رجل في الأخبار..

باسل الأسد الذي خلط أوراق أبيه

camera iconالرئيس السابق حافظ الأسد وابنه باسل الأسد (باسل الأسد فيس بوك)

tag icon ع ع ع

“في سوريا، لا شيء مهم يحدث دون موافقة حافظ الأسد، باستثناء فعل الله الذي أخذ ابنه البكر بعيدًا”، وصف أطلقه الصحفي البريطاني روبرت فيسك، خلال مقالة له في صحيفة “إندبندنت” في 1994، قد يعكس بشكل دقيق الواقع السوري في تسعينيات القرن الماضي، وخاصة في 21 من كانون الثاني 1994، عندما أعلن الإعلام الرسمي عن وفاة باسل الأسد، الابن الأكبر للرئيس السوري السابق حافظ الأسد، وشقيق بشار الأسد، عن عمر 32 عامًا.

“الفارس الذهبي”، “المهندس المظلي” و”الرائد الركن”، ألقاب أطلقت على باسل الأسد، الذي ولد في 23 من آذار 1962 في مدينة دمشق، قبل أن يحمل لقب “الشهيد”، كما أطلق عليه الإعلام الرسمي حينها، عقب وفاته في حادث سير في أثناء قيادته على طريق مطار دمشق الدولي خلال ذهابه إلى ألمانيا وإلى جانبه ابن خاله حافظ مخلوف.

وفاة باسل قد تكون أكبر هزة واجهها حافظ الأسد منذ توطيد حكمه في سوريا عام 1970، إذ عمل منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية في 1991 على تهيئته لخلافته في الحكم، وعينه في 1986 المسؤول الأول عن أمن القصر الرئاسي، في خطوة أولى نحو إعداده لوراثة الحكم.

وارتفع اسم باسل بشكل كبير بعد انتخابات 1991، وأصبح الأب يكنى بـ “أبو باسل”، وانتشرت صور الأسد الابن إلى جانب أبيه في كل مكان من سوريا، في المحلات التجارية والنوافذ الخلفية للسيارات والمباني الحكومية، بلحيته ونظارته السوداء، وبدأت الهتافات ممزوجة بين الهتاف للأسد الأب مع ابنه، الحاصل على شهادة بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة دمشق عام 1983.

وشرع الأسد بتهيئة ابنه على كل الأصعدة إن كانت عسكرية عبر تسليمه عدة مناصب عسكرية، أو سياسية عبر إيفاده في 1992 إلى السعودية في أول مهمة دبلوماسية له للقاء الملك فهد بن عبد العزيز، إضافة إلى إعطائه صلاحيات للتدخل في الشؤون الداخلية والعسكرية في سوريا، كما كان من أكبر داعمي أبيه في خطواته نحو توقيع سلام مع إسرائيل، لكن موته جاء بعد خمسة أيام فقط على لقاء حافظ الأسد مع الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، في العاصمة جنيف من أجل إطلاق عملية التفاوض مع تل أبيب.

موت الابن هز حافظ الأسد بعد أن فقد وريثه في الحكم، ويقول “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى“إن وزير الخارجية آنذاك، فاروق الشرع، ووزير الدفاع مصطفى طلاس، ذهبا إلى مقر إقامة الأسد الأب لإبلاغه بوفاة باسل، في حين قال الصحفي البريطاني، فيسك، إن الأسد تلقى اتصالًا من الرئيس اللبناني، إلياس الهراوي، بعد ساعات قليلة من إعلان الوفاة، وخلال المحادثة بكى ولم يتمكن الأسد من خنق دموعه.

وتحدث الصحفي عن يوم الجنازة بالقول، “على طائرة بوينغ 727 التي نقلته إلى بلدة العائلة في القرداحة، أمر حافظ الأسد بوضع تابوت ابنه بجانبه في المقصورة، في حين كانت زوجته أنيسة تطرق برفق على كتفه في أثناء صعودهما”، لكن رغم ذلك ظهر الأسد الأب من نافذة الطائرة رافعًا ذراعيه وكأنه فائز في الانتخابات وليس فاقدًا ابنه”.

وفاة باسل دفعت الأب للقلق من انتهاز “بارونات العلويين”، كما أطلق عليهم “معهد واشنطن”، الفرصة من أجل الحصول على مكان لأنفسهم في معركة خلافة سوريا عقب وفاته، فعمل على إقالة شخصيات لهم وزن ثقيل في الدائرة الضيقة، ومنهم قائد القوات الخاصة، علي حيدر، ورئيس المخابرات العامة ماجد سعيد، واللواء علي ملاحفجي، قائد القوات الجوية والدفاع الجوي، واستبدالهم بأشخاص يسهل السيطرة عليهم.

وعقب ذلك بدأ الأسد الأب بتهيئة رئيس النظام الحالي بشار الأسد، بنفس الخطوات، وأصبح ضابطًا في الحرس الجمهوري، إضافة إلى القيام بمهام دبلوماسية ومقابلة القادة الأجانب والعرب إلى جانب والده، الأمر الذي أدى إلى تسلمه الحكم بعد وفاة الأسد الأب في عام 2000 وحتى اليوم، لكنه واجه ثورة شعبية ضد نظامه منذ 2011.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة