أطفال دمشق بلا حليب.. حلّ الأزمة رهن البواخر الإيرانية

camera iconصيدلية في دمشق (إنترنت)

tag icon ع ع ع

دمشق – ماري العمر

تغيب علب حليب الأطفال للشهر الثاني على التوالي عن رفوف الصيدليات في دمشق، واضعة أهالي الرضّع أمام خيارات صعبة لتوفير بديل عن الرضاعة الطبيعية، إذ يحتاج قسم كبير من الأطفال منذ الولادة وحتى عمر سنتين إلى داعم صناعي أو بديل عن حليب الأم.

أزمة الحليب دفعت الأهالي إلى إيجاد بدائل وحلول لتوفير المادة الغذائية الرئيسية لأطفالهم، فإما أن يقوموا بدفع مبالغ كبيرة لشراء الحليب من لبنان، أو سيضطرون إلى إعطاء أطفالهم الرضع حليبًا غير مناسب قد يترك تداعيات سلبية على صحتهم، كالإسهالات وآلام البطن.

عنب بلدي تواصلت مع مصادر عدّة معنية أو متأثرة بالأزمة في دمشق، ونظرًا للتضييق الأمني طلبت المصادر عدم كشف أسمائها خوفًا من المساءلة.

حليب إيراني وعقوبات أمريكية: المتضررون سوريون

يعود السبب الأساسي في نقص حليب الأطفال إلى تأخر وصول البواخر الإيرانية المحمّلة بالحليب، والتي من المفترض أن تصل بشكل دوري إلى الموانئ السورية، ويتم توزيعها على المحافظات.

وعلم مراسل عنب بلدي في دمشق من إحدى الصيدلانيات العاملات في المدينة أن سببًا آخر حال دون توفر الحليب، وهو ارتفاع سعر صرف الدولار في سوريا.

تشير الصيدلانية إلى أن “كبار التجار عمدوا لتوقيف عدد من البواخر إلى حين عودة الدولار للانخفاض”، لافتةً إلى أن أغلب مستودعات الصيدليات نفدت من الحليب.

ورغم تأكيدات الصيدلانية، وتداول القضيّة بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يعترف نقيب الصيادلة، محمود الحسن، بذلك بل قال في تصريحات نقلتها مواقع “موالية” للنظام، منها موقع جريدة “الوطن”، إن الصيدليات قد فقدت أنواعًا من الحليب ولكن توجد بدائل عنها في كل مكان.

وأضاف الحسن أنه “تم طرح بدائل من أصناف الحليب السويسرية، علمًا أن البدائل موجودة، ولكن بزيادة عن سعر الحليب الإيراني بمعدل 30%”.

لكن ما أكده الوزير نفاه أحد المواطنين المتضررين لعنب بلدي، إذ أشار إلى أنه يشتري الحليب من لبنان عن طريق أخيه الذي يقطن هناك، بسعر يصل إلى ثمانية آلاف ليرة سورية (17 دولارًا أمريكيًا تقريبًا)، بينما كان سعر علبة الحليب نحو 2700 ليرة سورية (ستة دولارات تقريبًا).

المواطن أوضح لعنب بلدي أنه يحتاج شهريًا عشر علب من الحليب، أي إنه يدفع 80 ألف ليرة سورية، وهو ضعف متوسط دخل المواطن السوري تقريبًا.

ووفق الوعود التي قدمها نقيب الصيادلة، من المفترض أن يتم توزيع الحليب خلال فترة قريبة، لكن الأزمة ما زالت قائمة حتى ساعة إعداد التقرير.

الهلال يوزّع “بشرط”.. وآلام الأطفال تتفاقم

رصد مراسل عنب بلدي من خلال جولاته في صيدليات دمشق غياب الحليب من أنواع “نان، ألبين، بيبلاك، بيوميل، نيترو بيبي، ومامي لاك”، وهذه الأنواع هي الأكثر استخدامًا، حسب عمر الرضيع.

بعض الأنواع الأخرى من حليب الأطفال، يوفرها “الهلال الأحمر” في مركز محدد، لكن توزيعها يتم وفق آليات وشروط.

وعلم مراسل عنب بلدي من أحد المسؤولين في مركز تابع “للهلال الأحمر” أن “مادة الحليب في عيادة الهلال متوفرة بسبب دعمها من الصليب الأحمر الألماني الدنماركي النرويجي الكندي، وعن طريق منظمة الصحة العالمية”.

وأضاف، “في شعب الهلال تم توقيف توزيع الحليب وأصبح مقتصرًا على عيادة الأطفال التي حددت لها منظمة الهلال الأحمر آلية معينة للتوزيع، فيجب على الأم أن تحضر طفلها للعيادة وبعد الفحص من قبل أطباء مختصين يحدد لها الطبيب المعالج ما تحتاجه من كميات”.

هذه الآلية الصعبة إلى جانب انقطاع الحليب العادي، دفعت رهف، وهي أم لطفل بعمر سبعة أشهر مقيمة في دمشق، إلى خفق اللبن أو الحليب البقري أو المجفف المخصص للكبار بالماء، لتغذية رضيعها.

وتشير رهف في لقاء مع عنب بلدي إلى أنها تواجه مخاوف من تأثير هذا الغذاء على صحة رضيعها نتيجة تركيز الفيتامينات الموجودة فيه.

وتبدو هذه المخاوف مبررة، فبحسب طبيب أطفال في مدينة دمشق تواصلت معه عنب بلدي، أغلب الحالات التي توافدت إلى عيادته منذ الشهر الماضي، تعاني من أعراض استخدام الأهل بدائل عن الحليب، وهي التهاب الأمعاء الحاد الذي يؤدي إلى ارتفاع الحرارة بشكل كبير وإقياء ومغص وإسهال.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة