الانتحار في السويداء.. حالات قد تتحول إلى ظاهرة

tag icon ع ع ع

السويداء – نور نادر

شهدت محافظة السويداء جنوبي سوريا ما لا يقل عن 25 حالة انتحار غالبيتهم من الشباب خلال عام 2018، بحسب أرقام وثقتها مواقع ومنظمات محلية، وبينما ينظر للرقم على أنه أقل بكثير من معدلات الانتحار حول العالم، إلا أن تسجيل ست حالات في فترات زمنية متقاربة، أصبح أمرًا لافتًا.

ليلة 23 من كانون الأول، قبل أيام من نهاية عام 2018، أقدم محمود أبو حسون البالغ من العمر ثمانية عشر عامًا على الانتحار برفقة صديقه وائل أيوب ذي السبعة عشر عامًا، مستخدمين قنبلتين يدويتين، بعد نشرهما تسجيلًا مصورًا، يشرحان سبب انتحارهما.

الشابان عللا الانتحار بمشاكل اجتماعية ومعيشية صعبة يعيشانها، من عدم توفر فرص عمل، وعدم وجود استقرار في حياتهما، إضافة إلى ما قاله أحدهما بأنه بحاجة إلى عائلة تحتضنه، ما يدل على شرخ اجتماعي وأسري يعاني منه الشاب.

وأكد طبيب أمراض نفسية وعصبية لديه عيادة في مدينة السويداء (فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية)، لعنب بلدي، أن الضغوط النفسية باتت طاغية على شريحة واسعة من المجتمع المحلي في السويداء، مستندًا إلى تزايد أعداد المراجعين في عيادته، مقارنة بالعام الماضي.

هل حالات الانتحار في تزايد؟

و زاد استمرار الحرب في سوريا دون وجود مؤشر على انتهائها من معاناة السوريين، ما أدى إلى ازدياد الاضطرابات والأمراض النفسية التي تعتبر رد فعل طبيعيًا على المعاناة.

وأشار طبيب الأمراض النفسية والعصبية، إلى أن الضغوطات النفسية تشكل ثقلًا أكبر على فئة الشباب، بسبب الأوضاع الاقتصادية، وقلة فرص العمل إضافة إلى تقييد تحركاتهم الذي عاق أحلام كثيرين منهم.

كما عزز انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات وإدمان المشروبات الكحولية، من تفاقم حالة الاكتئاب، أحد أهم الأسباب التي تدفع للانتحار، والضغط النفسي الذي باتت تسببه فكرة الالتحاق بالخدمة العسكرية.

ورغم ذلك لا تزال نسبة الانتحار في سوريا عمومًا منخفضة مقارنة بغيرها من الدول، إذ تقع في المرتبة 172 من أصل 176 دولة على مؤشر الانتحار وفق موقع “worldpopulationreview” المتخصص بإحصاء البيانات الديموغرافية.

ووفق الموقع، يبلغ معدل الانتحار في سوريا 1.9 من أصل 100 ألف شخص لعام 2018، وهو معدل منخفض بالمقارنة مع دول أخرى، وتتصدر القائمة ليتوانيا التي ينتحر فيها 31.9 من أصل كل 100 ألف.

وتتوافق هذه الأرقام مع ما صرح به رئيس هيئة الطب الشرعي في سوريا، الدكتور زاهر حجو، لتلفزيون “الخبر” المحلي بأنه منذ بداية سنة 2018 حتى أيلول، كان عدد حالات الانتحار في سوريا 55 حالة، 40 منها للنساء و15 للرجال.

لكن وجود نحو 25 حالة انتحار في محافظة السويداء فقط عام 2018، بحسب إحصائية موقع “السويداء 24″، يشير إلى تزايد الظاهرة في المحافظة مقارنة ببقية المحافظات السورية.

“فتور” في مكافحة فكرة الانتحار

قبل أن يصل الشخص إلى قرار الانتحار أو ذروة الاكتئاب التي تدفعه لذلك، تظهر عليه علامات عديدة تنذر بميول تفكيره نحو الانتحار، تبدأ بميله إلى الانطواء على نفسه، نتيجة الاكتئاب وتصرفاته المتهورة والطائشة.

ووفقًا لاختصاصية بالصحة النفسية والإرشاد النفسي، في منظمة محلية بالسويداء، فإنه مع ظهور علامات توحي بميل الشخص للتفكير بالانتحار، لا بد من تدخل للمجتمع المحيط لإنقاذه من العزلة التي يفرضها المكتئب على نفسه، إضافة إلى استشارة مختصين لزيادة التوعية الصحية والنفسية لدى أصحاب الميول للانتحار.

وترى اختصاصية الصحة النفسية أن تزايد حالات الانتحار مؤخرًا لدى شباب السويداء يتطلب تكاتفًا من المجتمع لمكافحة الانتحار قبل أن يصبح ظاهرة تصعب السيطرة عليها، وتكون خطورتها في تحولها إلى ثقافة يصعب اقتلاعها بسهولة.

كما عزا نزار، أحد شيوخ الدين في طائفة الموحدين الدروز، التي تشكل غالبية سكان محافظة السويداء، سبب تزايد الانتحار لدى الشباب، إلى الجهل الديني وعدم التفكير في عواقب الإقدام على الانتحار في الآخرة، بحسب تعبيره.

وأضاف الشيخ نزار أن “الجهال” لا يجدون اليوم مثلًا دينيًا أعلى يقتدون به ويندفعون من خلاله للبحث في دينهم والالتزام به.

ولم يخفِ الشيخ نزار أن فئة رجال الدين لا تقل تقصيرًا عن غيرها في مكافحة ظاهرة الانتحار، لانشغالهم بالقضايا السياسية، متجاهلين الأوضاع الاجتماعية والمعيشية في المجتمع الدرزي.

 

 

Loading…

 

Loading…

 



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة