حين تتحدى بلاغة اللغة سلطة

رواية “إعجام”.. لـ سنان أنطون

tag icon ع ع ع

من مخطوطة مبهمة كتبها معتقل بخط يده في أحد السجون العراقية، تنطلق أحداث رواية “إعجام” للكاتب العراقي الأمريكي، سنان أنطون، التي تتناول السلطة القمعية التي فرضها “حزب البعث” في العراق، في ظل حكم صدام حسين.

بطل الرواية هو طالب مسيحي يدرس اللغة الإنكليزية وآدابها في الجامعة، ويتعرض لمضايقات من أعضاء الحزب المنضوين في اتحاد الطلبة العراقيين نتيجة مواقفه المعارضة للنظام، وهو ما ينتهي به معتقلًا.

يناور الكاتب بين الأحداث التي تدور في السجن، وبين ذاكرته التي طبعها “البعث” في جميع مراحل حياته، بدءًا من المرحلة الابتدائية، حين كان يفرض على الطلاب الخروج بمسيرات لتأييد ودعم “القائد”، مرورًا بالمرحلة الثانوية وصدامه مع البعثيين الراغبين في ضمه إلى الحزب، وحتى المرحلة الجامعية حيث تدور أغلب أحداث الرواية.

وتحضر الحياة العاطفية للكاتب في أغلب صفحات الرواية، مقارنة بضآلة الحضور العائلي، إذ يعيش بطل الرواية مع جدته منذ أن توفي والداه وهو لا يزال طفلًا، وتبدو شخوص الرواية قليلة بالعموم، فلا تكاد علاقات البطل تتعدى جدته وصديقه الوحيد وحبيبته.

ويحاول الكاتب أن يهرب من تفاصيل اعتقاله، رغم أنه يتحدث عن مواقف مريرة تعرض لها هناك، كتعرضه للاعتداء الجنسي من قبل أحد الضباط، ويبقى خلال الرواية غير قادر على تحديد المكان النفسي الذي يقبع فيه البطل، ويصفه بأنه: هنا(ك).

يعتمد أنطون، الذي درس الأدبين الإنكليزي والعربي في العراق وأمريكا، على الطباق والجناس اللغوي للتعبير عن مواقف البطل، ويستخدم هوامش لتوضيح الكلمة الأصلية، فيستبدل القائد بـ “القاعد”، والحقوق بـ “العقوق”.

لا يتجاوز عدد صفحات الرواية 128 صفحة، وهي قائمة على تكثيف الأفكار وضخ الحالة النفسية الكفيلة بتقبل نهايتها المفتوحة التي تعطي صورة واضحة عن مصير البطل، كما يُظهر الكاتب البطل بشخصية أقرب للسلبية نتيجة تعرضه لضغوط اجتماعية ومعارضته للنظام الحاكم.

والكاتب سنان أنطون، يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1991 أي بعد نشوب حرب الخليج، وحصل على الماجستير من جامعة “جورج تاون” عام 1995 والدكتوراه في الأدب العربي من جامعة “هارڤارد” بامتياز عام 2006.

صدرت روايته الأولى “إعجام” عام 2003 عن دار الآداب للنشر والتوزيع في العراق، وتُرجمت إلى الإنكليزية والنرويجية والبرتغالية والألمانية والإيطالية، ونشر روايته الثانية “وحدها شجرة الرمان” عام 2010، وترجمها بنفسه إلى الإنكليزية وفازت الترجمة بجائزة بانيبال- سيف غباش عام 2015 لأفضل ترجمة أدبية من العربية.

كما صدرت له مجموعة شعرية بعنوان “موشور بغداد”، وله أعمال عدة في مجالي الترجمة والأفلام الوثائقية، ويعمل حاليًا أستاذًا مساعدًا في جامعة نيويورك.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة