tag icon ع ع ع

بعدما شهد المنتخب السوري حالة من الالتفاف الجماهيري بين مؤيدي النظام السوري وبعض المعارضين، استقبل رئيس النظام، بشار الأسد، وفد منتخب كرة القدم في القصر الجمهوري ووقع على صدور اللاعبين باسمه، في 23 تشرين الأول 2017.

وأنهى الأسد الجدل الدائر حول تبعية المنتخب السوري منذ وصوله لمرحلة متقدمة من تصفيات كأس العالم، في 10 تشرين الأول، بوصفه للاعبي المنتخب أنهمقوات رديفة للقوات المسلحة“.

وأعدّ المركز السوري للعدالة والمساءلة تقريرًا مطولًا عن الشروخ العميقة في المجتمع السوري، والتي كشفها تقدم المنتخب إلى هذا المستوى.

 

لماذا يشجع سوريٌ منتخب أستراليا؟

تحدث التقرير عن استغلال النظام السوري للمنتخب من أجل الترويج لدعاية سياسية، لصالح بشار الأسد، مؤكدًا وجود شرط الولاء السياسي المطلق للنظام كمعيار للإقرار بانتماء السوريين إلى وطنهم، وهو ما حول فريق كرة القدم إلى تحدِ جديد بوجه المعارضين.

واستغل النظام السوري تقدم المنتخب للتلاعب بالرأي العام وضرب المعارضين، وهو ما دفع بالعديد من السوريين لتشجيع الفريق الخصم في مباراة ملحق كأس العالم التي جمعت سوريا بأستراليا.

وأشار التقرير إلى إجبار النظام للعديد من أعضاء المنتخب للعب رغمًا عنهم، بعد تهديدهم بإيذاء أفراد من أسرهم أو أصدقائهم المحتجزين، منوهًا إلى أولئك اللاعبين الذين تعرضوا للتعذيب أو القتل أو الاختفاء القسري بسبب آرائهم السياسية، فضلًا عن الذين أرغموا على الظهور إعلاميًا كمؤيدين لرئيس النظام.

وضرب المركز أمثلة عالمية لحالات مشابهة من العراق والصين، بالرغم من أن قواعد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) تنص على أن جميع الاتحادات الأعضاء يجب أن تكون مستقلة وتتجنب أي تدخل سياسي.

وتخلى قائد المنتخب فراس الخطيب عن النظام السوري عام 2012، متعهدًا بعدم اللعب لصالح المنتخب طالما بقي قصف المدنيين مستمرًا من قبل القوات النظامية.

إلا أنه عاد إلى المنتخب العام الجاري، وصرّح لشبكة تلفزيون “ESPN”، أنه خائف ويفضل عدم الحديث عما حصل، لأجله ولأجل عائلته وبلاده.

بينما أشار التقرير إلى أن اللاعب عمر السومة، الذي رفع علم الثورة عام 2012، عاد للمنتخب بصفقة تقضي بالإفراج عن صديقه، الرياضي محمد كنيص، المعتقل منذ العام 2013.

وأكد تقرير المركز على أهمية دور كرة القدم في توحيد وتثقيف ومناصرة القيم الثقافية والإنسانية، واستخدام المنظمات الإنمائية لكرة القدم كمنصة لبرامج المصالحة.

بينما يقوّض النظام السوري قيم هذه الرياضة من خلال تحميلها رسائل سياسية، تؤدي إلى إقصاء المعارضين عن رموز بلادهم الوطنية، مثل المنتخب.

وأكد التقرير على ضرورة إقرار حقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك حرية تبني الآراء السياسية، في المفاوضات الجارية لإيجاد حل لنهاية الصراع.

ويرى المركز أن هذه الإصلاحات يجب على جميع الأطراف السعي لتحقيقها، لا سيما المبعوث الخاص للأمم المتحدة، من أجل ضمان وقف إجراءات النظام المعرقلة للسلم والمصالحة الوطنية.

نشاطات المعارضة الرياضية مقيدة عالميًا

خلال الفترة التي تصدر بها المنتخب السوري عناوين الأخبار، ووسائل التواصل الاجتماعي، تكرر سؤال حول دور المعارضة بتشكيل فرق ومؤسسات رياضية تمثلها بعد مرور سبع سنوات على الثورة.

رئيس الهيئة العامة للرياضة والشباب، ظلال المعلم، أوضح لعنب بلدي أن الهيئة كان لها فرق رياضية، وعملت بشكل مؤسساتي مواز لعمل النظام السوري، ونجحت بتنظيم دوري خلال ستة أشهر، في حين استغرق النظام سنة ونصف لإنهاء الدوري الخاص به.

وبحسب المعلم فإن الهيئة حققت نشاطًا رياضيًا داخليًا قويًا، لكن المنافسات الدولية المعترف بها كانت محظورة عليهم، لأن اللجنة الأولمبية لا تعترف إلا بفرق النظام السوري، وهي حاضرة بكل المنافسات.

يُضاف إلى ذلك رفض اللجنة الأولمبية طلب الانتساب الذي تقدمت به الهيئة، بالرغم من تواصلها مع اللجنة الأولمبية في ألمانيا، التي وعدتها بتحريك الملف، لكن شيئًا من هذا لم يحدث، لصعوبة قبول ملفين من ذات البلد، وليس هناك حدث عالمي سابق مشابه يدعم موقفهم، وهذه آلية متبعة أيضًا في اللجنة العربي واللجنة الآسيوية.

ويعكس هذا التحرك للهيئة الانقسام المجتمعي والمؤسساتي أيضًا، إذ يعني، لو تم التوصل إلى نتائج ملموسة، أن يصبح لسوريا منتخبان يشاركان في البطولات الدولية وعلمان يرفعان لاسمها.

لكنالهيئةتحمّل النظام السوري مسؤولية هذا الانقسام، فمنذ أن وصل حافظ الأسد إلى السلطة، “تحول كل شيء إلى ملاك القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، فلا يوجد أي قطاع مدني، ومنها الرياضة، يمكن أن يدور في فلك آخر، بحسب عروة قنواتي، الناطق باسمالهيئة السورية للرياضة“.

وكتب قنواتي في عمود رأي في العدد 290 من جريدة عنب بلدي، “من الواضح في هيكلية العملية الرياضية داخل منظومة الأسد أنها تبدأ من مكتب الشبيبة والرياضة في القيادة القطرية إلى الاتحاد الرياضي العام الذي تعاقب على قيادته مجموعة من الشخصيات البعثية والعسكرية، كان آخرهم اللواء موفق جمعة، وصولًا إلى الاتحادات الرياضية التي تدار بالعقلية الأمنية وبحسب الولاء للحزب والقائد“.

هذا الأمر كان واضحًا في آخر 15 عامًا، بعضوية اللواء محمد خير سليمان والعقيد أحمد زينو والعميد حسن سويدان والعميد حاتم الغايب في اتحاد كرة القدم.

وأضاف قنواتيأمام هذا المشهد الذي بدأ منذ 20 يومًا واقترب من الانتهاء بتصريحات الشكر للقيادة الحكيمة، أعتقد أن جملة (منتخب السوريين) ستكون موجودة لو أفرغت المعتقلات من الرياضيين المعذبين، ولو أن عائلة الدكتورة رانيا العباسي، البطلة السورية على مستوى العالم العربي في لعبة الشطرنج، خرجت من السجن بعد أعوام من الاعتقال، مؤكدًاأحدث المنتخب انقسامًا في سوريا.. نعم.. وهذا أكيد.. لأن سوريا لم تكن لشعبها يومًا بل كانت ومازالت مزرعة خاصة للمجرمين والفاسدين والقتلة وعلى رأسهم بشار الأسد“.

إصلاح المؤسسات أول خطوة للانتقال السياسي

مدير البحوث والسياسات في منظمة “impunity watch”، حبيب نصار، أوضح لعنب بلدي أنه لا يمكن تحقيق انتقال سياسي في سوريا دون إصلاح المؤسسات، للنهضة بحقوق المواطنين السوريين، كما أنه ضروري لعدم تكرار انتهاكات حقوق الإنسان.

وعلى اعتبار أن البلاد في حالة حرب، فمن الصعب البدء بإصلاح المؤسسات، لكن المفاوضات هي الباب الذي قد يفتح الطريق باتجاه هذا الهدف.

وفي حال تم الوصول إلى هذه المرحلة، فإن الإصلاح سيشارك فيه كل المواطنين في سوريا بالإضافة إلى المؤسسات والهيئات الوطنية، وبشكل تشاركي، بحيث يبدأ التغيير من أسفل وليس فقط من أعلى الهرم، وفق نصار.

ويحقق المواطنون ذلك من خلال الانتخابات وتنشيط المجتمع المدني، وإيصال صوتهم عن طريق الإعلام والأحزاب السياسية.

وفيما يتعلق بالطريقة التي يمكن من خلالها الضغط لإدراج ملف الإصلاح السياسي في المفاوضات، أوضح نصار أن الجهد الأكبر يقع على المجتمع المدني السوري، من خلال الأبحاث وتدريب وتأهيل أشخاص، لفتح حوار مع الجهات المفاوضة لإدراج ملف إصلاح المؤسسات، والاتفاق معهم على مضمون هذا الملف.

وبخصوص الطريقة التي يستطيع من خلالها المواطنون أداء دورهم في إصلاح المؤسسات، فإن دور المواطن قد يكون مباشرًا، إما من خلال الترشح إلى مناصب معينة، أو من خلال نشاط سياسي أو مدني في جمعيات معينة.

وبموازاة هذه العملية يجب توسيع مساحة المشاركة لضمان مشاركة حرة للمواطنين، مثل احترام حقوق لها علاقة بحرية الرأي، والمشاركة بالانتخابات وضمان نزاهتها، واحترام حق إنشاء الجمعيات.

أشار نصار كذلك إلى جهد المجتمع المدني السوري، المهم جدًا الآن، في عملية وضع دراسات وتقييم عمل المؤسسات، والتفكير بكيفية الإصلاح وإيجاد بدائل لتلك غير الديمقراطية، بالإضافة للجهد الكبير في توثيق الانتهاكات، وكل هذه الجهود ستصب في عملية الإصلاح.

كما يجب العمل على دعم الجهد المبذول في مجال المناصرة، والذي يلعب دورًا مهمًا في دفع قضية إصلاح المؤسسات إلى واجهة الحوار مع المفاوضين، وبالتالي لإدراج الملف في مفاوضات عملية السلام.


أعد هذا الملف من قبل عنب بلدي بالتعاون مع المركز السوري للعدالة والمساءلة

مقالات متعلقة