ناشطون في المدينة إلى العديد من الحوادث التي منعت فيها النساء من السفر، وبخاصة طالبات الجامعة، فسفرهن بحسب ما يُسمع على حواجز التنظيم “حرام” ودراستهن “مكروهة”.

الكثيرون في الرقة ودعوا ترف الحياة السابق وأقبلوا على تقشف قاسٍ طال جميع وجوه حياتهم. تقول أم حسن “أجرة التكسي اليوم تصل إلى 150 ل.س للتنقل بين أحياء المدينة، ويرتفع هذا المبلغ كلما ابتعدت مسافة الطريق دون وجود ضابط للزيادة إلا “ضمير السائق” الذي وصفته “بالغائب دائمًا”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة