الرصاصة التي لفت الكوع وقتلت صاحبها!!

tag icon ع ع ع

إبراهيم العلوش

نعت صفحات مؤيدة، في الأسبوع الماضي، مقتل عزيز إسبر، عرّاب الصواريخ الإيرانية، وأحد مطوري الترسانة الكيميائية، وهو أيضًا أحد المشرفين على تطوير وتصنيع البراميل المتفجرة في وادي جهنم غربي حماة، بالإضافة إلى ابتكاره أجيالًا من الصواريخ التي أسهمت بتدمير المدن السورية.

هذا العالم، الذي تصفه صفحات الشبيحة بأنه خسارة كبيرة للبحوث العلمية السورية، لديه عدة شهادات دكتوراه من فرنسا ومن غيرها، وهو رجل الثقة للإيرانيين، ولحزب الله، ناهيك عن كونه من المقربين إلى بشار الأسد الذي يحتفي (بالتطوير وبالتحديث)، وبتجديد طاقم أعوانه!

ما إن يتفوه أحد ما بعبارة البحوث العلمية في سوريا، حتى يثير الرعب في الجلسة، فمراكز البحوث العلمية في بلادنا تتبع لأجهزة المخابرات، وهي ليست مصممة لرفاهية الشعب السوري، وليست معنية بزيادة الإنتاج وتطويره، بل لتصميم الصواريخ وقذائف المدفعية والغازات الكيميائية، وتطوير البراميل المتفجرة، التي حققت كل أهدافها بتدمير معظم المدن السورية، وتهجير نصف السكان، وإحرازها أكثر من مليون شهيد وجريح خلال سنوات بعد آذار 2011، تاريخ مطالبة الشعب السوري بحريته، وانتهت هذه الجهود أخيرًا إلى تسليم سوريا لعدة دول احتلال في آن واحد.

مقتل عزيز إسبر يذكرنا بمقتل محمد سليمان، الذي لا يزال ملتبسًا، في “شاليه” على البحر المتوسط قرب مدينة طرطوس عام 2008، وهو الذي كان يجمع الكثير من صفات إسبر، فهو مهندس مدني، ورجل ثقة عند الإيرانيين، ومقرب من بشار الأسد، وتم نعيه كأحد رفقاء باسل الأسد، الذي حالت الأقدار دون أن يمتع نفسه بحفلة الشواء البشرية التي تديرها عائلته اليوم. ومحمد سليمان من نفس منطقة عزيز إسبر الواقعة في محيط معمل الصواريخ الإيرانية في مصياف، والتي صارت قلعة لتطوير صناعة الموت ضد السوريين، بالصواريخ وبالكيماوي، وبالبراميل المتفجرة، بدلًا من أن تكون مركزًا سياحيًا يجتذب الناس من كل أنحاء العالم لجمال المنطقة، وغناها التاريخي، وطيبة أهلها.

إيران اعتبرت مقتل عزيز إسبر استهدافًا لها ولمشاريعها (التنموية) في سوريا، فهو كان المشرف على نقل الأسلحة إلى حزب الله، وعلى تجميع تقنيات الصواريخ الدقيقة التي يصل مداها إلى كل أنحاء البلاد السورية، وهذه الصواريخ الإيرانية كانت ضمن منظومة المشاريع التنموية التي كانت تستهدف “زرع البطاطا” في المدن السورية بعد إفراغها من السكان، كما كانت تردد وسائل الإعلام الرسمية. خاصة وأن هذا العالم كان يطلق على قاسم سليماني لقب “قاهر العرب من المحيط إلى الخليج” معبرًا عن شعوره بالدونية تجاه سادته، ومحتلي بلده، في حسابه على “فيس بوك” باسمه المستعار نادر كوسا، كما ذكرت بعض المواقع الإلكترونية، حيث توقفت الصفحة عن النشر بتاريخ مقتله.

بدورهم الشبيحة المعتدلون يؤكدون على فصل العلم عن القتل، فالصواريخ والغازات الكيماوية، والبراميل المتفجرة التي كان يسهم بتطويرها عزيز إسبر تعبّر عن عبقرية سورية نادرة، ويجب الاحتفاء بها، وعدم الالتفات إلى تداعياتها الأخرى، التي تهدف إلى تشويه سمعة الفقيد، الذي استهدفته الإمبريالية والصهيونية والوهابية!

ولكن.. وعلى الحدود السورية، لا ترضى إسرائيل (الصهيونية) إلا ببشار الأسد على حدودها، فعائلة الأسد ضمنت الحدود السورية الإسرائيلية في الجولان المحتل منذ اتفاقية فصل القوات عام 1974، التي وقعها كل من حافظ الأسد، وهنري كسينجر (الإمبريالي)، وهذا ما يجعل من مقاومة الصهيونية مجرد كذبة تسببت بإعاقة المجتمع السوري، وسجنه بشعارات فارغة ومعوّقة لتطوره، أدّت إلى تجميع كل هذا العتاد، وكل هذه الأجهزة المخابراتية التي تقوم اليوم بتدمير سوريا، وتهجير أهلها بشكل ممنهج.

النظام قام بالكثير من التصفيات، فهو لم يوفر رجاله وشبيحته كغازي كنعان، ورستم غزالة، وجامع جامع، وعصام زهر الدين، وحتى آصف شوكت زوج بشرى الأسد. وهذه إحدى ميزات النظام الإيجابية التي يخلّص بها البلاد من النفايات النووية التي يصنعها بشكل دوري، وبعد أن يدخلوا في مرحلة العظمة والكَلَب. فلو بقي كل المجرمين واللصوص والمخبرين، الذين صنعهم حافظ الأسد وابنه، على قيد الحياة، لعادت الكرة الأرضية كلها إلى العصر الحجري، وليس سوريا فقط!

هل كانت القذائف التي استهدفت عزيز إسبر مساء السبت الرابع من آب 2018، هي من قذائف تصفيات النظام وخلاصه من العناصر، التي صارت تعرف أكثر من اللازم؟

أم هي مجرد قذائف لفت الكوع وقتلت صاحبها، تيمنًا بالاسم الوهمي لفيلم كابوي أمريكي اخترعه أحد السوريين كسخرية من موجة الأفلام التكساسية التي انتشرت في السبعينيات من القرن الماضي؟

عزيز إسبر كائنًا من كان قاتله، مثله مثل الكثيرين من رجالات النظام، لم يستخدم علمه، ولا عقله من أجل السوريين، أو الدفاع عنهم، رغم أنه درس على حساب الشعب السوري، ولكنه استعمل علمه من أجل قتلهم، وتدمير بيوتهم وتهجيرهم، وسيلقى أمثاله مثل هذا المصير، فطلقات الخيانة التي أطلقوها على الشعب السوري، ستدور العالم، وترجع إلى رؤوسهم المحشوة بشعارات القتل!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة