جراحهن أوسمـة

tag icon ع ع ع

 عنب بلدي – العدد 138 – الأحد 12/10/2014

سماح هداياد. سماح هدايا

تتحدث القصص والأخبار، باستحياء عن قصص وبطولات في مواجهة فجائع ومآس وأهوال؛ لكن إعلام العلن لا يكفّ عن تشويه صورة الإنسان السوري وعن انهيارات أخلاقيّة للمرأة السورية، تحقيرًا لصورتها ولصورة الثورة وحاضنها الاجتماعي.

حالة صعبة من الكدح والبؤس، والخروج من المأزق ليس سهلًا في ظل المأساة، وما تشيعه من ثقافة العوز والحرمان والحاجة والامتهان المقصود، والصورة النمطيّة للمرأة في ظل الحروب. المرأة الساقطة، هي إفرازات الضحالة والسطحية، وتجليات الثورة المضادة أو الحرب المضادة.

أمر مهم جدًا.. موضوع المسؤوليّة الشخصية للمرأة متمثّل في النضال لمحاربة الاستغلال والجوع والعوز والتخلّف، فخطر الانسياق الذاتي وراء الاستغلال والامتهان لا يقل عن خطر التضوّر جوعًا كجزء من الثورة المضادة، التي إن نجحت ستجدّد عقود التخلف والقهر والإذلال والاستغلال. فضيلة المرأة تبدأ من النضال الفردي لقيادة الذات والصمود، النضال ضد الاضطهاد والاستغلال والجهل والانقسام والتفرقة والتمييز. المرأة مسؤولة عن مصيرها، لا تنشل نفسها وأسرتها من الفقر والذل إلا بالشجاعة والوعي والعمل. الرذيلة هي الضعف والاستسلام للاستغلال والإذلال والقهر والجهل.

قد تصبح الخيارات أمام المرأة صعبة في ظل المخاطر والمخاوف التي تفترسها، لكن الخروج من المأزق يتطلب معركة مع الذات والواقع، خصوصًا مع مسؤوليات المرأة الكثيرة في رعاية الأطفال والأسرة والعائلة من صغيرها لكبيرها، فليس هناك أكثر مشقة من تربية الأطفال ورعاية المسنين في فقر وعوز وحصار وتشرد وتشتت. شيطنة المرأة الفقيرة والمحتاجة في ظل نظام الاستغلال الاقتصادي والإنساني، هو تأكيد لفشل المجتمع في مساعدة المرأة التي عجزت عن إعالة أسرتها، وإنقاذها من براثن الفقر فلجأت إلى الرذيلة، وتأكيد لقصور المجتمع الحاضن للمرأة وأسرتها.

الثورة لا تعني الإطاحة بسلطة سياسية والمجيء بسلطة سياسية أخرى. الثورة إطاحة بنظام والمجيء بنظام آخر وثورة اجتماعية. الثورة الاجتماعية ليست مجرد حدث، بل عملية مستمرة وطويلة، خصوصًا عندما يكون المجتمع متخلفًا. الثورة مرتبطة بيوميات الناس، ويحملها الجميع؛ لذلك تحتاج إلى مهمة التعليم والتثقيف والتهذيب، والمرأة هي الأقدر على التعليم والتنشئة وإعداد الفرد وتهيئته للواقع الجديد.

التغيير لا يبنيه العلماء والمفكرون فقط، بل البشر الذين يفهمون التاريخ ويسيرون مع حركته واقعيًا وإنتاجيًّا في الزراعة والصناعة والفكر والفن والعلاقات الإنسانية والاجتماعية والعاطفية، ويسهمون في التغيير. ودور المرأة كبير جدًا في هذا، ويبدأ بمساعدة نفسها على التحرر الفردي. صحيح أن النضال المشترك، ونضال النساء جماعيًّا ضروري للفوز بالحقوق، ومهم في مكافحة استبداد النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي؛ ويمكن أن يحل المشاكل المصيرية للمرأة قانونيًا وسياسيًا؛ لكنه لا يكفي وحده. النضالات الفردية الواعية لمواجهة الاضطهاد والعنف والاستغلال الأسري الاجتماعي والاقتصادي والمهني والسياسي وتحدي القهر هي الأساس، والنضال الفردي بتحسين الثقة بالنفس والعمل الشجاع لمواجهة الحرمان والتمييز والتحيّز، جزء من الثورة وقيادة التغيير نحو الحرية والعدل والمساواة.

حصول المرأة على الأمان النفسي والاجتماعي والسياسي والتقدير، لا ينفصل عن قوتها الاقتصادية التي تفرض عليها العمل الجاد وتطوير علمها وعقلها ومهنتها وحرفتها وذاتها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة