هل تقف الدراما المشتركة بوجه الحملات العنصرية؟

فنانون سوريون وفنانات لبنانيات (تعديل عنب بلدي)

camera iconفنانون سوريون وفنانات لبنانيات (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حلا إبراهيم

“ما تضهري مع شب سوري”، هكذا بدأت حملة أطلقها مواطنون لبنانيون قبل أشهر لمنع الفتيات اللبنانيات من الارتباط بشاب سوري، والتي وصفها ناشطون بـ “العنصرية” لأنها أظهرت فتيات لبنانيات وهن يعبرن عن “فوارق” في الثقافة والعادات.

ولكن مسلسلات الدراما المشتركة لا تعكس هذه الدعوات المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي، بل تسعى إلى تحجيمها وكسر الصور النمطية، فالممثلة نادين الراسي مثلًا، التي أثارت جدلًا بالمطالبة برحيل السوريين عن لبنان بقولها “افرقونا بريحة طيبة” في “فيس بوك”، مثلت إلى جانب ممثلين سوريين في أكثر من عمل منها “سنعود بعد قليل”، “الأخوة” و”جريمة شغف”.

وشهد موسم الدراما الرمضانية لعام 2018 أعمالًا متميزة من الدراما المشتركة جمعت ممثلين سوريين ولبنانيين، بالإضافة إلى مشاركة المخرجين السوريين، ما رأى فيه متابعون للدراما إسهامًا في تطوير الدراما اللبنانية.

تحكّم وسائل الإعلام

مع انطلاقة الأسبوع الأخير من رمضان، بدأت تتضح أسماء الأعمال التي دخلت في المنافسة على قمة المسلسلات الأكثر مشاهدة بعد أن غابت عن المقدمة في الأسبوع الأول.

ولكن اللافت أن هذه المسلسلات كانت من الدراما المشتركة، وأن قصصها كانت تجمع بين بطل سوري وبطلة لبنانية، ما يظهر عدم اكتراث الشارع اللبناني إن كانت الفتاة اللبنانية ارتبطت بسوري أو لبناني، وهو ما يعاكس الصورة النمطية التي خلقها الإعلام مؤخرًا فيما يخص موقف اللبنانيين من السوريين.

لكن الناقد الفني جلال سيريس اعتبر، في حديث إلى عنب بلدي، أن موضوع خلق الصور النمطية هذه أو كسرها تتحكم فيه المحطات اللبنانية ذات التوجهات السياسية المتعارضة، والمواقف المختلفة من السوريين.

ويضيف سيريس “كل محطة فضائية لبنانية تابعة لحزب سياسي تتبنى فكره، وبالتالي تعرض آراء الشريحة التي تتفق مع توجهها”.

ويلفت سيريس إلى أن قناة مثل “الجديد” تنتهج سياسة الإسراع بإخراج اللاجئين السوريين من لبنان لذلك تدأب على تقديم تقارير تغذي فيه هذه النزعة لدى الجمهور، بينما قناة أخرى مثل “المستقبل”، التي تتعاطف مع قضية اللاجئين السوريين، تظهر الشريحة الأخرى من اللبنانيين والذين تربطهم بالسوريين صلات قرابة.

“يمنع تجول السوريين”

مع بداية عرض مسلسل “طريق” الذي تم تصويره في لبنان من بطولة الفنان عابد فهد، وإخراج السورية رشا شربتجي، ظهرت لافتة مكتوب فيها “يمنع تجول السوريين”، وهو ما أثار حفيظة الكثير المتابعين، عن مدى التناقض بين محتوى المسلسل والواقع في لبنان.

ويظهر عابد فهد بدور التاجر السوري الغني (جابر سلطان) الذي تطمع به الفتاة اللبنانية الفقيرة، وتسعى للزواج منه، وعلى الرغم من وجود بعض التجار على هذا المستوى في لبنان، لكن أغلبية اللاجئين السوريين هناك يعانون من ظروف مهنية ومعيشية صعبة.

إلى جانب التضييق المادي والمعنوي، يعاني السوريون في لبنان من تضييق اجتماعي، يحول دون تقبل اللبنانيين للزواج من سوريين، والتحرك قانونيًا لسن تشريعات تمنع مثل هذه الزيجات.

ومؤخرًا أصدر وزير الخارجية، جبران باسيل، قرارًا يمنع المرأة اللبنانية من منح جنسيتها لأبنائها السوريين أو الفلسطينيين، بينما ترتفع الأصوات اللبنانية مرارًا من أجل الدفع بعودة السوريين إلى بلدهم.

لكن المسلسلات السورية الأبرز خلال هذا الموسم، نسفت هذا الواقع عن بكرة أبيه، فـ “أولاد الشامية” في مسلسل “الهيبة” هم أسياد القرية الذين يطلب الجميع رضاهم.

الفنان “العربي” والتسويق الناجح

عندما يوصف ممثل أو مطرب يحمل جنسية إحدى الدول العربية، لا يشار إلى جنسيته غالبًا، بل يقال “الفنان العربي”، وهذا حال الممثلين السوريين الذين لعبوا أدوار البطولة إلى جانب ممثلات لبنانيات، وهم تيم حسن، باسل خياط، قيس شيخ نجيب، وعابد فهد، إذ لا يكترث جمهورهم بجنسيتهم إن كانوا سوريين أو من جنسية أخرى، على حد تعبيرالناقد جلال سيريس، خاصة إذا كان لهم حضور متميز مثل الأسماء المذكورة آنفًا، فهم يتمتعون بالوسامة إلى جانب الموهبة اللافتة، التي شدت الجمهور العربي بشكل عام.

هؤلاء الممثلون، بأسمائهم الخاصة، شكلوا بوابات واسعة لتسويق درامي ناجح، ولعل هذا من أهم أسباب لجوء الدراما المشتركة إلى بطل العمل السوري.

ويرى جلال سيريس أنه “من الطبيعي أن تختار قناة لبنانية شراء مسلسل يكون بطله تيم حسن لأنه يتمتع بجماهيرية كبيرة في لبنان والعالم العربي”، وذلك على الرغم من وجود ممثلين لبنانيين قديرين وجيدين، لكن شركات الإنتاج ترغب بالدرجة الأولى بتسويق أعمالها، وهو حق مشروع لها.

ولم تكن الدراما المشتركة وليدة الحرب في سوريا كما يظن كثيرون، لكنها أسهمت في ازديادها، فكثيرًا ما كان مخرجون وممثلون سوريون يشاركون في أعمال خليجية أو أردنية منذ الثمانينيات، إذ حافظ الممثل السوري على الريادة منذ ذلك الوقت، مثل طلحت حمدي، وعباس النوري، ورشيد عساف.

سوري ينافس سوريًا في ” الدراما المشتركة”

يشهد السباق الرمضاني في نهايته منافسة محتدمة بين المسلسلات ذات البطولات المشتركة التي أصبحت جميعها في الصدارة، وجاء في مقدمتها الجزء الثاني من مسلسل “الهيبة” (العودة) للممثل تيم حسن الذي تشاركه بطولته اللبنانية نيكول سابا.

بينما ينافسه مسلسل “طريق” للممثل عابد فهد ونادين نسيب نجيم، في أداء لافت لعابد فهد، علمًا أن الكاتبين والمخرجين سوريين.

ويشكل حضور باسل خياط في مسلسل “تانغو” دورًا متقدمًا على الصعيد الفني، إضافة إلى قصة المسلسل، التي على الرغم من اقتباس بدايتها من مسلسل أرجنتيني، استطاعت أن تخلق حالة التشويق لدى المشاهدين.

وحتى في حال اضطراره إلى مجاراة أداء الممثلة اللبنانية دانييلا رحمة، الذي وصف بـ “المتواضع”، استطاع خياط أن يرتقي بالمشاهد إلى الاحترافية، وخاصة أن هذه التجربة التمثيلية هي الأولى لرحمة والتي صرحت بدورها أن حضور باسل خياط يجعلها ترتجف، وأنه ساعدها كثيرًا وقدم لها الدعم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة