tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 141 – الأحد 2/11/2014

مجلس حلبهنا الحلبي

كان من المفترض أن تشهد أحياء مدينة حلب المحررة انتخابات الدورة الثالثة لمجلس محافظتها منذ أيام؛ وفي الوقت الذي تم التوافق فيه على التمديد لمجلس المدينة دون إجراء انتخابات، تم تعطيل عمل مجلس المحافظة، كما توقفت الانتخابات بعد تراكم الخلافات بين تيارات المجلس وانسحاب كتلة الرئيس السابق، وبتأجيج من الحكومة المؤقتة.

  • خلافات متراكمة

عنب بلدي تقصّت أسباب المقاطعة وتعطيل الانتخابات عبر عددٍ من المقابلات، وفي لقاء مع أبو مضر الحلبي، أمين سر مجلس المدينة، قال إن “المشاكل بدأت بين مجلس محافظة حلب ومجلس المدينة منذ بدء الدورة الثانية التي كانت برئاسة عبد الرحمن ددم بتاريخ 5 كانون الأول 2013”.

وأضاف “إن مجلس المدينة كان له تحفظّين على عمل ددم؛ الأول هو الفساد الإداري، ويتمثل بتثبيت 128 موظفًا في مجلس المحافظة يتقاضون رواتبهم، مع أنه فعليًا لا يعمل إلا 50 موظفًا تقريبًا”.

كما أن برنامج عمل مجلس المحافظة “يضم 10 مديريات، إلا أنه في الواقع لا يعمل منها سوى 5″، بحسب أبي مضر، الذي أوضح أن هناك تفاوتًا في الرواتب، ففي حين “لا يتعدى راتب الموظف في مجلس المدينة 150 دولارًا، يصل راتب نظيره في مجلس المحافظة إلى 350 دولارًا”..

أما التحفظ الثاني فيدور حول الميزانية، إذ ينص الاتفاق بين المجلسين على أن تقسم الميزانية المخصصة لكليهما بنسبة 45% لمجلس المدينة، بينما يخصص 55% منها للمحافظة.

ولكن ما حصل بعد انتخابات الدورة الثانية أن السيد عبد الرحمن ددم “اجتمع مع مجلس المحافظة لوحده دون استدعاء مجلس المدينة لإقرار الميزانية الخاصة بالمجلسين والتي ستصرف خلال فترته الانتخابية”.

وخلص بالنهاية إلى رصد مبلغ قدره 215 ألف دولار لمجلس المدينة، معتبرًا إياه “إدارة محلية فقط”.

وبحسب أبي مضر فقد “استلم مجلس المحافظة حينها من الحكومة المؤقتة مبلغًا قدره مليون و250 ألف دولارًا، أي إن ما وصل إلى مجلس المدينة من المبلغ الكلي هو 17% فقط، وهذا يخالف النسبة المتفق عليها”.

  • اتفاق لم ينفذ

أثارت سياسة ددم، إشكاليات داخل مجلس المدينة، ليعقد اجتماعًا بين المجلسين بتاريخ 13 آذار 2014 للوصول إلى صيغة اتفاق، وأقر محضر الجلسة أن مجلس المدينة “سيوافق على هذا القرار، على أن يتحمل مجلس المحافظة كافة مصاريف الكوادر والمكاتب الصغيرة الموجودة على الأرض في مدينة حلب إلى حين إطلاق مديريات كاملة ممثلة لها… وسيكون تحديد هذه الرواتب والمصاريف وكلف التشغيل بإقرار كلا الطرفين”.

وبعد الاتفاق على هذا البند “بدأ التقصير من مجلس المحافظة” وفق أبي مضر، إذ لم يلتزم بأي من هذه المصاريف، واضطر مجلس المدينة إلى التكفل بها وتمويلها إما عن طريق الدّين أو من منظمات دولية أخرى غير الائتلاف.

ويأخذ أبو مضر بعين الاعتبار الظروف التي مر بها مجلس المحافظة، حيث تعرض مقره للقصف مرتين بعد هجمة البراميل على حلب ما اضطر إلى تغييره عدة مرات، لكن “هذا لا يبرر عدم استجابته للطلب بتحمل المصاريف المسؤول عنها طول هذه المدة، طالما أن رئيس المجلس قد استلم مرارًا كتبًا تطالبه بذلك على مدى أشهر، دون أي تجاوب أو رد”.

  • إقصاء المقصرين

وفي نهاية الدورة الثانية، عقدت الهيئة العامة، التي تضم أعضاء مجلسي المحافظة والمدينة، اجتماعًا بتاريخ 10 تموز، قررت فيه أن مجلس المحافظة لديه مشاكل إدارية، اعتمادًا على لجنة إدارية عينت من الهيئة العامة.

وتوافق أعضاء الهيئة على “ضرورة إجراء انتخابات جديدة لمجلس المحافظة”، في حين “قررت الهيئة العامة وبالإجماع أن يتم التمديد لمجلس المدينة دون إجراء انتخابات”.

وخلصت الهيئة الإدارية إلى قرارٍ ينص على أن “كل من كان مقصرًا من أعضاء المكتب التنفيذي في أداء عمله، لا يحق له الترشح للدورة القادمة”.

بعد ذلك تشكلت “لجنة طعون” من “تجمع المحامين الأحرار”، وهي جهة قضائية تقر الطعن بالأعضاء المقصرين، وتوافق جميع الأطراف على تشكيل اللجنة ودعمها.

ورفع مجلس المدينة شكوى إلى اللجنة، مفادها الطعن بعبد الرحمن ددم، وافقت اللجنة عليها وأقرت الطعن، مصدرةً قرارًا بحجب عبد الرحمن ددم عن الانتخابات المقبلة.

  • عرقلة الانتخابات

رفضت “كتلة الأمانة الثورية” التي ينتمي لها عبد الرحمن ددم هذا الطعن، وبدأت بمحاولات للاعتراض على القرار وإبطاله، فدعت إلى عدة اجتماعات طارئة لمناقشته.

لكن أيًا من هذه الاجتماعات لم ينجح، إما لعدم اكتمال النصاب، أو لإصرار الددم على ترؤّس الاجتماعات، إذ رفضت كتلة الوفاق الثوري ذلك، كون ددم هو “الخصم”. ما استدعى تدخل الحكومة المؤقتة واقترحت تشكيل “لجنة استئنافية عليا”، فاعترضت لجنة الطعون على “الطلب غير القانوني”، واعتبرته “التفافًا”، كما وصفته بـ “التحيز” من الحكومة لطرف دون آخر، وقررت المضي بعملها.

وبعد أخذ ورد، عقدت كافة الأطراف اجتماعًا توافقيًا، أقرّ مطالب الهيئة العامة ولجنة الطعون، ماعدا بعض القرارات التي اتخذتها اللجنة وتم الاعتراض عليها فتراجعت عنها، وعليه تم المضي بالتحضير للعملية الانتخابية.

لكن وزارة الإدارة المحلية التابعة للحكومة المؤقتة نشرت بيانًا عبر الفيسبوك، موقعًا من حازم لطفي مسؤول المجالس المحلية في الوزارة، جاء فيه أن الحكومة لن تعترف بالانتخابات، قبل يوم واحد من إجرائها.

ويوم الانتخابات (21 تشرين الأول) قاطعها ممثلو الريف الغربي، بالإضافة إلى الناخبين التابعين لكتلة الأمانة الثورية، على اعتبارها “انتخابات غير شرعية”.

  • رد “الأمانة الثورية”

عندما سألت جريدة عنب بلدي أحد أعضاء “كتلة الأمانة الثورية” (رفض التصريح باسمه) عن سبب المقاطعة، أفاد بأن “هناك 9 أعضاء من مجلس المدينة -تابعين لكتلة الأمانة الثورية- من أصل 19، اعترضوا على الطعن بعبد الرحمن ددم، موضحين أن الاتفاق كان على رفع شكوى ضد مجلس المحافظة ككل، وليس طعنًا بشخص الددم”.

وأضاف “كان حريًا بلجنة الطعون رفض الطعن، بسبب توجيهه إلى شخص الددم من قبل رئيس مجلس المدينة بإضافة هذا الطلب بخط يده دون إجماع”، متهمًا إياه بـ “التزوير”.

وتابع العضو “كان حريًا بلجنة الطعون مراجعة مجلس المحافظة بهذه الشكوى للاستماع إلى تبريرات هذا المجلس قبل إقرار الطعن، فمثلًا كنا سنوضح أن المسؤول عن إقرار الميزانية هو الأمين العام الآمر بالصرف، أحمد عيدو، وليس عبد الرحمن ددم”.

  • لكن قرار الطعن “قانوني”

بدوره أوضح أبو سلمى، رئيس مجلس المدينة لعنب بلدي، أن “القرار كان للمكتب التنفيذي وليس قرارًا شخصيًا، كما أن الطعن يأتي أقل مرتبةً من رفع شكوى”، مؤكدًا أنه لم يتفرد بأي قرار لوحده.

وعقّب أبو سلمى “موقف هؤلاء الأعضاء التسعة نابع عن موقف كتلتهم بالكامل”، واصفًا الموقف بـ “التحيز للكتلة”.

وأفاد المحامي عبد الرحمن قشقش، رئيس لجنة الطعون، بأن الشكوى التي رفعت له “قانونية تمامًا ومقبولة شكلًا “، وقد استلمها المحامي من المكتب القانوني للمجلس ممثلًا برئيسه أبو سلمى، وقد كتبت بخط اليد نظرًا لانقطاع التيار الكهربائي.

وأعقب بأنه “من حق اللجنة القضائية القبول بهذه الشكاوى طالما أنها تتضمن ملاحظات عن أخطاء قد بدرت فعلًا من شخص عبد الرحمن ددم، دون الرجوع لكتلة الأمانة الثورية”.

وتبقى أخيرًا تساؤلات تراود ناشطي حلب، هل يُقصد دعم الريف على حساب أحياء المدينة، في كل مؤسسات الثورة في حلب، ومن يقف وراء هذا السلوك، ثم هل تستحق هذه الخلافات أن تسيطر على نشاطات الثوار، رغم الظروف القاسية التي تعيشها الأحياء المحررة.

مقالات متعلقة