مرسومان.. وآلاف من الكرد السوريين بلا جنسية

أزياء كردية في القامشلي (صحيفة العرب)

camera iconأزياء كردية في القامشلي (صحيفة العرب)

tag icon ع ع ع

أن يجرى إحصاء خاص بالحسكة وحدها دون بقية الأراضي السورية، ولمدة يوم واحد فقط، من شأنه أن يخلف آلافًا من عديمي الجنسية منذ عشرات السنين.

 

“لم يكن لهذا التقرير أن يرى النور، لولا الشجاعة التي تحلّى بها جميع الشهود والضحايا، الذين تمّت مقابلتهم لغرض هذا التقرير”، هكذا افتتحت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تقريرها الذي أعدته، بمناسبة مرور الذكرى السنوية الـ 56 لإجراء الإحصاء السكاني الاستثنائي في محافظة الحسكة (شمالي شرق سوريا).

تشكّل الحسكة إحدى المناطق الغنية بتنوعها من حيث القوميات والأديان الموجودة فيها، إذ توجد فيها ديانات وقوميات مختلفة، مثل السريان الآشوريين، الكرد، العرب، الأرمن ،والشيشان وغيرهم.

إحصاء 1962 وبداية القصة

جرى الإحصاء بشكل فعلي في محافظة الحسكة فقط دون باقي المحافظات السّورية، بموجب المرسوم التشريعي رقم 93 والمؤرخ في 23 من آب 1962، والذي صدر فعليًا من قبل ما سُمّي آنذاك بـ “حكومة الانفصال”، و استند ذلك المرسوم القاضي بإجراء الإحصاء في محافظة الحسكة إلى المرسوم التشريعي رقم (1) والمؤرخ في 30 من نيسان 1962، وعلى القرار الصادر عن مجلس الوزراء المنعقد برئاسته رقم (106) والمؤرخ في  23 من آب 1962، وتضمّن المرسوم الذي بات يُعرف حاليًا باسم “إحصاء الحسكة 1962”.

نص المرسوم في مادته الأولى على أن “يجري إحصاء عام للسكان في محافظة الحسكة في يوم واحد يُحدّد تاريخه بقرار من وزير التخطيط بناءً على اقتراح وزير الداخلية”.

وتوجد في الحسكة فئتان من عديمي الجنسية: أجانب الحسكة، وهم خليط من القوميات التي تعيش هناك، وفئة مكتومي القيد.

وبحسب التقرير الذي أعدته “سوريون من أجل العدالة والحقيقة”، فإنّه وحتى مطلع العام 2011 كان عدد فئة “أجانب الحسكة” (أصحاب البطاقة الحمراء) والمسجلين ضمن قيود مديرية السجل المدني 346242 فردًا.

وتمّ تمييز الهويات الشخصية التي حصل عليها أجانب الحسكة بشفرات خاصّة، إذ وضع الرقم 8 بعد رقم الخانة/القيد لتصبح كالتالي “××/8”.

ويقول مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، بسام الأحمد، لعنب بلدي، “هناك جهود كبيرة تم بذلها من قبل ناشطين ومنظمات حقوقية حاولت إيصال أجانب الحسكة ومكتومي القيد فيها إلى حقوقهم بعد الإحصاء الاستثنائي”.

واستمر عمل الناشطين حتى اندلاع الثورة في سوريا، والمطالبة بإجراء إصلاحات شاملة في البلاد، إذ صدر المرسوم التشريعي رقم (49) بتاريخ 7 من نيسان 2011، ونشر موقع مجلس الشعب السوري مرسومًا تشريعيًا معنونًا بـ “منح الجنسية العربية السورية للمسجلين في سجلات أجانب الحسكة” جاء في مواده ما يلي:

المادة 1: يُمنح المُسجلون في سجلات أجانب الحسكة الجنسية العربية السورية.

المادة 2: يُصدر وزير الداخلية القرارات المتضمنة للتعليمات التنفيذية لهذا المرسوم.

المادة 3: يُعتبر هذا المرسوم نافذًا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

وأصبح بعد صدور هذا المرسوم وحتى نهاية شهر أيار عام 2018 ، عدد الحاصلين على الجنسية السّورية من نفس الفئة “أجانب الحسكة” 326489 من أصل 346242  فردًا، فيما لا يزال هنالك 19753 فردًا من نفس الفئة غير حاصلين على الجنسية السورية بعد.

أما فئة “مكتومي القيد”، فوصل عدد أفرادها حتى العام 2011 إلى أكثر من 171300 فرد، حصل حوالي 50400 منهم على الجنسية السّورية، بعد تصحيح وضعهم القانوني من فئة المكتومين إلى فئة أجانب الحسكة وبالتالي إلى فئة المواطنين السوريين.

ولكن هنالك حوالي 4100 حالة لم تستطع تصحيح وضعها القانوني بسبب مشاكل صادفتها الأحوال المدنية في أثناء إدخال ملفاتهم إلى قيود فئة أجانب الحسكة.

ولا يزال هنالك أقل من 5000 شخص لم يراجعوا دوائر النفوس من أجل تصحيح وضعهم القانوني.

وبالمحصلة بلغ مجموع عدد المجردين (المحرومين) من الجنسية منذ عام 1962 إلى العام 2011 أكثر من 517 ألفًا من الكرد السوريين، بحسب التقرير.

ويضيف الأحمد، “عملنا على تناول قضية الكرد المحرومين من الجنسية من زاوية المواطنة وحقوق الإنسان، بعد أن كانت تؤخذ من وجهة نظر سياسة، وذلك لتتم الاستفادة من المعلومات الواردة في هذا التقرير بالنسبة للسوريين سواء داخل سوريا، أو في بلاد اللجوء ولا يملكون حق المواطنة السورية، لكي يتعرفوا على حقوقهم التي تم تجريدهم منها وتبعات ذلك”.

وعلى خلاف المواطنين السوريين المتمتعين بالجنسية السورية، فإنّ الكرد السوريين الذين تمّ حرمانهم من الجنسية بموجب الإحصاء الاستثنائي عام 1962، عانوا ولا يزالون يعانون الحرمان من أبسط الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية فضلاً عن الاقتصادية، بل إنّ البعض منهم أتى إلى هذه الدنيا وفارق الحياة دون أن يُدرك معنى المواطنة، ودون أن يُفلح في الحصول على الجنسية السورية أو على شهادة ولادة أو شهادة وفاة.

وتخضع معظم مناطق محافظة الحسكة بما فيها القامشلي للإدارة الذاتية حاليًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة