على باب الشرطة العسكرية

tag icon ع ع ع

حنين النقري – ريف دمشق

يجهل الغالبية العظمى منا كسوريين ماهية مستقبلهم واستقراره، أين سنكون، ما مستقبل سوريا، ما الذي ينتظرنا، لكن ماذا عن جهلنا حاضر- مستقبل – بل وماضي- شريحة من السوريين من مجهولي المصير والمختطفين والمعتقلين؟

تشير دراسة صادرة عن مركز دراسات الجمهورية الديمقراطية في تموز 2014 إلى أن 99440 سوريًا فقدوا منذ بداية الثورة، بالإضافة إلى 258260 معتقل، الأمر الذي يوضح مدى اتساع هذا الهم وملامسته لعدد كبير من العائلات السورية.

طلب الإخبار هو أحد الوسائل المهمّة التي يجهلها الكثيرون كمحاولة لمعرفة مصير مفقود ما، وغالبًا ما يؤدي الجهل بهذه الوسيلة إلى دفع مئات الألوف لتجار الحروب والمدّعين، تمامًا كما حصل مع الحاجة أم العبد من حماة «دفعت 550 ألف ليرة لمحام أخبرني أن (ايدو طايلة) ويستطيع إخراج ابني من المعتقل، لكن المحامي اختفى والنقود ذهبت وابني لم يعد».

وبعد فقدها الأمل أتاها من يخبرها أن ضالتها في العاصمة دمشق « وأتيت إلى هنا من حماة لأقدم هذا الطلب لعلي أدري مكان ابني».

طلب الإخبار هو استمارة يشتريها ويقوم بتقديمها أحد أقارب المفقود (الأب، الأم، الأخ، الأخت، الزوجة حصريًا)، وذلك في مقر القضاء العسكري في منطقة المزة بدمشق، وهناك يتم تحويل الطلب لفرع الشرطة العسكرية الواقع في حيّ القابون، والذي يقصده مقدم الطلب بمفرده كأي فرع أمني أو عسكري في الدولة، وهناك يتم إعطاؤه جوابًا على ثلاثة أشكال “معتقل ومكان اعتقاله، ميت وتاريخ وفاته، أو مفقود». وفي حالات الوفاة يتم إعطاء مقدم الطلب إيصالًا لقسم الطب الشرعي في مشفى تشرين العسكري يستلم وفقه شهادة وفاة ومقتنيات المتوفى.

على باب الشرطة العسكرية التقينا السيدة أم أحمد من الغوطة الشرقية، التي اعتقل ابناها منذ عامين، «أعطوني من هذه النافذة تصريحًا بالدخول، وبعد تفتيشي دخلت لأعرف أن ابني الأكبر محكوم في سجن صيدنايا، أما الأصغر فهو مفقود، لم يعثروا على اسمه».

يتشابه حال أم أحمد مع حال الخالة أم خالد من دمشق، «ابني مريض بقلبه واعتقله الحاجز المجاور لمنزلنا بشكل عشوائي منذ عام ونصف، دفعت 150 ألف لأحدهم ولم آت بنتيجة، الآن أنا أنتظر دوري لأدخل وأعرف هل هو حي فأدعو له، أم ميت فأترحم عليه».

تتمازج دموعها مع آهات حاجة تخفي وجهها الأحمر بيديها، ولأن الهم هناك واحد وإن كتم الخوف الأفواه، تجتمع حولها السيدات كلّ تستمد الأمل من أختها «خير يا أختي شوفي شو قالولك».

من بين غصص أم ماجد تخرج الكلمات قصيرة قليلة «حولوني ع مشفى تشرين العسكري، استشهد ابني من سنة ونص».

ورغم صعوبة الموقف، ووقوفهنّ في فرع أمني تتمتم النساء بدعوات على قاتله «تتهني يا امو.. شهيد بالجنة… الله يصبر قلبك وينتقم من الظالم».

بغضّ النظر عن النتيجة يبقى المعلوم أيًّا كان أهون على القلب من مجهول غامض متوقع، وكما أخبرتنا الحاجة أم ماجد “انتقل من بين يدي الظالم ﻷيدي الرحيم، ومن سجن الأسد لفردوس الواحد الأحد، على الأقل أنا الآن أعرف مكان ابني ولن يأتي محام آخر ليقول لي بدي 18 مليون بطالعو من السجن».




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة