“جيش خالد”.. من التشكيل إلى المبايعة والاستسلام

مقاتل من جيش خالد بن الوليد في حوض اليرموك بريف درعا_(جيش خالد)

camera iconمقاتل من جيش خالد بن الوليد في حوض اليرموك بريف درعا_(جيش خالد)

tag icon ع ع ع

أغلقت قوات الأسد والميليشيات المساندة لها ملف الجنوب السوري، بالسيطرة على آخر المناطق الخارجة عن نفوذها وهي حوض اليرموك بريف درعا الغربي، والذي خضع سابقًا لفصيل “جيش خالد بن الوليد” المبايع لتنظيم “الدولة الإسلامية”.

وعلى خلاف التوقعات لم يصمد التنظيم الجهادي كثيرًا في المعارك، إذ تسارعت التطورات العسكرية لصالح قوات الأسد، التي انضمت لها مجموعات عملت سابقًا في “الجيش الحر”، وكانت رأس الحربة على الأرض، كونها تعرضت في السنوات السابقة لضربات “موجعة” من التنظيم، وكسبت فرصة تلبي فيها “الثأر”.

وجاءت السيطرة على حوض اليرموك بموجب اتفاق “استسلام” للتنظيم أمام “مجموعات التسوية” والنظام السوري، كحادثة هي الاولى من نوعها في سياسية التنظيم، فقد سلم أكثر من 100 مقاتل أنفسهم بعد أسبوعين من القتال، أعدم منهم 25 عنصرًا بشكل ميداني، وآخرون نقلوا إلى مركز تجميع أمني تابع للنظام.

وتعرض عنب بلدي أبرز محطات التنظيم الجهادي في درعا:

اندماج ثلاثي

تأسس “جيش خالد”، في  أيار 2016، من اندماج فصيلين رئيسيين هما لواء “شهداء اليرموك” وحركة “المثنى الإسلامية” إلى جانب فصيل آخر يسمى بـ”جماعة المجاهدين”، وانتمى بفكره وعقيدته إلى التيار السلفي الجهادي.

وفي بيان التشكيل الذي ذيل باسم “قاطع حوض اليرموك” أوضح أنه سيتم إلغاء مسمى “مقر 105” وتحويله إلى مسمى “الأندلس”، ويلغى “مقر 106” بشكل نهائي.

واعتبر المقران المذكوران حينها مراكز أمنية تابعة لـ “لواء شهداء اليرموك” في المنطقة، وشهدا سابقًا قيادة المعارك في مواجهة فصائل المعارضة في محافظة درعا.

اندماج “شهداء اليرموك” و”المثنى” سبقه تشكيل تحالف عسكري مشترك بينهما مضاد لفصائل المعارضة في المنطقة الجنوبية، واتهما حينها من قبل فصائل المعارضة بالتبعية لتنظيم “الدولة الإسلامية”.

أما “جماعة المجاهدين” فهي مسمى جديد لـ “سرايا الجهاد” التي تمركزت سابقًا في منطقة القحطانية في ريف القنيطرة، ولوحقت أمنيًا وعسكريًا من قبل “جبهة النصرة” بحجة مبايعة تنظيم “الدولة”، وحصلت معارك بين الطرفين في نيسان 2015 راح ضحيتها نحو 100 قتيل بين الجانبين، قبل أن ينسحب هذا الفصيل إلى حوض اليرموك.

وكان بيان التشكيل الأول للتنظيم قد أغفل بشكل كلي النظام السوري والمعارك ضده، وشدد على أن مسؤولية “مقر الأندلس” (الأمن الداخلي) هي “التصدي لمحاولات الغدر والخيانة من قبل المرتدين (فصائل المعارضة)”، وسيكون منطلق عمل هذا المقر هو “المحكمة الإسلامية”.

وعين أميرًا جديدًا بعد إعلان التشكيل في منطقة حوض اليرموك يدعى “أبو عثمان الشامي”، خلفًا للأمير السابق “أبو عبد الله المدني”، وذهب ناشطون آنذاك إلى أن قرار تعيين “أبو عثمان الشامي” جاء بأوامر مباشرة من زعيم تنظيم “الدولة”، أبو بكر البغدادي.

ضربات طالت الأمراء

تعاقب على مسيرة التنظيم الجهادي عدة قادة وأمراء، وكانت الضربة الكبيرة التي طالته، في آب 2017، حين قتل ثلاثة من أمرائه خلال شهرين، بغارات جوية.

الأمير الأول هو “أبو محمد المقدسي”، والذي استلم الزعامة بعد مقتل زعيمه السابق “أبو هاشم الإدلبي” في تشرين الأول 2016، بعبوة ناسفة استهدفت سيارته.

وتزعم المقدسي تنظيم “الدولة” في منطقة الضمير بريف دمشق الشرقي، وخرج منها إثر اتفاق مع النظام السوري يقضي بانسحاب التنظيم من المنطقة إلى البادية، بدأ في نيسان 2016.

وبعد تشكل “جيش خالد” في حوض اليرموك، في أيار 2016، التحق المقدسي به ليصبح زعيمًا له، قبل أن يُقتل بغارة جوية، في 7 حزيران 2017، إلى جانب قائده العسكري العام “أبو عدي الحمصي”، والقيادي “أبو دجانة الإدلبي”.

الأمير الثاني الذي فقده التنظيم هو “أبو هاشم الرفاعي” من بلدة تل شهاب في ريف درعا الغربي. وعمل الرفاعي سابقًا “الأمير العسكري” لـ “لواء شهداء اليرموك”، وكان أحد أبرز مرافقي “أبو علي البريدي” (الخال)، مؤسس اللواء.

وفي 29 حزيران 2017، استهدف صاروخ من طراز “توماهوك”، رجحت مصادر مطلعة لعنب بلدي أن يكون قد أطلق من بارجة عسكرية أمريكية في البحر المتوسط، اجتماعًا لقيادة الجيش، ما تسبب بمقتل الرفاعي إلى جانب عشرة قياديين بارزين فيه.

“أبو تيم إنخل” هو الأمير الثالث البارز الذي تلقى التنظيم ضربة “قوية” بمقتله، وينحدر من بلدة إنخل في ريف درعا، وترك “الجيش الحر” والتحق قبل ثلاثة أعوام بفصيل “جيش الجهاد”، الذي خاض، في أيار 2015، معارك ضد “جبهة النصرة” و”الجيش الحر” في ريف القنيطرة، على خلفية اتهامه بارتباطه بتنظيم “الدولة”.

استراتيجية الكمائن

منذ اليوم الأول لسيطرة التنظيم الجهادي على حوض اليرموك، لم تتمكن فصائل المعارضة من إحراز أي تقدم فيه، رغم العمليات العسكرية والمعارك التي أطلقتها ضده بين الفترة والأخرى.

واعتبرت جبهات “جيش خالد” هاجسًا أمام الفصائل، والتي خسرت المئات من مقاتليها بهجمات مباغتة اتبعها التنظيم على فترات متفاوتة، وسيطر في كل مرة على سلاح وذخيرة.

الهجوم الأكبر الذي نفذه “جيش خالد” كان، في شباط 2017، وانتزع من خلاله بلدات وتلالًا أبرزها سحم الجولان وتسيل وتل الجموع، لتتوسع خريطة السيطرة له في الجزء الشمالي الغربي من مدينة درعا.

واعتاد “جيش خالد” معارك الكر والفر في منطقة حوض اليرموك، كما لم تنجح المعارضة في التقدم على حسابه خلال الأشهر الماضية، لاعتماده على الكمائن.

ومنذ منذ مطلع 2018، وثق “مكتب توثيق الشهداء في درعا” مقتل أكثر من 100 مقاتل من الطرفين (المعارضة، جيش خالد)، بالإضافة إلى المئات خلال العام الماضي.

محاكاة تنظيم “الدولة”

رغم عدم إعلان “جيش خالد” العقيدة التي يسير عليها في حوض اليرموك، إلا أن الإجراءات والأمور التي اتبعها كانت كفيلة بالتأكيد على تبعيته لتنظيم “الدولة”، وخاصةً من حيث الإعدامات التي نفذها والأحكام التي أطلقها على العسكريين والمدنيين القاطنين في مناطق سيطرته.

وتكررت صور تنفيذ أحكام الإعدام التي نفذها بحق المدنيين، بتهم شتى أبرزها “التعامل مع النظام أو الجيش الحر والسحر وسب الذات الإلهية والردة” وغيرها.

وفي كانون الثاني 2017، نقلت عنب بلدي عن مصادر مطلعة في حوض اليرموك، أن قرارًا صدر عن “جيش خالد” المسيطر على المنطقة، بتبييض سجونه بالكامل.

وأشارت المصادر حينها إلى وجود حوالي 20 معتقلًا في سجونه، قد يواجهون أحكام إعدام خلال الفترة المقبلة.

لم تخص الإعدامات المدنيين فقط بل طالت قادة في التنظيم نفسه، وفي حزيران 2017، أفادت مصادر من حوض اليرموك أن التنظيم الجهادي نفّذ “حكم القصاص” على مجموعة من قيادات سابقة وعناصر عملوا في صفوفه بتهمة “العمالة”، واغتيال قيادات في صفوفه، إضافةً إلى مدنيين.

ومن بين القياديين الذين أعدمهم الفصيل أبو عبيدة قحطان، ونادر القسيم أبو حسن النواوي، وخالد جمال البريدي، إلى جانب أبو تحرير الفلسطيني.

لكن بعد قرابة عام برأ الفصيل القياديين الذين أعدمهم، وقال إن “المدعى عليهم مسلمون لم تثبت عمالتهم ولا تورطهم في مقتل أبو هاشم الإدلبي، والأصل براءة ذمتهم وأنهم قتلوا ظلمًا، على أن ترد الأموال التي صودرت منهم”.

مبايعة

بقي “جيش خالد” محتفظًا بهويته دون توضيح الجهة التي يتبع لها حتى حزيران عام 2018، إذ أقر بانتمائه لتنظيم “الدولة” في بيان نشره مكتب العلاقات العامة للأخير.

وتزامن إقرار الفصيل بالتبعية للتنظيم مع العملية العسكرية التي بدأتها قوات الأسد في محافظة درعا ضد فصائل المعارضة، والتي بدأت أولى تحركاتها في الريف الشرقي وخاصة منطقة اللجاة.

اختلفت الإعلانات الخاصة بـ”جيش خالد” وانتقلت أخبار معاركه من معرفاته الرسمية إلى معرفات وكالة “أعماق” التابعة للتنظيم، والتي أطلقت اسم “ولاية حوران” في الأخبار التي توردها عن حوض اليرموك.

وبالتزامن مع تقدم قوات الأسد على حساب المعارضة في درعا، استغل “جيش خالد” الفرصة واستقبل العشرات من المدنيين من المناطق التي شهدت قصفًا من الطيران الروسي، وأدرجهم في معسكرات تدريبيبة، كخطوة استباقية للعملية العسكرية التي أطلقت ضده.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة