تعا تفرج

أطلق النار على المارّة لأجل الوطن

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

وقعت، قبل سنوات قليلة، في مدينة اللاذقية، حادثة عادية، ولكن الإعلام الثوري ضخمها، وعمل منها قصة وحكاية.. فقد كان بطلٌ مغوار من عائلة الأسد، جالسًا في بار فندق الشيراتون بمدينة اللاذقية التي تُعرف باسم “لاذقية العرب”، في أمان الرحمن، يحتسي كأسًا من ويسكِيِّه اليومي المفضل، وينتظر صاحبته الصغيرة الجميلة التي تعرف عليها مؤخرًا، وإذ بموبايله يرن. وبمجرد ما فتح الخط أخبره مرافقُه المتصل أن والده الكريم استشهد على يد الإرهابيين السوريين الذين يتآمرون على ابن عمه بشار، المدعومين من أمريكا وإسرائيل وفرنسا وبريطانيا وبعض الدول الرجعية الحقيرة.

صعق الفتى الصنديد من هول الخبر، ولم يتمالك نفسه، ترك كأس الويسكي الذي لم يكن قد شرب سوى نصفه، والسيجار الجميل المصنوع في كوبا الصديقة التي يقودها الرفيق كاسترو مشتعلًا وملقًى على حافة المنفضة، وخرج إلى الشارع المزدحم بالناس، أطلق مشطًا من الرصاص على العابرين، بشكل عشوائي، وعاد ليكمل الكأس والسيجار.

غطينا، في مجلة “كش ملك” الإلكترونية التي كانت تصدر في تلك الأيام، الحادثة، بتفاصيلها، وقلنا إن الله تعالى، جلّ اسمه، لَطَف، فلم يقع قتلى، ويبدو أن الفتى الأسدي كان ذا نفس طيبة، فأطلق النار بطريقة غير قاتلة.. وذَكَرْنا عدد المواطنين الذين أصيبوا بالطلقات النارية، ونُقِلُوا إلى المستوصفات والمشافي القريبة من الشيراتون، وقلنا، وهذا هو الأهم، إن بعض الناس المشبوهين، المُغرضين، المشككين بأهمية الصمود والتصدي والممانعة، سيقولون إن هذا العمل عدواني، وإرهابي، وحقير، لأنه يؤدي، حتمًا، إلى قتل أو إصابة أناس أبرياء، ولكن المسألة، أيها السادة، ليست بهذه البساطة، ولعلمكم أن الإنسان الطبيعي يفقد أعصابه ويخرج عن طوره لو علم أن شوكة صغيرة دخلت في إصبع والده، فكيف إذا قيل له إنه استشهد، وكيف إذا كان والده إنسانًا عظيمًا، وزعيمًا شعبيًا محبوبًا نذر حياته لمحاربة الإرهاب، والتصدي للعدو الصهيوني الذي يدعم هذا الإرهاب بالمال والسلاح؟

لقد كان الرفيق الشهيد، كما كتبَ أحد محرري مجلة كش ملك، رجلًا عَلمانيًا بامتياز، فحينما كان يعتدي على أحد الناس، ويسلبه أملاكه، لم يكن يهمه أن يعرف شيئًا عن ديانة هذا الإنسان: هل هو مسلم؟ مسيحي؟ يهودي؟ من أتباع بوذا؟ لا فرق عنده.. وكان، حينما، يسرق أموال الجمارك يعرف أنه مالُ شعبٍ يتكون من إثنيات كثيرة! وإذا استحلى امرأة وطلع برأسه أن يغتصبها لم يكن ليبالي بقوميتها، عربية، كردية، أرمنية، شركسية، مسيحية أو مسلمة سنية، سمعولية، درزية، حتى ولو كانت علوية، الرجل ما عنده مشكلة!

ثم، يا سادة، يا كرام، يا فهمانون، من قال لكم إن كل المارة الذين أطلق عليهم النار أناس أوادم وأولاد حلال؟ طيب لنفرض أن نسبة الإرهابيين في المجتمع السوري هي ثلاثون بالمئة، ولنفرض أنه قتل، في عملية الرش العشوائية، عشرة مواطنين، ألا يعني هذا أنه قَتَل ثلاثةَ إرهابيين مع سبعة أبرياء؟! وهل هناك مشكلة إذا ضحى هذا الفتى المقدام بسبعة أبرياء في سبيل التخلص من ثلاثة إرهابيين خطيرين؟!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة