متلازمة داون.. مع التأهيل يمكن للمصاب أن يعيش حياة عادية

متلازمة داون
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

تعتبر متلازمة داون أشهر اضطراب ولادي صبغي معروف بين الناس، وهي تتسم بملامح جسدية مميزة، كميلان فتحة العين والعنق القصير والعريض والأنف الأفطس وغيرها، كما تترافق بإعاقة ذهنية وتأخر في النمو، ويمكن أن تترافق ببعض المضاعفات الصحية الأخرى.

وعلى الرغم مما يبدو من تشابه الشكل بين الأطفال المصابين إلا أن الاختلافات واسعة جدًا في نطاق قدراتهم، وذلك لأسباب منها ما يتعلق بشدة المرض، ومنها ما يتعلق بالبيئة المحيطة ومدى إسهامها في التأهيل من عدمه، ولذلك يصعب التنبؤ عند الولادة بدرجة التأثر بالمرض مستقبلًا.

ما مضاعفات الإصابة بمتلازمة داون

قد يكون الأشخاص المصابون بمتلازمة داون أصحاء تمامًا ولا يعانون من أي أمراض، وقد يكون لدى بعضهم الآخر مشاكل صحية، وتصبح هذه المشاكل أكثر بروزًا كلما تقدموا في العمر، ويمكن أن تتضمن تلك المضاعفات الآتي:

  • عيوب خلقية في القلب: يولد حوالي نصف الأطفال المصابين بمتلازمة داون مصابين بأحد أنواع أمراض القلب الخلقية،  وأشهرها على الإطلاق الثقب في الحاجز القلبي ورباعي فالوت، وقد تتطلب هذه العيوب الجراحة في مرحلة الطفولة المبكرة، وقد يتم تأجيلها فيما بعد، وأحيانًا يُكتفى بالعلاج مع المتابعة فقط.
  • عيوب الجهاز الهضمي: تحدث تشوهات الجهاز الهضمي لدى بعض الأطفال المصابين بمتلازمة داون، وقد تتضمن تشوهات الأمعاء، والمريء، والشرج. قد يزداد خطر الإصابة بمشكلات هضمية، كالإمساك، والإسهال، وعسر الهضم، والارتجاع المعدي المريئي، وغيرها، ومع تقدم السن قد يعاني الشخص المصاب بالمتلازمة من صعوبة في البلع.
  • مشاكل عينية: يعاني نصف أطفال متلازمة داون من مشاكل في الرؤية، كالحوَل وطول النظر وقصر النظر وعدوى العين المختلفة وتذبذب المقلتين والمياه الزرقاء والبيضاء، وقد يتطلب العلاج مجرد ارتداء نظارة طبية أو تدخلًا جراحيًا في بعض الحالات.
  • مشاكل أذنية: يعاني الأطفال المصابون بمتلازمة داون من التهابات الأذن الوسطى المتكررة وهذا قد يؤثر على السمع.
  • مشاكل في الفم: دائمًا ما يعاني المصابون من تسوس الأسنان والتهابات اللثة بسبب عدم القدرة على غسل الأسنان بكفاءة، وقلة إفراز اللعاب في الفم.
  • مشاكل الغدة الدرقية: يعانى 10% من المصابين من مشاكل في الغدة الدرقية، وتعاني الغالبية العظمى من قصور الغدة وما تصاحبه من أعراض كالخمول وزيادة الوزن وبطء الانفعالات الجسدية والعقلية وآلام العضلات والضعف.
  • انقطاع النفس في أثناء النوم: نتيجة للتغيرات التي تحدث في الأنسجة الرخوة والتي تؤدي إلى إعاقة مجرى الهواء، يكون المصابون بمتلازمة داون عرضة لخطر الإصابة بانقطاع النفس الانسدادي النومي.
  • السمنة: ينزع الأشخاص المصابون بمتلازمة داون إلى الإصابة بالسمنة على نحو أكبر من غيرهم.
  • مشكلات الحبل الشوكي: قد يعاني بعض المصابين بمتلازمة داون عدم اتساق الفقرتين العلويتين في الرقبة (التقلقل الفهقي المحوري) ما يجعلهم عرضة لخطر إصابة الحبل الشوكي بسبب فرط تمديد الرقبة.
  • ابيضاض الدم: طفل واحد من كل 100 طفل تحت سن 5 سنوات من الأطفال المصابين بمتلازمة داون معرض للإصابة بسرطان الدم.
  • اضطرابات المناعة: نظرًا للتشوهات في الأجهزة المناعية، يكون الأشخاص المصابون بمتلازمة داون عرضة لخطر الإصابة باضطرابات المناعة الذاتية، وبعض أنواع السرطان، والأمراض المعدية، مثل الالتهاب الرئوي.
  • مشاكل سلوكية ونفسية: قد يحدث لدى أطفال متلازمة داون فرط نشاط أو توحد، وقد يعاني البالغون من الاكتئاب أو الوسواس القهري كما يزيد خطر الإصابة بمرض الزهايمر، وتبدأ أعراض الخرف عندهم بعمر 50 عامًا تقريبًا.

هل من علاج لمتلازمة داون؟

لا يوجد علاج شاف لمتلازمة داون، لكن هناك علاجات للمشاكل الطبية المرافقة، وكلما تم تشخيص تلك المشاكل بصورة مبكرة أكثر، كلما ازدادت فرص معالجتها بنجاعة أكبر، فقد تحتاج العيوب القلبية والهضمية مثلًا للجراحة، كذلك يمكن للتدخل المبكر أن يحسن من نوعية حياة المصاب بمتلازمة داون، فقد يحتاج بعض الأطفال للعلاج الفيزيائي، وقد يحتاج بعضهم لبرامج معالجة النطق واللغة، أما عند الكبار فللمعالجة المهنية تأثير إيجابي كبير، إذ تساعد المصاب بمتلازمة داون في تقبل مكان عمله والمحافظة عليه وفي العيش حياة مستقلة قدر الإمكان.

كيف يمكن رعاية المصاب بمتلازمة داون؟

ربما يشعر الوالدان بالصدمة والإحباط والحزن والقلق عندما يدركان أن طفلهما يعاني من متلازمة داون، ولكن يجب أن يعلما أن دورهما هو الدور الأكثر أهمية ومركزية في تقرير مدى نجاح الطفل في مواجهة المرض والتعايش معه، لذلك على الأهل أن يتعرفوا على كل ما يخص متلازمة داون، وعليهم أن يسألوا الأطباء عن كيفية مساعدة الطفل، وأن يتبادلوا الخبرات مع أهال آخرين لديهم طفل مصاب بمتلازمة داون، وتشمل خطوات العناية بالطفل المصاب:

  • الاهتمام بتغذية الرضيع، إذ إن بعض الأطفال تحدث لديهم صعوبة بالرضاعة، بسبب ضعف المص لديهم، أو عدم التناسق العصبي الحركي الذي يتيح للرضيع مواءمة المص مع البلع، أو بسبب صغر تجويف الفم وضعف عضلة اللسان، وبهذه الحالة يجب على الأم أن تساعد الطفل في لقم الثدي مع الضغط الخفيف على الثدي، ووضع الطفل في مستوى أقرب للجلوس مع إعطاء فرصة لراحة عضلات الفكين كل بضع دقائق، ويمكن لها أن ترضع رضعات أصغر ومرات أكثر، وفي الحالات الصعبة التي لا يستطيع فيها الطفل المص الجيد من ثدي أمه يمكن للأم شفط الحليب ووضعه في زجاجة الإرضاع إلى أن تقوى عضلاته ويستطيع المص، وبهذه الحالة تجب عليها مراعاة فتحة الحلمة وكمية الحليب بحسب قدرة الطفل على المص، واحتياجات سنه.
  • مراجعة مراكز الرعاية الخاصة للمساعدة في تطوير المهارات الحركية واللغوية والاجتماعية عند الطفل.
  • المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والترفيهية، على الرغم من أن بعض التعديلات قد تكون مطلوبة، ولكن يمكن للأطفال والبالغين المصابين بمتلازمة داون الاستمتاع بالأنشطة الاجتماعية والترفيهية.
  • تشجيع الاستقلالية، مع أن قدرات الطفل المصاب قد تختلف عن قدرات الأطفال الآخرين، ولكن مع الدعم والتحفيز وبعض الممارسة قد يصبح قادرًا على أداء مهام بسيطة مثل تغليف الغداء وتدبير أمور النظافة وخلع الملابس.
  • التعرَّف على الخيارات التعليمية المناسبة اعتمادًا على احتياجات الطفل، فقد يعني ذلك حضور الفصول العادية، أو فصول التعليم الخاص، أو كليهما.
  • استكشاف فرص للعيش والعمل تناسب المصاب.

علمًا أن الكثيرين من المصابين بمتلازمة داون يعيشون حياة سعيدة مع أسرهم أو مستقلين، ويقوم البعض بوظائف بدوام جزئي أو كامل، وتكون للبعض علاقات رومانسية، ويتزوجون، لكن تقل القدرة على الإنجاب لدى المصابين ذكورًا وإناثًا، ويعيش العديد منهم إلى سن الخمسين والستين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة