إحالة المرضى من سوريا.. إشكاليات تعترض “باب الهوى”

camera iconمرضى سوريون يستعدون للدخول إلى تركيا عبر معبر باب الهوى- 12 أيلول 2018 (حساب المعبر في تيلغرام)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – رهام الأسعد

يردد الأطباء على مسامعها دائمًا أنه لا يوجد علاج لمرضها في إدلب، يكتبون لها تقارير طبية تثبت ذلك على أمل نقلها إلى تركيا لتلقي العلاج، لكن طلباتها كانت دائمًا تقابل بالرفض من قبل المسؤولين عن الملف الطبي، تحت دواعي عدم توفر علاج لها في تركيا ووجود حالات مرضية أكثر اضطرارًا.

منذ إصابتها بمرض التليف في الرئتين، تسعى ريما (28 عامًا) إلى الانتقال من مرحلة تناول المسكنات المؤقتة إلى مرحلة العلاج الجذري الذي قد ينهي معاناتها المستمرة منذ أربعة أعوام، مستشعرة قليلًا من الأمل مع إعلان تركيا فتح حدودها أمام المرضى السوريين من أصحاب الحالات “الساخنة”.

بدأت قصة ريما مع المرض بعد وفاة زوجها عام 2014، حين ساءت حالتها الصحية والنفسية المترافقة مع ضيق في التنفس، فأجرت زيارة للطبيب ظنت أنها مراجعة عادية، وهناك تلقت خبر إصابتها بتليف في الرئتين، حيث أبلغها الطبيب أنه نوع من أنواع مرض السرطان، لكن الوقع الأكبر كان تأكيده أن لا علاج لمرضها في سوريا.

حينها، اضطرت ريما، وهي أم لثلاثة أطفال، إلى الاستسلام للأمر الواقع، خاصة أن احتمالات الخروج من سوريا بدت معدومة أمامها، ما اضطرها للعيش على أدوية مسكنة ومبطّئة للمرض، سببت لها مشاكل صحية أخرى، كون الأدوية هي من نوع “كورتيزون”.

ومع تخصيص تركيا مكتبًا طبيًا في معبر باب الهوى، والذي سمحت بموجبه للمرضى السوريين بالدخول برًا إلى الأراضي التركية لتلقي العلاج في مستشفياتها، حاولت ريما التخلص من اليأس متوجهة نحو المكتب الطبي لمعبر باب الهوى وبيدها تقارير طبية تثبت سوء وضعها.

لكن الطبيب الذي عُرضت عليه في المكتب أبلغها متأسفًا أن حالتها ليس لها علاج في تركيا، وبالتالي فإنه لا يمكن إحالتها إلى العيادات كون حالتها لا تندرج ضمن الحالات “الباردة” أو “الساخنة”، بحسب ما قالت ريما لعنب بلدي.

وأضافت أنها كررت زيارتها للمعبر مبلغة إياهم أنها أم لثلاثة أطفال أيتام لا معيل لهم، وأنها على استعداد للدخول إلى تركيا بمفردها لتلقي العلاج الفوري والعودة إلى سوريا، لكن جميع محاولاتها لم تجدِ حتى الآن.

المعبر يوضح

لدى تواصلنا مع المكتب الطبي لمعبر باب الهوى الحدودي، أوضح مدير المكتب، الدكتور بشير إسماعيل، أن حالة ريما لا تندرج ضمن أمراض السرطان كما شخّص الأطباء حالتها.

وأشار في حديث لعنب بلدي إلى أن التليف لا يعتبر من ضمن الأورام الخبيثة، ولا يوجد علاج جراحي له، وإنما تتم مداواة المريض عبر إعطائه أدوية مبطئة للمرض، وجرعات من الأوكسجين الصناعي في حال أصيب بنوبات ضيق تنفس.

ونفى إسماعيل أن يكون الأطباء في معبر باب الهوى استبعدوا ريما في حال كانت مصابة بمرض السرطان، مضيفًا أن مرضى السرطان لهم الأولوية دائمًا بالتحويل إلى المستشفيات التركية لتلقي العلاج.

وتشير إحصائيات المكتب الطبي لمعبر باب الهوى إلى أن 60% من المرضى الذين تم تحويلهم إلى تركيا، منذ مطلع عام 2018 وحتى آب الماضي، هم من مرضى السرطان، ويقدر عددهم بنحو 1050 حالة، بحسب مدير المكتب.

