رحلة المعونات على نوافذ التوزيع

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 149 – الأحد  28/12/2014 

afp-87abff612202c6d5f0560389cb8136f44ee2321bأسامة عبد الرحيم – الغوطة الغربية

استيقظت أم أحمد البالغة من العمر 55 سنة والتي تقيم في إحدى بلدات الغوطة الغربية على صوت مؤذن الفجر لتتوضأ وتصلي بسرعة، وتلملم أغراضها الضرورية من دفتر العائلة والهوية الشخصية بالإضافة إلى سند الإقامة وعقد الإيجار و500 ليرة أجرة السيارة، للانطلاق إلى بلدة الكسوة في ريف دمشق الغربي لتجلب مخصصاتها من المعونة الغذائية المحددة لها كل شهرين من شعبة الهلال الأحمر السوري.

تلك المساعدات التي باتت سند أم أحمد الوحيد بعد أن خسرت منزلها وأمتعتها بالقصف الذي طال مدينتها داريا وأجبرها على النزوح إلى الريف الغربي كحال مئات العائلات في المنطقة.

عند الساعة الخامسة والنصف صباحًا يطلق أبو رجب «زمور» سيارته البيك أب والمغطاة بشادر الأمم المتحدة الشهير، الذي بات الغطاء المتداول لمعظم سيارات البيك أب في أيام الشتاء، منبهًا أم أحمد للخروج بعد أن قام بجمع كامل ركابه وحشرهم في السيارة، التي أصبحت الوسيلة العامة للنقل في الكثير من المناطق الشعبية والتي يكثر فيها المهجرون.

ينطلق السائق شاقًا رحلته «المكوكية» كما يقول، باتجاه مركز التوزيع، والتي قد تتجاوز 3 ساعات نظرًا لكثرة الحواجز الأمنية واكتظاظها بالسيارات، ليصل عند السابعة صباحًا أو أكثر، وينتشر مئات القادمين إلى المركز على الطوابير قد يصل طولها إلى حوالي كيلو متر.

تشق أم أحمد طريقها باتجاه نافذة التوزيع بعد أن شارفت الشمس على الزوال، محاولة الحصول على حصتها باستماتة، وراجيةً من موظف التوزيع أن يرأف بحالها ويقرب لها دورها قبل نفاد الكمية أو انتهاء الدوام الرسمي، والعودة «بخفي حنين» كما حصل مع جارتها أم سعيد قبل أيام.

بعد أخذ وردّ تستطيع أم أحمد الحصول على حصتها، لتخرج من دوامة التوزيع وكأنها «ولدت من جديد»، مشيرة بعبارتها الشهيرة «الذي يصبر ينال»، لكنها تفاجأت عند وصولها إلى السيارة بأن بعض الصبية المنتشرين بالعشرات حول المركز قد سرقوا منها عبوتين من الزيت دون أن تشعر.

تتمتم أم أحمد ببعض الكلمات التوبيخية، وتعود محاولة توزيع الحصة على مدار الشهرين القادمين حتى يأتي دورها مرة أخرى.

أم أمجد زوجها معتقل منذ حوالي عامين، وهي المعيل الوحيد لبناتها الـ 5، وأكبرهن أسماء ذات الـ 9 أعوام والتي تخلفت عن المدرسة بسبب ظروف عائلتها المعيشية المتردية.

تضطر أم أمجد للتنقل من جمعية إلى جمعية لتسد احتياجات أبنائها، عن طريق بيع حصتها بنصف الثمن لأحد التجار المنتظرين على باب مركز التوزيع مبتزًا حاجتها مع غيرها من المضطرين للبيع.

تقول أم أمجد «أبيع حصتي كاملة لأشتري بعض الحاجيات الضرورية لبناتي، والتي لا تتوفر ضمن الحصة الغذائية؛ حاجياتنا ليست أكلًا وشربًا فقط، نحن نحتاج نقودًا لكي ندفع أجرة المحل الذي نسكن فيه بالإضافة إلى أدوية وحليب للأطفال.. لا أحد يفكر فينا، نحن نموت في اليوم مئة مرة، نقوم بأعمال الرجال ونتجاوز المخاطر لنحصل على حصة غذائية كل شهرين».




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة