الأسد "ينتقم" جوًا

معركة “إدارة المركبات”.. اختراق يُخشى من امتصاصه

camera iconمقاتل من حركة أحرار الشام في معركة إدارة المركبات في حرستا في الغوطة الشرقية - 16 تشرين الثاني 2017 (أحرار الشام)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خاص

عادت “إدارة المركبات” في مدينة حرستا، شرقي دمشق، إلى الواجهة الميدانية من جديد بمعركة بدأتها فصائل المعارضة السورية، في 15 تشرين الثاني الجاري، للسيطرة عليها بشكل كامل بعد فشل محاولاتها السابقة، وسط تصعيد جوي مكثف من الطيران الحربي التابع للنظام السوري على الأحياء السكنية للغوطة الشرقية، خلف العشرات من الضحايا والجرحى.

تقدم واسع حققته الفصائل في الساعات الأولى من المعركة، وسيطرت على أجزاء واسعة من “الإدارة”، وبقيت نقطة واحدة لإحكام السيطرة عليها كاملة، وسط تساؤلات عن قدرة الفصائل على تثبيت نقاطها داخلها، أو الانسحاب إلى خطوطها الأولى.

وجاءت التساؤلات على خلفية المشاركة “الجزئية” للفصائل العسكرية العاملة في الغوطة الشرقية، إذ اقتصرت المعارك على حركة “أحرار الشام الإسلامية” فقط، مع مشاركة غير جادة من فصيل “فيلق الرحمن“، الذي تتركز عملياته في مدن وبلدات القطاع الأوسط.

ثلاثة محاور في اتجاه واحد

وحددت “أحرار الشام” أسباب المعركة في بيان نشر عقب المواجهات بيوم واحد، بأنها جاءت على خلفية تفاقم الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية، وتكرر استهدافات قوات الأسد لمدن وبلدات الغوطة الشرقية، وأطلقت على المعركة اسم ”وأنهم ظلموا“.

وقالت إن المعركة حققت مراحلها الأولى بنجاح، على أن يكون الهدف منها السيطرة على إدارة المركبات بالكامل، بالإضافة إلى ”الرحبة 446“ المحاذية لها.

في اليوم الأول من المعركة، الخميس 15 تشرين الثاني، علمت عنب بلدي أن ما تبقى بيد قوات الأسد من الإدارة، هو المعهد الفني الذي يقع شرق منطقة الاشتباكات، وسط محاولات من الفصائل للسيطرة عليه، والذي يحتاج لفتح محور عسكري من جهة مدينة عربين التي تخضع لسيطرة “فيلق الرحمن”.

بدوره استقدم النظام تعزيزات من “الحرس الجمهوري” إلى منطقة الإدارة، ونشر إعلاميون عسكريون صورًا لانتشار قوات الأسد في المنطقة، بينما أشارت مصادر من المنطقة إلى أنه تم سحب بعض العناصر الأساسيين من جبهات حي جوبر وبلدة عين ترما إلى مناطق الاشتباك في إدارة المركبات.

وتواصلت عنب بلدي مع الناطق العسكري باسم “أحرار الشام”، عمر خطاب، وقال إن “الحركة” تفضل عدم التصريح رسميًا لطبيعة المعركة وحساسيتها “ريثما تنجز المهمة”.

كما تحدثت إلى “فيلق الرحمن” للوقوف على تفاصيل مشاركته، إلا أن موفق أبو غسان، مدير المكتب الإعلامي فيه، أرجأ الحديث عن التفاصيل في عدة مرات إلى وقت لاحق.

وفيما يخص التساؤلات عن الفصائل المشاركة بشكل أساسي أشار خطاب إلى أن “أحرار الشام” هي المشاركة فقط، دون الفصائل العاملة في الغوطة، بينما قالت مصادر إعلامية من المنطقة إن “فيلق الرحمن” شارك لبضع ساعات، دون أي عمل رئيسي وفاعل في المنطقة.

نقاط تحتاج للتثبيت على الأوتوستراد

وبحسب خريطة السيطرة الميدانية، يجب أن ترتبط السيطرة على إدارة المركبات، بالسيطرة على حي العجمي والحدائق وحي الجسرين، وإرجاع نفوذ قوات الأسد إلى المنطقة التي تلي عقدة مواصلات حرستا، إلى جانب السيطرة الكاملة على طريق حرستا- عربين.

وتطل الأحياء المذكورة على الإدارة من الجهة الشمالية الغربية، وتعتبر السيطرة عليها تأمينًا ناريًا بشكل كامل، خاصةً أن المسافة الفاصلة بين الأحياء والإدارة لا تتعدى مئات الأمتار.

ويرتبط قطاع مدينة حرستا حاليًا بالقطاع الأوسط من طريق واحد يمر بنفوذ فصيل “جيش الإسلام”.

وتسيطر قوات الأسد والميليشيات المساندة لها على كل من حي العجمي والحدائق والشارع العام وحي الإنتاج، وحي السيل والثانوية، ومنطقتي الكوع والسياسية، إلى جانب طريق مدينة عربين، بينما تسيطر المعارضة على بعض الأحياء والحارات وبساتين حرستا- مسرابا.

وبدأ الهجوم على “إدارة المركبات” من ثلاثة محاور، واعترفت وسائل إعلام النظام بأن مجموعة فجرت نفقًا داخل سور حرم مباني الإدارة وتسللت إليه، ما أدى إلى مقتل عدد من حامية الإدارة.

ونشرت الحركة صورًا لأسلحة وذخائر، قالت إنها استحوذت عليها خلال المعركة، وسط تخوف من قبل ناشطين من اقتحام قوات الأسد لحرستا، في ظل التعزيزات التي وصفت بـ “الكبيرة” إلى المنطقة، وعلى رأسها مقاتلو “الحرس الجمهوري“.

هدفدائمللمعارضة

تقع الإدارة في مثلث “حرستا، عربين، مديرا”، وتمتد على مساحة واسعة تصل إلى نحو أربعة آلاف متر مربع تقريبًا، وتعتبر أكبر ثكنة عسكرية لقوات الأسد في الغوطة الشرقية.

وتتكون الإدارة من ثلاثة أقسام رئيسية: قسم الإدارة ويضم القيادة الرئيسية والمباني الإدارية، والقسم الثاني يضم الرحبة العسكرية “446”، ويعتبر القسم الأكبر مساحة وهو المسؤول عن إصلاح السيارات العسكرية بجميع أنواعها ويقع بين حرستا وعربين.

أما القسم الثالث فهو المعهد الفني الذي يقع بين حرستا وعربين ومديرا، ويعد مسؤولًا عن إصلاح الدبابات العسكرية.

وتوجد في الإدارة أعداد كبيرة من مقاتلي الأسد وخاصة من قوات الحرس الجمهوري، إضافة إلى تسليح بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة وراجمات الصواريخ ومستودعات أسلحة متنوعة.

وتحولت الإدارة بعد سيطرة فصائل المعارضة السورية على الغوطة الشرقية، إلى مركز عمليات ومركز إمداد لعمليات قوات الأسد داخل الغوطة، كما تعتبر المركز الأول المسؤول عن استهداف الغوطة بالقذائف والصواريخ.

ولأهميتها الكبيرة، كانت الإدارة محط أنظار فصائل المعارضة منذ انتقال الثورة إلى العمل المسلح، إذ شهدت هجومًا لـ “الجيش الحر”، في كانون الأول 2012، وتمكن من اقتحامها والسيطرة على مستودعات للذخيرة وخمس دبابات، لكنه لم يستطع السيطرة عليها بشكل كامل.

وفي تشرين الثاني 2013، تمكنت الفصائل من تفجير مبنى الإدارة، بعد وصولها إليه عبر الأنفاق.

وأسفرت العملية عن مقتل 60 عنصرًا، من بينهم اللواء أحمد رستم نائب مدير الإدارة، واللواء محمد حسن رئيس قسم الهندسة في الإدارة، إضافة إلى العميد جوزيف دخل الله والعميد حسن سليمان والعميد غسان عروس.

وفي عام 2015 أطلقت الفصائل عملية عسكرية تحت مسمى “معركة نصرة الزبداني”، سيطرت خلالها على أبنية في المعهد الفني التابع لإدارة المركبات، لكن الغارات المكثفة من الطيران حالت دون السيطرة عليها.

وكانت آخر الاستهدافات التي طالت إدارة المركبات، أواخر كانون الثاني 2017 الجاري، إذ فجرت فصائل المعارضة نفقًا بالقرب من بابها الرئيسي، وقتل حينها اللواء الركن بلال بلال، والعميد الطيار رأفت إبراهيم، وصف الضابط عيسى مهيوب.

74 مدنيًا ضحايا القصف في أربعة أيام

بالتزامن مع المواجهات العسكرية في إدارة المركبات، صعّد الطيران الحربي التابع للنظام السوري قصفه على مدن وبلدات الغوطة الشرقية.

وتركزت الاستهدافات على كل من دوما، حرستا، حمورية، كفربطنا، عربين، الأمر الذي أدى إلى مقتل العشرات من المدنيين بينهم أطفال.

ووفق إحصائية نشرها مركز “الغوطة الإعلامي”، السبت 18 تشرين الثاني، فإن 14 طفلًا وثماني سيدات قتلوا إثر القصف الجوي المركز على مدن وبلدات الغوطة الشرقية.

واستخدمت قوات الأسد خلال الأيام الأربعة الماضية 75 صاروخًا عنقوديًا، وفق إحصائية المركز، إضافة إلى أكثر من ثمانية صواريخ أرض- أرض.

وقصفت قوات الأسد مستودعات المساعدات الإنسانية في مدينة دوما، وذلك بعد ثلاثة أيام من دخولها للغوطة الشرقية لدمشق.

ويأتي القصف في ظل تدهور الأحوال الصحية لقسم من المدنيين نتيجة نقص الغذاء وصعوبة إيصاله إلى المحاصرين داخل الغوطة، إذ يعيش قرابة 350 ألف مدني في الغوطة، حصارًا وصف بـ “الخانق” منذ أسابيع، وسط ارتفاع “جنوني” بأسعار المواد الغذائية وندرتها.

وكانت الغوطة الشرقية انضمت إلى مناطق “تخفيف التوتر”، المتفق عليها في محادثات أستانة بين الدول الضامنة (تركيا وروسيا وإيران).

وتضمن الاتفاق فك الحصار عن الغوطة وإدخال المواد الأساسية، دون أي إعاقات أو ضرائب أو أتاوات، بالإضافة إلى إطلاق سراح الموقوفين والمعتقلين من الأطراف المعنية بهذا الاتفاق، لكن أيًا من ذلك لم يحدث حتى الآن.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة