مواجهة إيران.. غطاء لـ “انقلاب عربي” في سوريا

camera iconولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وحاكم دبي محمد بن راشد- 20 تموز 2018 (AFP)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- مراد عبد الجليل

تشهد الساحة السورية تحولات سريعة في سياسة بعض الدول العربية، وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أعادت فتح سفارتها في العاصمة دمشق، بعد سنوات من القطيعة الدبلوماسية ودعوات متكررة لإسقاط النظام السوري وتقديم مرتكبي الجرائم بحق الشعب السوري للمحاسبة.

اتخذت دول عربية على رأسها الإمارات والبحرين، مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا، مبررًا وغطاءً لإعادة علاقاتها مع النظام السوري، باعتبار أن حضورها يسهم في إعادة تفعيل الدور العربي في سوريا، لكن هذه التبريرات تأتي في ظل توغل إيراني- روسي بمفاصل الحكم في سوريا.

وكانت الإمارات أعلنت بشكل رسمي، الخميس 27 من كانون الأول، عن افتتاح سفارتها في العاصمة السورية وتكليف عبد الحكيم النعيمي للقيام بالأعمال بالنيابة، بحسب بيان للخارجية الإماراتية.

وبعد ساعات أعلنت وزارة الخارجية البحرينية إعادة تفعيل العمل في سفارتها في دمشق، “حرصًا على استمرار العلاقات مع سوريا، وعلى أهمية تعزيز الدور العربي وتفعيله من أجل الحفاظ على استقلال سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها، ومنع مخاطر التدخلات الإقليمية في شؤونها الداخلية”، بحسب بيان صادر عنها.

الإمارات ترقص على حبل رفيع

بالعودة إلى علاقة الإمارات مع النظام السوري منذ عام 2011، يلاحظ أنها اتسمت بـ “الازدواجية السياسية” والرقص على حبل رفيع، وبدا ذلك عندما أعلنت إغلاق سفارتها في دمشق في 2012 تزامنًا مع إجراءات مماثلة اتخذتها عدة دول عربية وغربية، إلى جانب انضمامها إلى تحالف “أصدقاء الشعب السوري” الذي ضم 100 دولة، والذي كان يرى أن رحيل الأسد عن سدة الحكم مقدمة للحل في سوريا.

كما قدمت دعمًا عسكريًا إلى فصائل المعارضة السورية وخاصة في الجنوب، إن كان عبر طريق غرفة “الموك” التابعة للتحالف الدولي والذي كانت تتخذ من الأردن مقرًا لها، أو من خلال دعم بعض الفصائل مثل “جبهة ثوار سوريا” حتى إن أحد قيادييها كان يكنى بـ “أبو علي الإماراتي” نسبة إلى الدولة العربية، بحسب مصادر عنب بلدي من داخل درعا، إضافة إلى توزيع مساعدات وسلل غذائية في مناطق الجنوب إبان سيطرة فصائل المعارضة، تحمل صورة العلم الإماراتي.

وفي كلمة لوزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، في مؤتمر “أصدقاء سوريا” في باريس في تموز 2012، وصفها إماراتيون حينها بـ “المشرفة”، قال، “لا أعرف كم من الأعداد من الشعب السوري يجب أن يموتوا من أجل تغير الاستراتيجية في سوريا (…) إلى متى سنعطي النظام الحجة علينا أنه يستطيع أن يضحك ويضحك على المجتمع الدولي والشعب السوري يموت؟ هل هناك لحظة سنصل إليها وسنقول كفى قتلًا وتعذيبًا؟”.

لكن بالتزامن مع ذلك كانت الإمارات مكانًا لإقامة بشرى الأسد، شقيقة رئيس النظام السوري، وزوجة آصف شوكت نائب وزير الدفاع السوري السابق، الذي قتل في تفجير خلية الأزمة 2012، قبل أن تلحق بها أنيسة مخلوف، والدة الأسد، في 2013، عندما كانت فصائل المعارضة تسيطر على مساحات واسعة من البلاد، قبل وفاتها في 2016، إضافة إلى إبقاء مستوى معين من “الدفء” في العلاقة مع النظام السوري، وخاصة في المجال الاقتصادي كون مدينة دبي تضم استثمارات متعددة لرجال أعمال موالين للنظام وخاصة رامي مخلوف، ابن خال الأسد.

وفي 2014 أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على شركة “بانجيتس” التي تتخذ من الشارقة في الإمارات مقرًا لها، بسبب توريد منتجات نفطية إلى سوريا منها وقود طيران، بين عامي 2012 حتى نيسان 2014، ومن المرجح أن تلك المنتجات استخدمت في أغراض عسكرية، بحسب وكالة “رويترز”.

خروج العلاقات مع النظام إلى العلن

الموقف الإماراتي الجديد برره وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش، بأن “عودة الإمارات (جاءت) من أجل تفعيل الدور العربي في سوريا، كونه أصبح أكثر ضرورة تجاه التغول الإقليمي الإيراني والتركي”، مشيرًا في مقابلة مع قناة “العربية”، الجمعة 28 من كانون الأول، إلى أن “هناك نية لزيارات وفود رسمية من الإمارات إلى سوريا في الفترة المقبلة”.

من جهته قال النائب السابق لرئيس الهيئة العليا السورية للمفاوضات، خالد المحاميد، إن هناك مبادرة من الدول العربية المؤثرة في الملف السوري لإيجاد الحل السياسي، وإن إغلاق السفارات وتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية قوض الدور العربي وأتاح لدول إقليمية مثل تركيا وإيران أن تفرض أجندتها على الملف السوري.

وأضاف المحاميد، المتهم من قبل معارضين سوريين بأنه مدعوم من الإمارات، في حديث إلى عنب بلدي، أنه يجب أن تكون العودة قوية وسريعة وفاعلة للدول العربية، وتطبيق القرار 2254 للحل السياسي، ودعم سوريا ضد التأثير الإيراني- التركي، معتقدًا أن جميع الدول العربية سوف تعيد علاقتها مع دمشق.

وحول إعطاء شرعية للنظام السوري بافتتاح السفارات، اعتبر محاميد أن النظام يمتد شرعيته من الشعب وليس من الدول، وعلى النظام ألا يعول على الانفتاح وعليه بالدفع بالحل السياسي، قائلًا، “نحن مع تنفيذ القرار 2254 والانتهاء من منظومه هذا النظام الأمنية وتحول سوريا لدولة غير طائفية لكل مكونات الشعب السوري، وتحت دستور يقره السوريون وانتخابات بإشراف الأمم المتحدة”.

لكن تطبيع بعض الدول العربية مع النظام كانت بوادره مع بداية التدخل الروسي في سوريا في أيلول 2015، وكانت أولى هذه الدول هي مصر، بداية من التنسيق الأمني وصولًا إلى زيارة رئيس مكتب الأمن الوطني السوري، علي مملوك، إلى القاهرة في 23 من كانون الأول، بحسب ما قال ممثل الائتلاف الوطني وعضو الهيئة السياسية في محادثات “أستانة”، سليم الخطيب، الذي أكد لعنب بلدي أن “فتح السفارة الإماراتية في دمشق لا شك أنه حدث مهم ومؤشر على خروج التطبيع إلى العلن”.

واعتبر الخطيب أن الاستعجال الإماراتي نحو النظام هو أثر ارتدادات الانسحاب الأمريكي من سوريا، لأن دول الخليج كانت ترى أن مصالحها محمية بالوجود الأمريكي، ومع قرار ترامب الانسحاب شعرت الإمارات بالخطر من وضع سوريا كاملة في كفة إيران.

المعارضة السورية تتنبأ بفشل التطبيع

عودة الإمارات لاقت ردود فعل “خجولة” من قبل مسؤولي المعارضة، الذين اكتفوا بالتعليق عبر حساباتهم الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قال رئيس هيئة التفاوض العليا، نصر الحريري، عبر “تويتر”، إن “الرهان على فلسفة أن الانفتاح على نظام طهران في دمشق سيغير معادلة التوازن، وسيؤدي إلى إبعاد بشار الأسد من حضن إيران هو رهان خاسر، هذا لم يصح عندما كانت إيران صديقة لنظام دمشق، فكيف له أن يصح عندما تكون إيران محتلة لسوريا ولنظامها؟”.

أما عضو الهيئة العليا للمفاوضات، هادي البحرة، فاعتقد، عبر حسابه في “تويتر”، أن “كل ما يشاع عن عودة جماعية للعلاقات مع النظام ومبادرة عربية لا أساس له من الصحة، ويستخدم لتبرير بعض القرارات التي اتخذتها بعض الدول، وأن خارطة التحالفات أو العلاقات لم تتغير كما يعتقد البعض، لكن ما كان موجودًا بصورة غير رسمية أصبح قسم منه على العلن”.

في حين قال الخطيب لعنب بلدي إن “التطبيع مع النظام، الذي هو أداة بيد إيران، لن يجدي، لأن بشار الأسد لن يقايض إيران التي حمته من الانهيار، بتمويل إعادة الإعمار من قبل دول الخليج”، معتبرًا أن “هذا التصرف محاولة ستبوء بالفشل”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة