صغار أبدعوا..

“الدراما المشتركة” تقلب الطاولة على كبار المخرجين السوريين

camera iconالمخرج السوري رامي حنا في موقع تصوير مسلسل "تانغو" (حساب دانا مارديني في إنستغرام)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خاص

مع نهاية كل موسم رمضاني تسيطر الدراما العربية وخفاياها على حديث النقاد ورواد الفن العربي، إذ غالبًا ما تتركز الأضواء على أكثر الأعمال الدرامية مشاهدة، وتتسابق المواقع للتنبؤ بأفضل الممثلين وأفضل المخرجين، يلي ذلك سيل من المهرجانات التي تكرم تلك الأعمال والقائمين عليها.

الموسم الرمضاني الأخير كان مختلفًا نوعًا ما بالحديث عن حال المخرج السوري، إذ برزت أسماء رائدة وأخرى حديثة العهد اقتحمت عالم الإخراج محققة لفتة إعلامية ناجحة على مستوى العالم العربي، فيما خاب أمل المشاهدين بكبار المخرجين الذين لم يرقوا إلى المستوى المطلوب.

تلك الفروقات برزت جلية بين الأعمال العربية المشتركة التي أخرجها سوريون، وكان لها وقع في الشاشات العربية، وبين الأعمال السورية المنتجة محليًا والتي عرضتها قنوات سورية لم يصل صداها للمشاهد العربي.

الإنتاج المحلي يهوي بكبار المخرجين السوريين

رغم تاريخه اللامع، لم يستطع المخرج الليث حجو أن ينقذ مسلسل “الواق واق” من رد الفعل السلبي الذي أحدثه عرضه بين المشاهدين، وذلك من وجهة نظر الناقد الفني جلال سيريس، الذي قال لعنب بلدي “كان إخراج الليث حجو لمسلسل (الواق واق) ناجحًا، ولكن ما سبب عدم تحقيقه المشاهدة المرجوة هو أن فكرته قديمة ومستهلكة في عدة أعمال”.

انتقد عدد كبير من المشاهدين السوريين المسلسل منذ بداية عرضه، وخاصة أن عرض الحلقة الأولى منه صاحبه خطأ فني أسهم بشكل كبير في خفض نسب المشاهدة، وهذا الخطأ تتحمله القناة التي عرضت المسلسل “حصريًا”، وهي قناة “لنا” الجديدة، التي أسستها شركة “إيمار الشام” للإنتاج الفني.

أما المخرج الشهير نجدت أنزور، الذي وضع اسمه على مسلسل “وحدن” في رمضان 2018، بعد غياب طويل عن الدراما، فلا يخفى الجهد الذي بذله في إخراج العمل، لكن ذلك بقي دون جدوى بسبب أسلوب أنزور المتكرر في إخراج جميع أعماله، على شاكلة “الكواسر” و”الجوارح” وغيرها، تلك الأعمال التي أبهرت عين المشاهد العربي، لكنها لم تلبث أن فقدت بريقها بعد أن عادت الدراما الواقعية لتفرض نفسها.

ويعزو الناقد الفني سيريس هذا الأسلوب الإخراجي لدى أنزور إلى أن الأخير لا يهمه الورق الذي كتب عليه النص، فهو يقرأ المسلسل ولكنه عندما يصور مشاهده يرمي كل ما قرأه ويبدأ بالتصوير، وفقًا لمخيلته.

وهذا كان السبب الرئيسي في فشل مسلسل “وحدن” الذي لم يحقق أي مركز بين الأعمال الأكثر مشاهدة، من وجهة نظر سيريس.

الحرب في سوريا.. شماعة الفشل

رغم أن بعض الكتاب والمخرجين وجدوا في الظروف الراهنة في سوريا مادة دسمة للخروج بأفكار جديدة على الدراما السورية، تأثرت الشريحة الأكبر منهم سلبًا بتلك الظروف، لأسباب عدة تتلخص بشح الميزانية وسوء التسويق عربيًا، والتقيد بنصوص ترضي وجهة النظر السياسية للجهة الحاكمة.

إذ ساعد الإنتاج العربي المشترك، المعروف بالـ “بان عرب”، على خلق مساحة إبداع أمام المخرج السوري، برزت جلية في الموسم الدرامي الحالي، خلافًا للسنوات السابقة، خاصة أن الأعمال العربية المشتركة عادت إلى الطابع الاجتماعي المحبب لدى المشاهد العربي، بعيدًا عن مشاهد الحرب والدمار.

ولا تخفى الجماهيرية التي حظيت بها المسلسلات العربية لعام 2018، وعلى رأسها “الهيبة” و”تانغو” و”طريق” و”العاصوف”، وجميعها أخرجها سوريون بعدسة إخراجية مبتكرة، وتعود تلك الجماهيرية لأسباب عدة لها علاقة بظروف إنتاج العمل وإعطائه حقه ماديًا والترويج له على أبرز القنوات العربية.

وبرأي سيريس فإن ما ساعد المخرج السوري على الإبداع عربيًا، هو أن شركات الإنتاج لم تكن سورية، إذ تحرص شركات الإنتاج خارج سوريا على انتقاء نصوص متميزة وهذا يسهل المهمة على المخرج، بينما أصبحت شركات الإنتاج السورية تقبل بأي نص وإن كان رديئًا لأن همها هو بيع المسلسل.

ابتكار وتجديد

مخرجون سوريون سطروا أسماءهم على الشاشات العربية

لم يقتصر وقع الدراما العربية المشتركة على جذب نخبة من الممثلين السوريين إلى بيئة بعيدة عما آل إليه حال الدراما السورية في السنوات الأخيرة، إذ أظهر الموسم الدرامي الرمضامي الأخير أن المخرجين السوريين أيضًا انجرفوا لتيار الـ “بان عرب”، حين ظهرت أسماؤهم على شارات المسلسلات العربية الأكثر مشاهدة.

أسماء كبيرة وأخرى حديثة العهد لمعت في رمضان 2018 لمخرجين سوريين وضعوا بصمتهم في أكثر الأعمال الدرامية “جماهيرية” للموسم الحالي، وهي “الهيبة” و”طريق” و”تانغو” و”العاصوف”، وجمعيها انفردت عربيًا خارج حدود الدراما السورية.

رامي حنا يبتكر على أنغام “تانغو”

شغل المخرج السوري رامي حنا رواد الإخراج الدرامي بابتكاره لأسلوب إخراجي حديث على العالم العربي، حين قلب مقاييس الإخراج في مسلسل “تانغو” الذي صنف من بين أفضل المسلسلات الرمضانية.

في ثالث حلقات “تانغو” تموت البطلة الرئيسية للمسلسل ويدخل البطل في غيبوبة يستفيق منها في آخر لقطات الحلقة الأخيرة، ومع ذلك يحسب لرامي حنا احتفاظه بالأسلوب المشوق والنَفَس الدرامي على مدار 31 حلقة غاب فيها الأبطال في الزمن الحاضر، وحضروا في لقطات تعود للماضي.

وبغض الطرف عن الجدل الذي أحدثته قصة “تانغو”، والتي تستعرض موضوع “الخيانة المحرمة” بين الأزواج الأصدقاء، لكن تكرار سيناريو الخيانة في المسلسلات العربية وتناوله بطريقة مبتذلة دفع رامي حنا إلى وضع رؤية مختلفة للعمل عبر الربط بين الماضي والحاضر في جميع حلقات المسلسل.

يعتبر رامي حنا حديث العهد في الإخراج، كونه بالأصل ممثلًا، وفي جعبته الإخراجية مسلسلا “روبي” و”غدًا نلتقي” ومؤخرًا “تانغو”.

رشا شربتجي.. عدسة سوريا الأنثوية إلى العرب

برز اسم المخرجة السورية رشا هشام شربتجي مؤخرًا في الأعمال الدرامية التي تُنتَج وتُصوَّر في لبنان خصيصًا، حيث وجدت شربتجي هناك بيئتها المناسبة ماديًا وتسويقيًا وجماهيريًا، لتنتقل من وضع اسمها على أبرز المسلسلات السورية، ومنها “غزلان في غابة الذئاب” و”بنات العيلة” و”أشواك ناعمة” و”ولادة من الخاصرة”، إلى إخراج المسلسلات العربية، وكان آخرها “طريق”.

ورغم أن مسلسل “طريق”، لبطليه السوري عابد فهد واللبنانية نادين نجيم، لم يخل من الأخطاء الإخراجية، إلا أنه يُحسب لرشا شربتجي اعتمادها عدسة إخراجية تلامس الحياة اليومية للمشاهد، إذ غالبًا تختار نصوصًا اجتماعية بعيدة عن التكلف.

ويرى الناقد الفني جلال سيريس أن شربتجي بذلت ما بوسعها لتصوير قصة “طريق” المقتبسة من رواية “شريدة” للكاتب نجيب محفوظ، وإخراجها بطريقة السهل الممتنع، وبرأيه فقد نجحت في مسعاها.

وتسعى رشا في الأعوام الأخيرة إلى نقل اسمها للعالم العربي، خاصة في ظل غياب العدسة الإخراجية الأنثوية عن الدراما السورية والعربية ككل، وتتحمل رشا في ذلك مسؤولية كبيرة لارتباط اسمها باسم أبيها المخرج السوري الكبير هشام شربتجي.

المثنى الصبح.. نحو الدراما الخليجية

يتجه المخرج السوري المثنى الصبح في الآونة الأخيرة إلى إخراج المسلسلات الخليجية، وخاصة السعودية، إذ ساعد ضعف الدراما الخليجية بشكل عام على ظهور اسم الصبح في العالم العربي، خاصة في مسلسله الأخير “العاصوف” الذي أحدث نقلة نوعية في الدراما الخليجية، كونه يتطرق إلى حقبة قديمة من تاريخ المملكة العربية السعودية، أبرزها المثنى الصبح بعدسته.

ورغم جرأة نص “العاصوف”، التزم الصبح رؤية إخراجية جريئة أيضًا كجرأة النص، ليخرج العمل إلى النور محققًا انتشارًا كبيرًا في السعودية رافقه جدل.

تتلمذ الصبح على يد نخبة من المخرجين السوريين ومنهم حاتم علي وهيثم حقي، وفي مسيرته قائمة طويلة من الأعمال السورية والعربية مثل “العراب” و”على حافة الهاوية” و”أهل الغرام”، وهو المخرج المنفذ لـ “التغريبة الفلسطينية” و”ربيع قرطبة” و”الفصول الأربعة”.

لكنه وكغيره من المخرجين السوريين بدأ الصبح يبحث عن اسمه عربيًا بإخراجه للمسلسل السعودي “العاصوف”، وقبله “حارة الشيخ” السعودي أيضًا، مدفوعًا بظروف الحرب السورية التي بدلت حال الدراما السورية عمومًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة