خلافات أوروبية حول استقبال مهاجرين عالقين في سفينتي إنقاذ بالمتوسط

إحدى مراحل عملية إنقاذ مهاجرين ليبيين بواسطة السفينة "سي ووتش 3". المصدر: منظمة "سي ووتش"

camera iconإحدى مراحل عملية إنقاذ مهاجرين ليبيين بواسطة السفينة "سي ووتش 3". المصدر: منظمة "سي ووتش"

tag icon ع ع ع

أعلنت كل من ألمانيا وهولندا استعدادهما لاستقبال مهاجرين عالقين في البحر المتوسط، ويواجهون طقسًا عاصفًا، بشرط قيام دول أوروبية أخرى بالمثل.

المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية أعلن أمس،السبت 5 من كانون الثاني، استعداد بلاده لاستقبال بعض المهاجرين البالغ عددهم 49 مهاجرًا، والذين أنقذتهم سفينتا إغاثة ألمانيتان في البحر المتوسط، لكن في إطار ما أسماه “حل أوروبي واسع” لتوزيع المهاجرين.

وأنقذت سفينة “سي ووتش 3” 32 مهاجرًا يوم 22 من كانون الأول الماضي، كانوا عالقين في عرض البحر قبالة السواحل الليبية، وسفينة “بروفيسور ألبريشت بينك” 17 مهاجرًا آخرين يوم 29 من الشهر نفسه، ورفضت كل من إيطاليا ومالطا السماح للسفينتين بالرسو في موانئهما وإنزال المهاجرين.

ومن بين المهاجرين أربع نساء، وسبعة أطفال، أربعة منهم غير مصحوبين بذويهم، وبسبب الطقس العاصف ونقص إمدادات الغذاء والمياه النظيفة ساءت أوضاع المهاجرين وتعرضوا لحالات مرضية حادة، ودوار بحر شديد، إضافة لاضطراب ما بعد الصدمة جراء ظروفهم السيئة.

وكتب أليساندرو ميتس من منظمة “ميديتيرانيا” الإيطالية عبر حسابه في موقع “تويتر” أن طفلًا يبلغ من العمر عامًا واحدًا واثنين آخرين يبلغان ستة وسبعة أعوام يعانون من التقيؤ المستمر ويواجهون خطر الجفاف وانخفاض الحرارة.

المتحدث باسم منظمة “سي ووتش” الألمانية غير الحكومية، روبن نويغباور، أشار من جانبه إلى أن الوضع على متن السفينتين “متوتر للغاية”، وبأن الاتحاد الأوروبي قرر أن يتخذ المهاجرين كرهائن منذ أسبوعين.

كما أعلن الفريق الطبي للمنظمة في طلب عاجل أنه ليست لديه القدرة أو الموارد لتحمل هذا الوضع لفترة أطول.

وكان نائب رئيس الوزراء الإيطالي، لويجي دي مايو ، أعلن أن بلاده مستعدة لاستقبال الأطفال وأمهاتهم على متن السفينتين الألمانيتين، إلا أن دعوته لحكومة مالطا بترك المهاجرين يهبطون إلى البر لم تلقَ أي تجاوب.

كما أبدى رئيس بلدية نابولي الإيطالية، ويجي دي ماجيستريس، أول أمس، استعداده لتحدي وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني، والسماح بدخول السفينتين، قائلًا إن “سالفيني يستخدم أرواح الناس في ممارسة ألاعيب السياسة”، وبأن “ترك أشخاص وأطفال وسط البحر العاصف والطقس البارد جريمة.. ليس فقط مجرد عمل غير لائق وغير أخلاقي ومقزز”.

ومنذ توليه السلطة العام الماضي، حظر وزير الداخلية الإيطالي دخول الزوارق التي تديرها منظمات غير حكومية إلى الموانئ الإيطالية، واتجه لمساعدة ليبيا على منع المهاجرين من مغادرة شواطئها.

من جهتها، ردت مالطا بالقول إنها أنقذت خلال الأيام الماضية 250 مهاجرًا وسمحت لهم بالنزول على أراضيها، مضيفة أنها تبحث مع المفوضية الأوروبية خطة لضمان توزيع هؤلاء المهاجرين.

في سياق متصل، دعا رئيس رابطة الدراسات القانونية حول الهجرة، جانفرانكو سكيافوني، طاقم سفينة “سي ووتش” إلى رفع دعوى قضائية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ضد مالطا وإيطاليا.

وقال في دعوته إن “رفض السماح بإنزال أناس نجوا من التعذيب والعنف، وهم اليوم على متن سفينة في ظروف اكتظاظ، يحتاجون فيها إلى الرعاية الطبية والضروريات الأساسية، يخرق القواعد التي تحمي حقوق الإنسان الأساسية، ولاسيما المادة 3 (حظر المعاملة اللاإنسانية والمهينة) للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان”.
وأشار إلى أن هذه الحادثة تُظهر سلوكًا غير قانوني من قبل جميع الدول، التي رفضت رسو السفينة في موانئها.

وتسلط هذه الحادثة الضوء على فشل دول الاتحاد الأوروبي في التعاطي مع قضية الهجرة، واستمرار النزاع بين هذه الدول واللا توافق في الآراء حول تحمل المسؤولية.

وتعتبر قضية الهجرة واللجوء إحدى أبرز المسائل العالقة في المجتمع الدولي، إذ ترى بعض الدول أنها تتحمل مسؤوليات أكبر من قدراتها فيما يتعلق باستقبال المهاجرين وطالبي اللجوء، فيما تتنصل دول أخرى من مسؤولياتها تجاه الموضوع.

وأعلنت وكالة حماية الحدود الأوروبية “فرونتيكس” تراجع الهجرة غير الشرعية لدول الاتحاد الأوروبي إلى أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات.

وأشارت إحصائيات الوكالة التي نشرتها أول أمس إلى تراجع أعداد المهاجرين غير الشرعيين لعام 2018، بعد أن كانت قد وصلت إلى ذروتها في عام 2015.

وبحسب تقديرات الوكالة، فإن 150 ألف شخص دخلوا إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر رحلات هجرة غير شرعية في عام 2018، وذلك بعد أن كان عدد المهاجرين وصل إلى مليون في عام 2015.

كما أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عبر موقعها قبل أيام تراجع عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا في عام 2018، مع بقاء البحر المتوسط الطريق البحري الأكثر خطورة بالنسبة لهؤلاء.

وتفيد الأرقام التي نشرتها المفوضية بأن إجمالي 2262 مهاجرًا ماتوا أو اعتبروا مفقودين لدى محاولتهم اجتياز البحر المتوسط في عام 2018، مقابل 3139 مهاجرًا في العام  الذي سبقه 2017.

يأتي ذلك بينما اجتاز نحو  113.482 ألف شخص البحر للوصول إلى شواطئ البلدان المتوسطية في عام 2018، وهو ما يعتبر تراجعًا كبيرًا بالنسبة لعام 2017 والذي بلغ حينها نحو 172.301 ألف مهاجر.

واتخذت دول أوروبية جملة من الترتيبات لمعالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية في دول المنبع، بعد أن مارسوا ضغوطًا على دول العبور، ومن بينها ليبيا، من أجل استقبال هؤلاء المهاجرين.

وضغطت دول الاتحاد الأوروبي من أجل إقامة مراكز استقبال للمهاجرين في دول شمال إفريقيا (مصر، المغرب، تونس، ليبيا، الجزائر)، وهو الأمر الذي ترفضه حكومات هذه الدول.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة