تعا تفرج

كائنات فضائية تقصف حلب

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

لم تعد هناك ضرورة لإلقاء البراميل على حلب، فها هي بنايةٌ تسقط، قبل بضعة أيام، من تلقاء نفسها، ويموت فيها أحد عشر إنسانًا.. وهناك، بحسب تقرير نشرته صحيفة عنب بلدي، عشرة آلاف بناء أخرى مهددة بالسقوط، كل بناء فيه ثماني شقق، يعني نحن أمام ثمانين ألف أسرة من المحتمل أن يموت أفرادُها تحت الأنقاض، في أوقات متقاربة، وابن حافظ الأسد وحلفاؤه بريئون من دمائهم.

في سنة 2016، حينما اشتد قصفُ الطائرات الروسية وطائرات النظام السوري، على حلب، صَعُبَ الأمر على رئيس اتحادات الكتاب العربية في أبو ظبي، وهو رجلٌ مشهود له بالرِقّة، والحنية، فذرف دمعتين، وأصدر بيانًا حَمَّل فيه أسرابَ طيران تمتلكها كائناتٌ فضائية مجهولة مسؤوليةَ قتل المدنيين وتهجيرهم، وها نحن الآن ننتظر من رئيس ذلك الاتحاد (المهضوم) أن يستنكر موتَ ألوف الأشخاص في المستقبل، من جراء سقوط أسقف المنازل وجدرانها فوق رؤوسهم، مع توجيه أشد عبارات الإدانة للكائنات المجهولة التي تسببت بوجود هذه الأبنية الآيلة للسقوط.

رئيس اتحاد الكتابات العربية، على الرغم من حساسيته، وجاهزية دمعتيه للتدحرج على خديه، تنقصه مسألة صغيرة، وهي متابعة ما يجري في كواليس البلاد السورية التي تتعرض لتآمر تشكيلة واسعة من الكائنات الفضائية والأرضية، فهناك شبهُ إجماع بين مؤيدي نظام الأسد، على أن سوريا، رغم قوتها، وصمودها، وممانعتها، والتفاف شعبها حول قائدها، تعاني من بعض الفساد الإداري، وحتى المفكر الصاعد الدكتور وسيم الأسد، فقد صرح في الفيديو الشهير الذي ابتكر فيها نظرية “الشرف أحسن من الغاز”، بأن “نحنا في عندنا شوية فساد!”.

شوية الفساد التي تحدث عنها البروفيسور وسيم، لو يدري رئيس الاتحادات العربية، لا تقدم ولا تؤخر، وخاصة في قطاع الأبنية، فمن بين عشرة أسياخ حديد تلزم للصَبّة البيتونيّة، ممكن أن يسحب الفاسدون سيخًا واحدًا، وإذا لزم للصبة خمسين كيسًا من الإسمنت لا يوجد غضاضة في أن يضعوا أربعين كيسًا ويوفروا عشرة أكياس، وهذه النسب الضئيلة مدروسة بدقة، ويستحيل أن تؤدي إلى سقوط البناء، ولكن الشعب، كما صرح الدكتور وسيم الأسد نفسه، لا يفهم، بل إنه شعب فاسد.. ومما هو معروف للقاصي والداني، أن القيادة الحكيمة، في يوم من الأيام، أرادت أن تُشْرِكَ الشعب نفسه في عمليات البناء، ووقتها وقع المحظور، وصار المتعهد من أبناء الشعب يسحب من الصبة البيتونية تسعة أسياخ، ويُبْقي واحدًا، ويوفر أربعين كيسًا من الإسمنت، حتى إنه يُقنن في سكب الماء على الصبة!

هذا الشعب، الذي أكد وسيم الأسد أنه “لا يفهم”، يتداول في مجالسه الخاصة نكتة ظريفة ملخصها أن ثلاث دول، بينها سوريا، قررت بناء جسر بحري يصل بينها، تسهم إحداها بالإسمنت، والثانية باليد العاملة، وأما سوريا فتسهم بأسياخ الحديد. بعد إنجاز الجسر بيوم واحد سقط الجسر، فقالت الدولة الأولى أسفًا على الإسمنت الذي وضعناه، وقالت الثانية: أسفًا على تعب عمالنا، وقال السوريون: الحمد لله على أننا لم نضع أسياخ الحديد في الجسر، فلو وضعناها لذهبت سدى!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة