مسيحيو ريف حمص يعودون إلى أراضيهم بدعاوى قضائية

  • 2018/09/16
  • 10:40 ص

أراض زراعية في مدينة الرستن بريف حمص الشمالي - 2017 (عنب بلدي)

حمص – عروة المنذر

برزت عدة ملفات بعد سيطرة النظام السوري على ريف حمص الشمالي بموجب اتفاقيات “التسوية”، من بينها وضع الأملاك والعقارات التي تركها أصحابها في السنوات الماضية في أثناء المعارك، خاصة بعد تجهز أصحابها الأساسيين للعودة إليها، لا سيما أن العمليات العسكرية قد انتهت، ويدور الحديث حاليًا عن عودة “الأمن والاستقرار”.

أدت العمليات العسكرية، في عام 2012، إلى تهجير سكان عدة قرى في الريف الحمصي من أراضيهم ومنازلهم، ومن بينهم سكان قرية أم شرشوح ذات الغالبية المسيحية، والذين تحولت قريتهم في السابق إلى خط مواجهة وصولًا إلى سيطرة فصائل المعارضة عليها، في نيسان 2014.

يعود أهالي أم شرشوح إلى قريتهم اليوم، ويرفعون دعاوى قضائية ضد أشخاص استملكوا أراضيهم في السنوات الماضية واستثمروها بمجالات مختلفة أبرزها الزراعة، وذلك بعد دخولهم إليها بعقود مع المحاكم الشرعية التابعة لفصائل المعارضة والتي وضعت يدها عليها بشكل فوري.

تهجير أم شرشوح

بعد دخول قوات الأسد والميليشيات المساندة لها إلى قرية أم شرشوح في الأيام الأولى للعمليات العسكرية بريف حمص، اضطر سكانها للخروج إلى أماكن أخرى خوفًا من المعارك، لكنهم خرجوا بـ “ثيابهم”، إذ لم يسمح لهم بإخراج ممتلكاتهم.

عيسى شاب من القرية (طلب عدم ذكر اسمه الكامل) قال لعنب بلدي إن قوات الأسد دخلت إلى القرية سابقًا بالاتفاق مع بعض الأشخاص الذين اعتقدوا أنهم بإدخالها يستطيعون الحفاظ على القرية، لكن الأمر كان مختلفًا، “أجبرنا على إخلاء منازلنا ولم يسمح لنا بإخراج ممتلكاتنا، بحجة أننا سنعود بعد عدة أيام ليدخل الشبيحة ويعفشوا البيوت بشكل كامل”.

وأضاف الشاب أن النظام لم يكن يريد حماية المسيحيين من قبل فصائل المعارضة بل أراد نقل خطوط المعركة بعيدًا عن القرى العلوية المجاورة، لتكون أم شرشوح ساحة المعركة ما أدى إلى دمارها بنسبة عالية، وصولًا إلى سيطرة المعارضة عليها في 2014.

أراضي المسيحيين لصالح المحاكم

بعد خروج مسيحيي أم شرشوح من قريتهم لم يتمكنوا من الوصول الى أراضيهم الزراعية والعودة إليها فيما بعد، فقامت المحاكم الشرعية التابعة للفصائل بوضع يدها عليها وتأجيرها لسكان المنطقة مقابل مبالغ تعود لصالحها، كما منعت جيران المسيحيين من أبناء المنطقة من زراعة الأراضي وإرسال ثمن المحاصيل لهم، بحجة أنهم موالون للنظام حتى لو تم توقيع عقد إيجار رسمي.

أحمد من قرية الفرحانية قال لعنب بلدي، “بعد خروج المسيحيين من قريتهم لم يتمكنوا من الوصول الى أراضيهم، وقام أحد جيراني المسيحيين بتوكيلي على الأرض لزراعتها وإرسال الأرباح له، لكن المحاكم الشرعية والفصائل عمدت إلى وضع يدها على الأراضي وقامت بطرحها في مزاد علني للإيجار للمكتتبين، ما جعلنا عاجزين عن خدمة جيراننا المسيحيين، وأجبر بعضهم على بيع أراضيهم بأسعار زهيدة بسبب فقدانهم أمل العودة الها”.

عودة بدعاوى

بسبب تدني الوضع المعيشي لسكان ريف حمص خلال حصار قوات الأسد، اضطر البعض منهم لاستئجار أراضي المسحيين من المحاكم لزراعتها وتأمين دخل بسيط، ومع دخول المنطقة في تسوية مع النظام السوري أصبح بإمكان المسيحيين الوصول إلى أراضيهم ومنازلهم المدمرة، لكن الأمر جاء مع دعاوى قضائية بحق من كانوا يقومون باستئجار أراضيهم من المحاكم الشرعية.

“أبو خليل”، من مزارعي مدينة تلبيسة، أوضح لعنب بلدي أنه استأجر أرضًا من المحكمة الشرعية بمبلغ ثلاثة آلاف ليرة عن الدونم الواحد، وكانت مزروعة أشجارًا مثمرة.

وفي أثناء استئجاره للأرض أقدمت عصابات على قص الأشجار وبيعها دون علمه، ما انعكس عليه بضرر كبير، خاصة بعد عودة صاحب الأرض الأصلي ورفعه دعوى عليه، مطالبًا بتعويض الاستثمار خلال السنوات السبع الماضية.

وأوضح “أبو خليل” أن التعويض الذي طلبه صاحب الأرض يبلغ ثلاثة ملايين ليرة سورية، مشيرًا إلى أنه تواصل مع شخصيات في المحاكم الشرعية ممن بقوا في ريف حمص، ورفضوا الشهادة إلى جانبه في القضية، وبرروا ذلك بأنهم سيتعرضون للمساءلة.

واعتبر أحد المواطنين المسيحين من أم شرشوح في حديث لعنب بلدي أن “بعض أشخاص القرية تجردوا من إنسانيتهم، ولا يهمهم الحرام والحلال، وقسم آخر حرضتهم القرى العلوية المجاورة على رفع الدعاوى (…) الطيران الحربي التابع للنظام دمر بيوتهم فهل يستطيعون رفع دعوى على الجيش والمطالبة بالتعويض؟”.

مقالات متعلقة

  1. "أم شرشوح".. قرية مهجورة عانت من ظلم الخصوم
  2. انتكاسة في الواقع الصحي بريف حمص بعد التسوية
  3. حمص دون تركمان.. وعود تركية بإعادة توطينهم
  4. النظام يفتح ملف المحاكم الاقتصادية القديمة في ريف حمص

مجتمع

المزيد من مجتمع