وتصنف الحالات الواجب نقلها إلى تركيا لتلقي العلاج ضمن فئتين، حالات ساخنة أو إسعافية وهي التي تكون مهددة بالموت خلال 24 ساعة حيث يتم نقلها مباشرة، وحالات باردة تُدرج أسماؤها على قوائم الانتظار، وتدخل إلى تركيا خلال فترة من أسبوع إلى ثلاثة أشهر، بحسب حاجة كل حالة.

وأوضح مدير المكتب الطبي أنه بالإضافة إلى الحالات الإسعافية، تعطى الأولوية دائمًا لمرضى السرطان والجراحات القلبية التي تندرج ضمن الحالات “الباردة”، مضيفًا، “قد يتم استبعاد بعض الحالات الاضطرارية في حالة واحدة فقط، وهي عدم توفر علاج لها في تركيا، حيث يتم إعطاء الأولوية للمرضى الذين لديهم فرصة للعلاج”.

ومع ذلك، وعد مدير المكتب الطبي في باب الهوى، الدكتور بشير إسماعيل، بالاطلاع على ملف ريما الطبي لمعرفة نوع مرضها بالتحديد وما إذا كان يستدعي التحويل إلى المستشفيات التركية أم لا.

شروط وآليات الإحالة إلى تركيا

يحدد المكتب الطبي في معبر باب الهوى الحدودي آلية واضحة لتحويل المرضى السوريين في مناطق المعارضة السورية إلى المستشفيات التركية.

ويتوجب على المريض زيارة العيادات الخارجية لمشفى باب الهوى حسب الاختصاص المناسب، ويقترح الطبيب تحويله إلى تركيا بإحالة موقعة ومختومة، في حال لم يكن العلاج متوفرًا في الداخل.

ويتم رفع الإحالات إلى مكتب التنسيق الطبي من قبل إدارة العيادات بشكل دوري، بحيث تتم دراسة الإحالات وإعطاء الدور المبدئي لكل مريض بحسب الأولوية الطبية.

ويحق للمكتب الطبي رفض الحالات التي لا يراها مناسبة، وفق البيان الصادر عن المكتب الطبي للمعبر، في آذار 2017.

وفي حديث سابق لعنب بلدي، قال عضو المكتب الإعلامي، عمار الزير، إن دخول المرضى إلى تركيا وخروجهم منها يجري يوميًا عدا السبت والأحد، باعتبارهما يومي العطلة الرسمية في تركيا.

ويجب تسجيل مواعيد المراجعة في الجانب التركي قبل شهر لدى المكتب الطبي للمعبر، كي يستطيع صاحبها معاودة الدخول إلى تركيا، وفق البيان.

ولا يسمح الطرف التركي بالمرافقين، باستثناء المرضى الأطفال (عمرهم أقل من 15 عامًا) أو المعوقين، ويشترط أن يكون المرافق بعمرٍ يتراوح بين 18 و60 عامًا، وله درجة قرابة مع المريض.

وفي حال ساءت حالة المريض يمكن أن يأخذ دورًا أسرع، بعد إحضار تقرير طبي مفصل عن حالته من طبيب اختصاصي ومراجعة المكتب الطبي للمعبر.

كما يسمح للمريض بحمل حقيبة ملابس واحدة صغيرة أو متوسطة.

ويقدر العدد الثابت للمرضى الذين يدخلون من مناطق المعارضة في الشمال السوري إلى تركيا لتلقي العلاج بنحو 20 حالة يوميًا، ما عدا يومي السبت والأحد، وغالبًا تعطى الأولوية للحالات الإسعافية المهددة بالموت، بحسب ما قال مدير المكتب الطبي لعنب بلدي.

واتخذت السلطات التركية، منذ أكثر من عام، سلسلة إجراءات قلّصت من دخول السوريين إلى أراضيها عبر المعابر البرية، كما فرضت تأشيرة دخول (فيزا) على السوريين القادمين جوًا وبحرًا، في كانون الثاني 2016.

في حين يستمر دخول الحالات المرضية عبر معبر باب الهوى وفق تعليمات محددة، لا تسمح إلا بدخول الحالات الطارئة التي لا يوجد علاج لها في سوريا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة