tag icon ع ع ع

سوريات يرفعن شعار حقوق الإنسان أولًا” 

قبل تسعة أعوام، وحين لم تكن الثورة السورية قد أخذت طريقها إلى شوارع سوريا بعد، كانت ثورة أخرى تغير حياة الناشطة الحقوقية وداد رحال، وتدفعها نحو التغيير المجتمعي.

“رأيت في جمعية رعاية الأحداث أطفالًا يتحملون ما لا يقوى الرجال على حمله”، تتحدث رحال لعنب بلدي عن المشاهدات التي جعلتها على يقين بأهمية العمل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، حين كانت تعمل كعضو في مجلس إدارة الجمعية في الرقة، واصفةً المركز بأنه كان “أشبه بسجن”.

تلك النقلة في أسلوب تفكير وداد رحال، بالإضافة إلى دراستها الأكاديمية في مجال الحقوق، كانتا مفتاح نشاطها بعد الثورة السورية، إذ وسعت نطاق عملها وتحولت إلى ناشطة ميدانية تشارك في معاينة الأوضاع الإنسانية للمتضررين من الحرب على مستويات مختلفة، وتحاول أن تجد السبيل لمنح الناس القوة من أجل كسب حقوقهم.

وتدير رحال اليوم رابطة “الشباب للتنمية الاجتماعية” في مدينة إدلب، كإطار يجمع عددًا من الشبان والشابات بهدف إحداث فرق في الوعي الشبابي السياسي والاجتماعي والثقافي.

الرابطة التي تقوم وداد رحال على إدارتها ليست الوحيدة التي تعمل في مجال حقوق الإنسان، إذ تنشط في محافظة إدلب خمس منظمات قانونية وجمعيات مناصرة، وفق “خريطة المنظمات السورية” في موقع “مؤسسة مواطنون من أجل سوريا”.

كما تنضم منظمات إدلب إلى 53 أخرى، تعمل في نفس المجال ضمن سوريا ومناطق انتشار السوريين في دول الجوار.

وإلى جانب كون النساء ضمن أولوية أغلب المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان على اعتبارهن “فئة مستضعفة”، تحاول بعضها إثبات الحضور في الكوادر التنظيمية والإدارية ولو بأعداد قليلة.

وفق بحث مبني على نتائج مسح معمق نشر العام الجاري (2017) تحت عنوان “منظمات المجتمع المدني السورية الواقع والتحديات”، فإنّ النساء يشغلن اهتمام 261 منظمة من أصل 748 خضعت للدراسة، وتركز أغلب هذه المنظمات على الدعم النفسي والتمكين المجتمعي وتعليم النساء بعض المهن أو الحرف، كما تقدم الخدمات التوعوية والتثقيفية حول حقوق المرأة في المجتمع.

لكن التقرير ذاته يشير إلى أن تمثيل المرأة، وبشكل خاص في المنظمات العاملة في مناطق المعارضة، “منخفض جدًا”، وذلك يثير تساؤلات حول جدية تعامل هذه المنظمات مع قضية المرأة.

ويؤدي انخفاض نسبة تمثيل النساء العاملات في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والعمل المدني إلى صعوبة نقل قضاياهن، المهمة والجوهرية، إلى فكر المنظمات التي يفترض أنها أُنشئت لخدمتهن، فضلًا عن أن ذلك يركّز عبء العمل في مجموعة قليلة من النساء اللاتي أخذن على عاتقهن تحدي العقبات الاجتماعية ونظرة المجتمع.

وداد رحال،
ناشطة حقوقية

أما وداد رحال، فترى أن التغيير الذي يمكن أن تحدثه هذه المنظمات في بنية المجتمع وطريقة تعامله مع قضايا النساء والقضايا الحقوقية العالقة، لا يمكن أن يأتي “في يوم وليلة”، بل يحتاج وقتًا وعملًا.

وتلوم وسائل الإعلام لانشغالها عن تغطية إنجازات الحملات التي تعدها المنظمات في سياق العمل الحقوقي، وهو ما يحول دون تعميم تجارب من المفترض أن تكون ملهمة للجميع.

بعد أن قضت أغلب وقتها في الأعمال الإدارية ضمن المنظمات المعنية بحقوق الإنسان والنشاط الميداني، استطاعت وداد رحال قبل نحو عامين أن تذهب بآمالها إلى مكان أبعد، حيث تمنح النساء فرصة للمشاركة السياسية، وهو ما كان حكرًا لزمن طويل على الرجال.

“في البداية واجهتنا الكثير من الصعوبات في هذا المجال“، تقول رحّال لمراسلة عنب بلدي في إدلب، وتضيف “كأنثى، سيكون من الصعب جدًا عليكِ أن تتحدثي لأول مرة في هذا المجال على نطاق واسع وبين المنظمات الموجودة في المجتمع”.

لكن الأمر اختلف مع مرور نحو ثمانية أشهر على بداية المشروع، وفق ما أكدت، فبعد التعب الكبير بدأت النتائج الإيجابية تظهر، ومنحتها شعورًا قويًا أجبرها على المتابعة.

ورغم أن الساحة السياسية السورية لا تخلو من النساء، إلا أنّ نسب تمثيلهن الحزبي والسياسي تعد ضعيفة بالمقارنة مع الرجال، وهو ما يرتبط بنظرة المجتمع تجاه المرأة، ودرجة الثقة التي يمنحها للسياسية والعاملة في الشأن المدني.

تعتقد وداد رحال أن التغيير التي تمكنت من إحداثه على المستوى الحقوقي خلال تسعة أعوام هو تغيير بسيط ولا يقترب من حجم طموحاتها، لكنها تؤمن أن العمل الجماعي وتكاتف المنظمات لا بد أن يحدث ”فرقًا مهمًا“ على مدى الأعوام المقبلة.

عاملة في منظمة “الهلال الأحمر” في مخيم الزعتري بالأردن 2014 (REUTERS)

خلف اللاجئين.. نساء يدافعهن عن حقوقهم 

أزمة كبيرة شكلتها حركة لجوء السوريين نحو دول مجاورة وأخرى بعيدة، حاملين معهم جراحًا لم يلقوا مداويًا لها في معظم البلدان التي اشتكت أعباءً اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية، تكبدتها بفعل التدفق “غير المسبوق” للسوريين، منذ عام 2011.

وكان لابد للخمسة ملايين لاجئ سوري، المتوزعين في شرق الأرض وغربها، من وجود متحدثين ومتحدثات باسمهم، في محاولة لإقناع العالم باستيعاب كم الهموم التي حملها اللاجئون معهم، وحصد تعاطف تجاه المعاناة التي يمرون بها داخل المخيمات وخارجها.

أسماء نسائية كانت لها بصمة في تحسين صورة اللاجئين، بعد أن شابتها عوامل أثرت على سمعة بعض السوريين في بلاد اللجوء، بفعل اختلاف الثقافات والعادات، فحملت تلك الأسماء على عاتقها مسؤولية نقل الصورة الإيجابية عن اللاجئين، والدفاع عن حقوقهم بموجب القانون الإنساني قبل الدولي.

عنب بلدي تسلط الضوء على عدد من هذه الشخصيات اللاتي يحاولن الدفاع عن حقوق اللاجئين السوريين وحياتهم.

نبال العلو.. “حماية النساء اللاجئات أولوية

“هشاشة وضعف النساء السوريات اللاجئات في لبنان دفعني، بشكل خاص، لمناصرتهن وتوعيتهن بحقوقهن”، تقولها السيدة نبال العلو، ابنة مدينة دير الزور السورية، التي تعمل مسؤولة قسم الحماية في مخيم صبرا وشاتيلا للاجئين السوريين بلبنان.

نبال، التي تخصصت بقسم “حماية النساء”، لم تغفل عن الدفاع عن حقوق الطفل السوري، وكذلك الزوج، إلا أنها، وكما قالت لعنب بلدي، خصصت وقتها الأكبر للنساء في مخيم صبرا وشاتيلا، كون الحرب قلبت الأدوار داخل الأسرة السورية، وأخذت النساء أدوارًا جديدة لم تكن منسوبة لهن، على حد قولها.

فالظروف السيئة التي يعيشها اللاجئون السوريون في لبنان، مع تجاوز عددهم مليون لاجئ سوري، دفعت منظمات المجتمع المدني والدفاع عن حقوق الإنسان إلى النشاط في تلك البيئة، التي تحتضن مشكلات ومعوقات عدة يواجهها السوريون، من انتشار البطالة وسوء الأوضاع القانونية وغلاء المعيشة في البلد الجار.

وترى نبال أنه من الضروري التوعية بالضغوطات والمتغيرات التي طرأت على العائلة السورية، “لأنها غالبًا ما تتحول إلى أمر إشكالي بين الزوجين قد يولد عنفًا ضد الزوجة والأطفال، أصبح معه من الضروري أيضًا التركيز على تقنيات للتعامل مع تلك الضغوطات”.

تأثيرات كبيرة قالت نبال العلو إنها لمستها من خلال تعاملها مع اللاجئات السوريات في لبنان، بعد جلسات توعوية وتثقيفية عدة حثت المرأة السورية من خلالها على عدم الاستسلام لظروف اللجوء، ودعتها للعب أدوار فعالة في المجتمع، رغم ضعف الإمكانيات، مشيرة إلى أن بعضهن استطعن البدء بحياة جديدة بعد كمية من اليأس حملتها إلى المجتمع المستضيف.

وعن الصعوبات، قالت نبال، التي عملت سابقًا في دعم النساء العراقيات اللاجئات إلى سوريا، إن أصعب ما تواجهه هي أنها تشترك مع النساء السوريات بنفس مشاكل الفقد وإحساس العجز والهم، وتابعت “إلا أن تلك المشكلات تساعدني على تفهم وضع السوريات بشكل أفضل”.

آية الجميلي.. ملف المعتقلين المنسيإلى أمريكا

رغم المساعي التي تبذلها في الدفاع عن حقوق اللاجئين السوريين حول العالم، كرست الناشطة السورية آية الجميلي جزءًا كبيرًا من وقتها للحديث عن الملف “المنسي”، ملف المعتقلين والمغيبين قسرًا في سجون النظام السوري.

استثمرت آية، التي تدرس في الولايات المتحدة، كافة المنابر التعليمية والحقوقية التي استطاعت الوقوف عليها للحديث عن معاناة السوريين، والمطالبة بحماية المدنيين وفك الحصار عن المدن السورية، ونظمت تظاهرات واعتصامات عدة في هذا الشأن.

آية الجميلي ناشطة سورية في مجال حقوق اللاجئين السوريين

آية، ابنة مدينة حلب، حازت في 18 تشرين الثاني الماضي على جائزة “صوت الطلبة” من الجامعة الأمريكية في العاصمة واشنطن، وذلك نسبة إلى جهودها في رفع قضية الثورة السورية من خلال المنبر الأكاديمي، وعملها على تجميع قوى مختلفة من الطلاب في الجامعة، حسبما قالت لعنب بلدي.

وخلال الحفل، الذي نظمته مجموعة “No lost Generations” (لا للأجيال الضائعة)، خصصت آية جزءًا من كلمتها للحديث عن فيلم “سوريا أرض الخوف”، الذي وثقت فيه شهادات لمعتقلين سابقين في سجون النظام، من طلاب جامعة حلب ومناطق أخرى في العاصمة السورية دمشق.

تقول آية “حاولت من خلال حديثي عن الفيلم تسليط الضوء على قضية المعتقلين بمختلف أوجهها، والقول إن مصير من تبقى في تلك السجون سيبقى مجهولًا ما لم تتحرك القوى السياسية الدولية والحقوقية للعمل على إنقاذهم من أشد أنواع العذاب”.

وبقيت قضية المعتقلين في سوريا محط جدل في المباحثات والمؤتمرات الدولية الباحثة عن حل سياسي، وسط مطالب بتحييده وإبعاده عن أي تسويات سياسية.

ومع غياب الأرقام الرسمية، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وجود 117 ألف معتقل سوري بالأسماء، إلا أن التقديرات تشير إلى أن العدد يفوق الـ 215 ألف معتقل، 99% منهم موجودون في معتقلات النظام السوري.

وتطرقت آية الجميلي (29 عامًا) في فيلم “سوريا أرض الخوف” إلى قضية اللاجئين والمهجرين قسريًا من منازلهم، حاملة رسالة مفادها أن “اللاجئين لم يختاروا اللجوء، لا يمكن لأحد أن يختار التشرد، بل تم دفعهم لذلك إما خوفًا من الاعتقال والملاحقات الأمنية، أو بسبب الحرب والدمار الذي طال بيوتهم ومدنهم”.

تعتبر آية، التي عملت في الحراك الثوري السلمي داخل مدينتها، أن تقديم الدعم للسوريين داخل وخارج سوريا يبدأ بالمعونات، ولكن يجب ألا ينتهي عندها، مشيرة إلى أن الأهم من ذلك هو إيجاد حل للمشكلات التي تحيج السوريين للإغاثة والدعم المادي.

“ما نحمله على عاتقنا هو المطالبة بحقوق الأشخاص الذين لا يستطيعون إيصال صوتهم للمجتمع الدولي، من قتلى ومعتقلين في الأقبية، خاصة مع تغيب الشارع الغربي عما يحدث في سوريا، ظنًا منه أن المشكلة هي داعش لا الأسد”.

وختمت آية حديثها بالقول إنها ستستمر في الحديث عن حقوق المظلومين في سوريا طالما لديها القدرة على ذلك، وتمنت لو أن الأصوات السورية في بلاد اللجوء تتوحد لإيصال الرسالة بشكل أقوى، ونقل ملف المعتقلين واللاجئين وضحايا الحرب، وبينهم نساء وأطفال، إلى المجتمع الدولي.

ميديا دهير.. “العمل الحقوقي سلاح لمحاربة التطرف” 

وفّر الإرث العائلي للناشطة الحقوقية، ميديا دهير، أساسًا صلبًا تمكنت من الارتكاز عليه فيما بعد لتحدث فرقًا في مجال العمل السياسي والدفاع عن حقوق الإنسان.

ميديا دهير،
ناشطة حقوقية

“كغيري من أبناء وبنات الكرد السوريين انخرطنا في العمل السياسي منذ صغرنا، وذلك كوننا من عائلات تنتمي إلى مختلف التنظيمات السياسية الكردية”، ونتيجة لذلك كان “غالبية الشباب والشابات الكرد يتلقنون قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان كموارد أولية للعمل السياسي” وبالتأكيد، كانت ميديا ضمنهم.

قبل الثورة، عملت ميديا كمدرسة للغة الإنكليزية، كما أسهمت في تحرير إحدى الجرائد الكردية لفترة من الزمن، وهو ما دفعها إلى الاهتمام والتركيز على قضايا حقوق الإنسان وبشكل خاص قضايا المرأة التي كانت “تعاني من اضطهاد ثلاثي، من النظام السوري مرتين كونها كردية وسورية معارضة، ومرة ثالثة من المجتمع كونها امرأة”.

عقب اندلاع الثورة، وفي عام 2012 انخرطت ميديا في صفوف الكتلة الكردية ضمن المجلس الوطني السوري، لكن عملها لم يستمر أكثر من عام انتقلت بعده إلى المشاركة في تأسيس منظمة “التآخي لحقوق الإنسان”، والتي تُعنى بترسيخ قيم المواطنة بغض النظر عن الانتماء السياسي والقومي والديني، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.

أولت ميديا اهتمامها للمرأة السورية والأطفال في الداخل وفي مخيمات وبلدان اللجوء، كما سعت مؤسستها “تآخي” إلى توعية المواطنين العاملين في الحرف والعمال العاديين بحقوقهم، على اعتبار أنهم “الفئات الأكثر تهميشًا من قبل العاملين في المجال المدني والحقوقي”.

ترى ميديا أن عمل منظمة “تآخي” أحدث فرقًا في مجال رفد التحقيقات الدولية بتقارير مهمة عن جرائم الحرب المرتكبة في سوريا، وعلى وجه الخصوص من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية”.

“فخورون أننا أنجزنا نقلة نوعية بأن أعددنا مدربين حقوقيين داخل سوريا بخبرات دولية كبيرة بعد تدريبهم بشكل تخصصي طيلة السنوات الماضية”، تقول ميديا لعنب بلدي، وتضيف “نأمل أن نبدأ العمل في مجالات حقوقية أكثر تخصصًا وننتقل لمرحلة أكثر احترافية مستقبلًا”.

الناشطة ضحية الرجل الناشط

بيان ريحان

يجهل أغلب الناس الوضع الاجتماعي للناشطات داخل سوريا، فالصورة النمطية المتداولة عنهن أن هؤلاء الناشطات نذرن أنفسهن لقضيتهن، ويكاد عملهن يسيطر على معظم أوقاتهن، حتى استحوذ على مفاصل حياتهن بالكامل، وحكم الناس عليهن بأنهن لا يصلحن للحياة إلا من أجل العمل.

تبدأ الناشطة يومها بجدول أعمال مزدحم وتتنقل بشكل سريع بين مهامها ولديها الكثير من الأعباء، حتى إنها تنسى نفسها في زحام اليوم، وخاصة، نحن في الداخل السوري، حيث الأعباء مضاعفة، من تأمين لقمة العيش في ظل ظروف الحرب والحصار القاهرة وبين المسؤولية الكبيرة بتأمين احتياجات الأسرة وإثبات الذات في سوق العمل، فتتضاعف ساعات العمل وتزداد الضغوط.

هنا، توجد ازدواجية في رؤية مجتمعاتنا تجاه هذه المرأة المتفانية، فالمجتمع يعتزّ بها ويعتدّ برأيها ويلجأ إليها في المهمات الصعبة، لكنه يغفل أنها إنسانة ولديها جانب آخر، بعيداً عن العمل، ما ينعكس بأبسط صورة بأن أغلب الرجال يعزفون عن الزواج من الناشطات، ويفضلن اختيار فتيات بعيدات عن العمل، وهذا على اختلاف مشاربهم الفكرية.

فإذا أجرينا مسحًا بيانيًا بسيطًا للرجال العاملين في الثورة، نجد أن نسبة كبيرة منهم فضلوا الزواج من نساء بعيدات عن العمل أو ليس لديهن نشاط ثوري، وبالتالي انخفضت نسبة معدل الزواج بشكل ملحوظ بين الناشطات، ورغم أن انخراطهن في العمل الثوري والاجتماعي كان بقصد التغيير في المجتمع نحو الأفضل، كنّ الضحايا لهذا المجتمع.

لا تُتناول هذه الزاوية إعلاميًا، ولا يحكى عنها، وتقتصر التغطيات على البحث عما أنتجته الناشطات أو الصعوبات التي تواجههن، ولكن من خلال عملي ومعرفتي بالعديد منهن أجزم أنه لا يتجاوز عدد الناشطات المتزوجات داخل سوريا أصابع اليد، رغم امتلاكهن مؤهلات كبيرة علمية وعملية ولديهن القدرة على بناء أسرة وتحمل أعبائها.

بانغلاق المجتمع في ظل الظروف الحالية، أصبحت الناشطة بشكل أو بآخر ضحية، بل هي ضحية الرجل الناشط قبل المجتمع، الذي استنفد قوتها وطاقتها وحرمها من حقها في بناء أسرتها الخاصة.

منظمات سورية.. تدافع عن حقوق الإنسان

مع بداية الحراك السلمي ضد نظام الحكم في سوريا، عام 2011، نشطت منظمات حقوقية محلية تعنى برصد وتوثيق الانتهاكات بحق المدنيين في سوريا، تجاوز عددها العشرات، بفعل كم الانتهاكات التي طالت القانون الإنساني في البلد.

ورغم الإمكانيات المحدودة والمعوقات التي واجهتها تلك المؤسسات، من ضعف خبرات الكوادر وتذبذب الدعم المادي المقدم، بالإضافة إلى التضييق والملاحقات الأمنية، استطاعت وضع بصمة في عالم حقوق الإنسان، وتمكنت من الحديث في المحافل الدولية باسم ضحايا الحرب في سوريا.

إلا أن مساعيها في محاسبة مرتكبي “جرائم حرب” ومتجاوزي حقوق الإنسان في سوريا مازالت قيد التحقيق، بانتظار تحقيق تلك المطالب التي يعيقها باستمرار التخاذل الدولي.

وترصد عنب بلدي عينة من تلك المنظمات التي تعمل داخل سوريا وخارجها، في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، الإنسان السوري حصرًا.

سوريون من أجل الحقيقة والعدالة

تأسست منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، عام 2015، في الولايات المتحدة الأمريكية، وبدأت فكرتها كمبادرة فردية حول إصدار كتاب يحوي قصصًا لناجين من الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري في سوريا.

اتسعت فكرة توثيق قصص المعتقلين في كتاب، لتتجسد في مؤسسة متخصصة، أسسها مجموعة من الناشطين السوريين، ومنهم بسام الأحمد وهاني زيتاني وسيما نصار وغيرهم.

تعرف منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” نفسها على أنها “مؤسسة سورية مستقلة، غير حكومية وغير ربحية،  تعمل من أجل سوريا، التي يتمتع فيها جميع المواطنين والمواطنات بالكرامة والعدالة وحقوق الإنسان المتساوية”.

ومنذ عام 2015، أطلقت المنظمة حملات عدة داخل سوريا وخارجها، وثقت من خلالها الانتهاكات بحق السوريين، ورفعت قضايا المناصرة في المحافل الدولية، وحاولت تسليط الضوء على ملف المعتقلين، الذي يتجاهله المجتمع الدولي في المفاوضات السياسية مع نظام الأسد.

المعهد السوري للعدالة

تأسس “المعهد السوري للعدالة” في الداخل السوري، مع انطلاق الحراك السلمي عام 2011، من قبل مجموعة من المحامين والأكاديميين الكرد المتخصصين بالدفاع عن حقوق الإنسان.

يصدر المعهد تقارير دورية يرصد ويوثق من خلالها انتهاكات حقوق الإنسان، من قبل أي طرف من أطراف النزاع الفاعلة في سوريا، كما يركز عمله على دعم التقارب بين العرب والكرد، خاصة في مدينة حلب التي تحوي مكونات من الطرفين.

كما خصص “المعهد السوري للعدالة” قسمًا من عمله لتوثيق الانتهاكات القائمة على الجنس، بما فيها  الاغتصاب، ونظم في هذا الإطار دورات تدريبية على الإنترنت، حول إعداد مقابلات آمنة و أخلاقية وفعّالة مع الناجيات من العنف الجنسي ، وذلك بالتشارك مع منظمة “شاهد” (Witness).

المركز السوري للدراسات وحقوق الانسان

تأسس “المركز السوري للدراسات وحقوق الإنسان”، عام 2013، على يد مجموعة من المحامين السوريين، ومنهم دياب البرهو يوسف حوران ومثنى ناصر، واتخذ من مدينة حلب مقرًا له، فيما يسعى إلى افتتاح مراكز أخرى في بقية المحافظات السورية.

يركز المركز السوري في كافة التقارير والبحوث الدورية التي يصدرها على مسألة “السلم الأهلي والعدالة الانتقالية”، وكغيره من المنظمات يوثق الانتهاكات بحقوق السوريين، مضيفًا عليها التمهيد والعمل على إنجاح المرحلة التالية لإسقاط نظام الحكم “غير الشرعي” في سوريا.

مركز توثيق الانتهاكات في سوريا

تأسس “مركز توثيق الانتهاكات في سوريا”، في حزيران 2011، لتوثيق الاعتداء على المدنيين واعتقالهم وتعذيبهم خلال المظاهرات السلمية التي رافقت انطلاقة الثورة السورية.

توسع عمله بعد تحول الثورة السورية السلمية إلى نزاع مسلح، ليرصد كافة الجرائم والمجازر المرتكبة ضد السوريين، إلى جانب مطالبة المجتمع الدولي بحماية تلك الحقوق وتعزيزها في ثقافة السوريين.

كما حمل المركز على عاتقه مسؤولية توثيق أسماء  ضحايا النزاع من قتلى ومعتقلين ومفقودين ومخطوفين ومغيبن قسرًا في السجون.

وكان “مركز توثيق الانتهاكات في سوريا” فرعًا من “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” قبل أن يستقل بعد مداهمة مكتبه في دمشق من قبل قوات الأمن السورية، واعتقال 16 موظفًا مؤسسًا للمركز، من بينهم الناشط مازن درويش والمحامية رزان زيتونة والناشطة سميرة خليل و الناشطان ناظم ووائل حمادي.

وفي عام 2015 عين مجلس إدارة المركز الناشط حسام القطلبي مديرًا تنفيذيًا مسؤولًا عن التوجيه الاستراتيجي لمركز توثيق الانتهاكات وعملياته التشغيلية اليومية.

منظمة ماف

نشطت منظمة “ماف” السورية الكردية قبل انطلاق الثورة السورية، وعملت منذ تأسسها عام 2004 على نشر الوعي بحقوق الإنسان عبر ندوات وورش عمل توعوية خاصة بالتعريف عن المعاهدات والمواثيق الدولية.

ومع ارتفاع وتيرة الانتهاكات ضد السوريين بعد عام 2011، تشاركت المنظمة مع ست منظمات حقوقية سورية بتوثيق تلك الانتهاكات، كما عملت في أواخر عام 2013 على إنشاء الفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الإنسان في سوريا، بالاشتراك مع أكثر من 40 منظمة وهيئة حقوقية، يرأسها الناشط محمد خليل أيوب.

مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان

انطلقت أعمال مؤسسة “التآخي”، مطلع عام 2013، بدعم من وزارة الخارجية الدنماركية وبرعاية الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وتعتبر من أوائل منظمات المجتمع المدني التي تفتتح رسميًا في مدينة الحسكة، ثم في القامشلي ورأس العين.

تخصصت المؤسسة في العمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان ورصد انتهاكاتها، وكشف جرائم الحرب المرتكبة في مناطق النزاع في الشرق الأوسط على وجه العموم، وداخل سوريا على وجه الخصوص، رافضة تحول النزاع في سوريا من سلمي إلى مسلح.

تسعى المؤسسة، التي تديرها الناشطة  ميديا دهير، إلى تمكين المرأة حقوقيًا ومهنيًا وسياسيًا، وتعزيز حماية حقوق الطفل، كما تعمل على تشجيع اندماج اللاجئين في المجتمعات المستضيفة.

اللجنة الكردية لحقوق الإنسان (الراصد)

تعرّف “الراصد” نفسها على أنها “تجمع طوعي مدني مستقل، يعمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان ورصد الانتهاكات التي تقع على هذه الحقوق، وتعزيز النضال السياسي والقانوني والمطلبي من أجلها عبر الوسائل السلمية ووفقًا للمعايير الدولية المتبعة”.

أسسها مجموعة من المحامين الكرد، وبينهم المحامية أفين محمود ورديف مصطفى ورضوان سيدو ومسعود كاسو وغيرهم، ويرأس مجلسها حاليًا المحامي سليمان إسماعيل.

شبكة حرّاس

تأسست شبكة “حراس” كمجموعة متخصصة في مجال الدعم النفسي الاجتماعي وحماية الطفل، وبدأت نشاطاتها، في كانون الثاني عام 2012، في مدينة داريا بالقرب من العاصمة السورية دمشق، بهدف رفع سوية الوعي بحقوق الطفل ورعاية مصالحه في المجتمع.

شاركت شبكة “حرّاس” في العديد من الحملات التي نددت بالانتهاكات بحقوق السوريين، وكان لها بصمة في الحملات ضد التهجير القسري للسوريين من مدنهم وقراهم، على يد النظام السوري.

تنشط الشبكة في كافة المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، ولها فرع في مدينة غازي عنتاب السورية، ويديرها مجموعة من الناشطين والمختصين بالدعم النفسي للأطفال، من بينهم أحمد عرفات ورياض النجم.

المركز السوري للإحصاء والبحوث

بدأ “المركز السوري للإحصاء والبحوث” نشاطاته المسحية والإحصائية، في آب 2011، بموجب ترخيص من المحكمة الألمانية في ولاية نوردراين فيستفالهن، وتخصص برصد المتغيرات التي طرأت على المجتمع السوري، بهدف نقل صورة توضيحية للعالم الخارجي.

يضم المركز أكثر من 120 عضوًا في كادر يشمل باحثين وجامعي معلومات ميدانيين، يعملون على توثيق أعداد وأسماء ضحايا الحرب في سوريا، بالشراكة مع “جمعية الحقوق السورية” و”اتحاد المحامين السوريين الأحرار“.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان

تصدر “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، منذ تأسسها في حزيران 2011، تقارير شهرية توثق من خلالها الانتهاكات ضد الشعب السوري، وتعتبر جهة ذات مصداقية عالية للحصول على الإحصائيات حول عدد القتلى والمعتقلين والمغيبين قسرًا في سوريا، وينظر إليها المجتمع الدولي على أنها “حيادية”.

وهي عضو في “التحالف الدولي لمبدأ مسؤولية الحماية” وعضو “الشبكة الأورو متوسطية”، وتتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومع لجنة التحقيق الدولية في سوريا، وغيرها من المنظمات الحقوقية، مثل “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش”.

ودائمًا ما تطالب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، التي يديرها فضل شقفة، بمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب والانتهاكات بحق السوريين من قبل أطراف النزاع الفاعلة في سوريا، خلال مشاركتها في المحافل الدولية.

المرصد السوري لحقوق الإنسان

تأسس “المرصد السوري لحقوق الإنسان” عام 2006، على يد الناشط رامي عبد الرحمن، ويعمل المرصد على توثيق الانتهاكات ضد حقوق الإنسان في سوريا عبر تقارير دورية وينشرها ويعممها على نطاق حقوقي وإعلامي واسع.

ويدين المرصد، ومقره في بريطانيا، كافة أطراف النزاع في سوريا المتسببة بوقوع ضحايا مدنيين، وأصبح مصدرًا إحصائيًا لدى الكثير من الوكالات الإعلامية والمواقع الإخبارية التي تغطي الشأن السوري.

مركز توثيق انتهاكات الكيميائي في سوريا

تأسس “مركز توثيق انتهاكات الكيميائي في سوريا” عام 2012، لتوثيق استخدام أسلحة محرمة دوليًا في سوريا، بما فيها الغازات الكيماوية، بالإضافة إلى توثيق عدد ضحايا تلك الأسلحة، ويديره المهندس أيمن السيد دغيم.

يدين المركز باستمرار النظام السوري، ويحمله مسؤولية استخدام الكيماوي في قصفه للمناطق الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة، ويطرح ملفات وأرقامًا معتمدة دوليًا، مطالبًا المجتمع الدولي بعدم تجاهل مجازر الكيماوي في سوريا، ومحاسبة المسؤولين عنها.

المركز السوري للعدالة والمساءلة

طُرحت فكرة إنشاء “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، أول مرة، في الاجتماع الثاني لأصدقاء الشعب السوري، الذي انعقد في اسطنبول في نيسان 2012، وذلك بعد الإقرار بالحاجة إلى مؤسسة “مستقلة ومتعددة أطراف الدعم” للاستجابة للتقارير التي تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم حرب في سوريا.

يعمل المركز، ومقره واشنطن، على ضمان توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، وحفظ هذه الوثائق لاستخدامها في مرحلة الانتقال السياسي ومحاسبة “مجرمي الحرب”.

ويديره مجموعة من المحامين والحقوقيين السوريين، من بينهم المحامية ليلى العودات وحبيب نصار ونائل جرجس وسلام كواكبي وغيرهم.

المركز السوري للإعلام وحرية التعبير

أسس الناشط السوري مازن درويش “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، عام 2004،  لمراقبة وضع الإعلام وحرية التعبير في سوريا، وواجه تضييقًا من قبل المخابرات السورية، التي أغلقت مكتبه عامي 2005 و2009.

وبعد الثورة السورية ازداد نشاط المركز الذي ناصر المظاهرات السلمية ضد نظام الأسد، وأصدر مجموعة مهمة من التقارير التي وثقت انتهاكات حرية التعبير في سوريا، وحصل المركز بعدها على صفة عضو استشاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة.

وحاز مازن درويش، في تشرين الثاني 2011، على جائزة “رولاند بيرجر” للكرامة الإنسانية لعام 2011، بوصفه مؤسس “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”.

اختتام المؤتمر التأسيسي للحركة النسوية السورية

مقالات متعلقة