ماذا يعني أن تكون نازحًا

tag icon ع ع ع

مع استمرار المعارك في سوريا، ترتفع أعداد اللاجئين السوريين خارج البلاد باطراد متزايد مع الزمن ومع درجة التصعيد على الأرض.

إحصائيات كثيرة تتكلم عن الأمر، وحملات «شحادة» مستمرة على سوريّ لم يعتد إلا أن يعيش مرفوع الرأس، ليس أولها ولا آخرها حملة قناة mbc «سوريون بلا عنوان»، التي رد عليها ناشطون سوريون بحملة مضادة «سوريا عنوان الكل».

بغض النظر عن الظروف الكثيرة المعقدة والمتشابكة في القضية السورية إلا أن استثمار اللاجئين السوريين كقطاع سياحة «وباب رزق» للدول المضيفة في الخارج بات مسألة محسومة ومعروفة لدى الجميع؛ الأمر الذي يغيّب عن العيون مأساة أخرى تتزايد وتتفاقم، ولا تأخذ حقها من المحاولات للحل أو المساعدة الإنسانية، وهي «النزوح الداخلي».

يشير التقرير الصادر عن مركز رصد النزوح الداخلي التابع للمجلس النرويجي للاجئين، في أيار 2014، أن سوريا تشهد أكبر حملات النزوح وأسرعها تفاقمًا، ففي عام 2013 وحده تم تسجيل 8.2 مليون سوري نازح داخل بلاده، ما يعني أن نسبة النازحين الداخليين في سوريا 43%، الأمر الذي يوضح تضاعف نسبة النزوح الداخلي عالميًا 5 أضعاف منذ بداية الثورة السورية عما كانت عليه منذ عشر سنوات.

ليست مجرد إحصائيات للاستئناس، لكم أن تتخيلوا أن هذا العدد الهائل هو ﻷشخاص يعيشون في مخيمات وملاجئ وأقبية وغرف، والأسوأ أنها تحت حكم النظام الذي كان السبب بنزوحهم.

أن تكون نازحًا، يعني أن تتخذ من كل منطقة تعيش فيها وطنًا مؤقتًا تحاول أن تألفه، تدعو ألا تتوتر الأوضاع أمنيًا فيه، ﻷنك ستضطر إلى النزوح مرة أخرى عن مكان نزوحك الحالي.

أن تكون نازحًا، يعني أنك لا تجرؤ على التفوه بكلمة حيث أنت، لا شهيد لا معتقل لا قصف، الأمور جميعها بخير؛ أنت مضطر للابتسام بوجه ذات الشخص الذي كان يقصفك عن بعد في منطقتك المنكوبة.

أن تكون نازحًا، يعني أن تحمل لعنتك في جيبك؛ هويتك الشخصية، إذ لا تُحمل الهوية الشخصية في سوريا للتعريف عن حاملها وضمان حقوقه المدنية ودخوله في التعداد السكاني للمواطنين السوريين كما في كل دول العالم، الهوية في سوريا هي تأشيرة عبور.. للجنة أو للجحيم.

وكونك نازحًا يعني أن هويتك تأشيرة عبور من النوع الآخر، أنت حتمًا من منطقة ثائرة على النظام، صب عليها وعيده وناره فاضطررت للنزوح.

مرورك عبر الحاجز الأمني، ورمقه باستحقار لمحل قيدك ومكان ميلادك؛ «أنت من داريا» تجيب بهزة رأس آسفة عن خطأ أمك وأبيك في إنجابك بالمكان الخاطئ، ليبدأ التحقيق عن مكانك الحالي والمدة التي تفصلك عن آخر نفس حرية تنشقته هناك، تنتظر اللحظات ساعات وهو يقلب نظره بين هويته وعينيك متحديًا.. هل يرميها لك أم يعتقلك معها؟

أن تكون نازحًا يعني هذا كلّه وأكثر؛ مغترباُ في وطنك، تحت راية قاتلك، تحمل تهمتك في جيبك، وعلى جبينك تكتب الأيام «نازح».




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة