رواية “عالم جديد شجاع”.. الإنسانية نحو الزوال

tag icon ع ع ع

مراجعة نورا الأحمد

 “لكنني لا أحب الراحة، أريد الحرب، أريد الله، أريد الخطر الحقيقي، أريد الحب، أريد الخير والحق، أريد الخطيئة، أريد الشعر، أريد الحرية”.

عندما يتحول العلم إلى سلاح للعبودية، وعندما يصبح التقدم العلمي والتكنولوجي مبررًا للتدخل في سلوكيات الإنسان، وتُصمم الآلات الحديثة لخدمة النظام الحاكم دون الأفراد، تصبح السعادة مجرد حبة كيميائية.

هذا ما تصوره الرواية العالمية “عالم جديد شجاع” للكاتب الإنكليزي ألدوس هكسلي، في نظرتها للمستقبل المتقدم الذي حمل كل أنواع الحداثة للمجتمع، وأظهر أفراده على أنهم نسخ متشابهة دون امتلاكهم للمشاعر الإنسانية أو العواطف.

تعتبر الرواية تحفة فنية كلاسيكية، مبنية على فكرة “الدستوبيا” وتعني المجتمع الفاسد، وهو ما ناقشه الكاتب جورج أورويل بعد “عالم جديد شجاع” بأكثر من عقد، في روايته الشهيرة “1984”.

“عالم جديد شجاع” من أقوى مؤلفات الكاتب ألدوس هكسلي، الذي يعتبر واحدًا من أهم الأصوات الأدبية والفلسفية في القرن العشرين، إذ حققت روايته أعلى نسبة مبيعات بعد صدورها عام 1923، وفق ما جاء في مجلة “شيكاغو تريبيون” الأمريكية.

ومن أهم مؤلفات الكاتب رواية “الكروم الأصفر”، و”الجزيرة”، و”أبواب الإدراك”، و”قصة السجن”.

سجل هكسلي، في “عالم جديد شجاع”، شكوكه ومخاوفه من أن يتمكن التقدم العلمي من السيطرة على حياة الناس وتحويلهم إلى أتباع له.

وسلط الضوء على السلبيات الموجودة في بعض المجتمعات التي تبدو ناجحةً في ظاهرها.

ينقسم المجتمع المستقبلي إلى خمس طبقات: “الفا والبيتا” وهي الطبقة الأعلى كالقادة، وتليها “الجاما” وهم أصحاب الأعمال الكتابية، ثم “الدلتا” الذين يقومون بالأعمال اليدوية التي لا تحتاج إلى مجهود عقلي كبير، وأخيرًا “إبسيلون” الطبقة المتدنية وهم الأغبى وأصحاب الأعمال البسيطة، بحسب الرواية.

ويكشف الكاتب لنا تلاعب القادة بالتكوين العقلي والجسماني لطبقات المجتمع، في سعيهم لإلغاء ومحو الآلام والأمراض والخوف من الموت أو الشيخوخة والولادة الطبيعية، تحت شعار “الجماعة، الاستقرار، التشابه”.

تعالج الرواية إنكار النظام المستقبلي للروح الفردية والمشاعر الإنسانية كالحب والحزن والفرح والندم، والتضحية بحرية الإنسان والتكوين الطبيعي له في أن يكون إنسانًا.

العالم الجديد يكتفي بالتكنولوجيا والآلة بعيدًا عن الفنون والآداب، عالم مخيف يغامر الكاتب بتخليه دون ارتباط البشر بالقلوب والأرواح.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة