“العراب- نادي الشرق”.. صراع الحراس والمصالح

مقتبسًا من رواية “العراب” الشهيرة لماريو بوزو، مع تغييرات جذرية في البنية الأساسية للقصة والحفاظ على روح المافيا فيها، حقق مسلسل “العراب- نادي الشرق” السوري نجاحًا عند عرضه في عام 2015.

يناقش العمل قصة “أبو عليا”، وهو شخصية متنفذة ممن يطلق عليهم “الحرس القديم”، ويعنى بالحرس القديم الشخصيات التي أمسكت بمفاصل الحياة الأمنية والسياسية في عهد حافظ الأسد، وكان لهم نفوذ وسلطات واسعة، وحققوا ملايين الليرات.

لا يرفض “أبو عليا”، الشخصية القاسية صاحبة المبادئ (المبادئ هنا ليست بالطبع المبادئ الإنسانية، بل هي قواعد اللعبة السياسية والمجتمعية) طلب أي شخص في أثناء حفل زفاف أولاده. ويقام حفل الزفاف بحضور العائلة الواسعة المرتبطة مع بعضها بالمصالح التجارية والاقتصادية والمافيوية.

عمران الشخصية التجارية، والمصنف من الحرس الجديد، وابن إحدى أقوى شخصيات الحرس القديم، يناقش مع “أبو عليا” فكرة إقامة كازينو للقمار في دمشق، ضمن مشروع منتجع سياحي تم الاتفاق عليه بين “أبو عليا” و”أبو عمران” في وقت سابق، مهددًا بإلغائه كليًا في حال عدم إقامة الكازينو ضمن المشروع الأساسي.

هذا النقاش الحاد يأتي بالتزامن مع ظهور القوانين والتشريعات الاقتصادية الجديدة، وهي برأي “عمران” غير كافية، ويرى ارتباطًا بينها وبين رؤوس الأموال الخارجية، وهو ما رد عليه “أبو عليا” بأن الاقتصاد لا ينفصل عن السياسة والتحالفات السياسية في المنطقة، في إشارة إلى الانتقال الاقتصادي وظهور شخصيات جديدة ستتخذ قرارات اقتصادية تنذر بانفجار الأوضاع، وهو ما يقرأه “أبو عليا” بشكل جيد. يرفض إقامة المشروع متذرعًا بالخلفية القومية والدينية والاشتراكية لسوريا، ليبدأ الصراع بينهما مع دخول شخصيات متنفذة محسوبة على الحرس القديم إلى جانب عمران في مواجهة “أبو عليا”، حتى يتم تجريده من صلاحياته بشكل كامل، ويتم اتهامه بالفساد، وهي الطريقة الأشهر في بداية الألفية الجديدة للخلاص من شخصيات انتهى زمنها في دائرة النظام الحاكم في سوريا.

يربط العمل بين الكلمات الأولى التي يقولها “أبو عليا” لابنته في ليلة زفافها، عن المبادئ والقيم والأرض وعلاقته بوالده، وما يقوله في حواره الأخير معها عن القرية، فهي له البداية والنهاية وإن تغيرت نظرته لها على المدى البعيد.

يستعرض المسلسل بجزئه الأول أنماط العلاقات بين جهات أقرب إلى المافيا منها إلى شكل الدولة، سواءً بطريقة إدارة الصراع بين هذه الدوائر، أو في طريقة حل المشاكل العالقة، ومنها ضياع ابنة “أبوعليا” (لونا) حتى يجدها دكتور جامعي (نورس) دون معرفة شخصيتها الحقيقية، ويحتويها حتى وصول المعلومات عن وجودها في منزله واعتقاله.

لا يمكن فصل الأعمال الدرامية السورية عن الواقع من جهة، وعن السلطة السياسية والرقابية من جهة أخرى، فقلما نجد أعمالًا درامية تنجو من سلطة الرقيب ويكون لها حرية الطرح بشكل يوائم ما بين متطلبات العمل الفني الجيد، وواقعية طرحه من جهة أخرى.

مسلسل “العراب- نادي الشرق” من انتاج شركة “كلاكيت ميديا”، وسيناريو رافي وهبي وإخراج حاتم علي، وبطولة جمال سليمان وباسل خياط وباسم ياخور ووائل زيدان.

–