ظاهرة تجتاح ريف إدلب

أطفال ونساء يمتهنون التسول في أريحا

تعبيرية: متسولة في بيروت (Jodi Hilton)

camera iconتعبيرية: متسولة في بيروت (Jodi Hilton)

tag icon ع ع ع

ريف إدلب – طارق أبو زياد

انتشرت ظاهرة التسول في العامين الماضيين بشكل كبير بمحافظة إدلب، وكان التضخم السكاني وتراجع المستوى المعيشي السبب الأساسي لها، إذ لا يغيب عن الأسواق والشوارع والساحات العامة مشهد المتسولين، غالبيتهم من الأطفال والنساء.

تعتبر ظاهرة التسول “آفة” عامة تنتشر في معظم المجتمعات عالميًا، ولم تستطع أي دولة التخلص منها على مر العصور، لكن ما يزيد من خطورتها تحولها إلى مهنة تقودها شبكات تعمل بشكل منظّم لكسب المال دون أي جهد يذكر.
مدينة أريحا إحدى مناطق إدلب تشهد رواجًا لهذه الظاهرة، ورصدت عنب بلدي قرابة 30 متسولًا في الساحة العامة “دوار الحزب”، يشكل الأطفال 70% منهم، والباقي نساء، دون وجود أي رجل.

علبة بسكويت وشكوى

قسورة الآغا، شاب يعمل في مطعم بساحة أريحا وعلى اطلاع بعمل المتسولين، قال إن طرق “الشحادة” تتنوع، لكن أغلبها عن طريق علبة البسكويت، إذ يحمل الطفل علبة من البسكويت ليروج على أنه بائع لا متسول، ويقوم بإعطاء قطعة لمن يدفع له، ما يجبر الأهالي على دفع مبالغ تتراوح بين 50 إلى 1000 ليرة سورية، ظنًا منهم أنهم يساعدون المتسولين.

أما الطريقة الأخرى فهي عن طريق الطلب والتذلل والشكوى من الأوضاع المزرية، وهي طريقة تمتهنها النساء، وأشار الشاب إلى أن “أغلب الناس لا يمكنهم مقاومة امرأة تقوم بالتذلل وطلب المال، وغالبًا يقومون بالدفع للتخلص من ملاحقتهم”.
وتابع الشاب لعنب بلدي مؤكدًا أن 90% من المتسولين لا يحتاجون إلى مساعدة، بل يتّبعون هذه الطريقة لجمع المال، ويعملون بشكل يومي من الصباح حتى المساء دون كلل أو ملل، “اعتادوا على ذلك”.

محلي أريحا: لا إجراءات

وللوقوف على موقف المجلس المحلي لأريحا من رواج ظاهرة التسول في المدينة، تواصلت عنب بلدي مع مسؤول المجلس، أسامة جقمور، وقال إنه لا يوجد أي نشاط للمجلس بهذا الخصوص، مبررًا ذلك بانشغالهم بقضايا أكبر في ظل الحرب.

لكنه أكد على أهمية متابعة الأمر، في خطوة للوصول إلى حل لهذه المشكلة.
من جهته، اعتبر علاء الفري، وهو مدرّس في المدينة، أن ظاهرة التسول هادمة للمجتمع، متسائلًا: “كيف لأطفال أن يلقوا في الشوارع ويتعلموا التسول”.

وأوضح لعنب بلدي أن “الشحادة” المتعارف على اسمها محليًا تنسيهم كرامة الإنسان والطرق الشرعية للحصول على المال في التعب والجد.

واعتبر أن مسؤولية الحد من التسول تقع على الجهات المعنية، والتي من شأنها تشكيل لجنة تهتم بهذه الظاهرة، وتقوم بتقصي أوضاع المتسولين، وإن كانوا يمتهنون التسول بهدف جمع المال أم بدافع الحاجة.

“الغلة” من ثلاثة آلاف إلى ستة

علي، طفل في العاشرة من العمر وهو مهجر من مدينة حلب، يتجول في الساحة العامة حاملًا علبة من البسكويت وطالبًا من الناس الشراء منه.

تمكنت عنب بلدي من التحدث معه، وقال إن لديه إخوة صغارًا، “ووالدي شهيد وأنا أقوم بالعمل كبائع بسكويت لكي أساعد عائلتي”.
وتتراوح الغلة، بحسب وصف الصبي، بين أربعة آلاف وستة آلاف ليرة سورية يوميًا، أي ما يعادل 300 إلى 400 دولار شهريًا، ويسد ذلك تكاليف معيشة عائلة مكونة من ستة أشخاص بمعدل متوسط.
لكن الشاب قسورة قال إن الطفل “كاذب”، ويعمل مع أبناء عمومته ويجمعون المال ربما لصالح أهاليهم، معتبرًا “هذه المبالغ الكبيرة حتمًا ليست لمساعدة المحتاجين”.

ورغم ارتفاع أعداد المتسولين، أكد الشاب أن هناك بعض المتسولين من النساء حصرًا هن من المحتاجين، إذ “يأتون بعفة وتظهر عليهن صعوبة ظروفهن، ويلاحظ ترددهن في طلب المال”، مشيرًا إلى امرأة كبيرة في العمر تأتي كل ثلاثة أيام إلى المطعم الذي يعمل فيه وتطلب المساعدة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة