خالد الدغيم: آهات العالم لا ترقى لحجم المأساة

«أسير خارج القضبان»، فيلم يلخص معاناة آلاف السوريين

tag icon ع ع ع

نال السوري خالد الدغيم جائزة علي حسن الجابر (مصور قناة الجزيرة الذي قضى في 12 آذار 2011 أثناء تغطية أحداث الثورة الليبية)، وذلك عن فيلمه القصير «أسير خارج القضبان»، خلال حفل نظمته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر الأحد 23 آذار الجاري.

ويسلط الفيلم الضوء بصورة أساسية على فقدان السوري أبسط حقوقه «أوراقه الثبوتية وجواز سفره»، وهو أول عمل لخالد الدغيم، وتم إنجازه خلال 15 يومًا دون أي جهة راعية له.

عنب بلدي اتصلت بالدغيم، وأفادها أن «فكرة الفيلم أتت من داخلي ومن حرصي على إيصال صوت شعبي للعالم بعد ما أصبحت عذاباته بين براميل الموت وسكين ما عاد يدري هويتها، ومنع وإغلاق حدود من إخوته الذين كان يغني لهم (بلاد العرب أوطاني)، وهو الإنسان الذي لم تبنى خيمة على أرضه للاجئ، وما تصور في يوم من الأيام أن يضرب على يد إخوته بعدما كان يغني لهم، فأصبح شعبًا يوسفيًا في غيابة الجب».

أسرة ملتزمة ونشاط ثوري

«اعتقلت في أواخر 2008 بسجون الأمن العسكري بإدلب لفترة جرى فيها التحقيق معي ، وتعرضت بعدها لمضايقات أمنية إثر تداعيات الاعتقالات التي شملت مناطق عدة وخصوصًا منطقة معرة النعمان في مسرحية تفجير القزاز قرب فرع فلسطين بدمشق»، يقول الدغيم، متابعًا  «خرجت للسعودية في بداية 2009، وعملت لمدة ثلاث سنوات في الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالرياض، ومع بداية الثورة قدمت استقالتي لأتفرغ للثورة والعمل الإعلامي وإيصال رسالة أهلي وشعبي الذي رفع صوته مناديًا بالحرية وزوال الظلم والظالم».

أبو اليمان (خالد الدغيم) ابن قرية جرجناز، ومن أسرة ثورية وملتزمة، تخرج من كلية الشريعة في جامعة دمشق، وعمل في تجارة الكتب بعد وفاة والده؛ ليتابع تحصيله العلمي ويتبع دورة إعلامية في دمشق عام 2008. وعمل في مطلع الثورة كناشط يتواصل مع الثوار في الداخل، ويوصل المواد الإعلامية ويوثق الانتهاكات لوسائل الإعلام؛ وانتقل بعد شهرين من بدء الثورة للعمل كمتطوع في استديوهات قناة الجزيرة في قطر لمدة عام، وبعدها تم تعيينه كصحفي في القناة، ومازال على رأس عمله حتى الآن.

اقتتال الشمال وتأثيره على العمل الإعلامي

وفي معرض حديثه على حالة الاقتتال والتنازع بين الفصائل في سوريا وبالتحديد في إدلب، قال الدغيم «إن الأوضاع في الشمال كانت جيدة، حتى جاءت تنظيمات كداعش وفرضت هيمنتها ومشروعها على الأرض، واستطاع الثوار إبعادهم عن إدلب، كما أن العلاقة مع النصرة كانت جيدة جدًا ما دام الخط السوري والإصلاحي -إن صح التعبير- كان يسيطر على دائرة اتخاذ القرار فيها، وعلى سبيل المثال الشيخ يعقوب العمر قاضي النصرة (اغتيل العام الماضي) كان من أعز أصدقائنا، وصمام أمان للمنطقة كلها».

وأضاف «في الآونة الأخيرة سيطر على النصرة الخط الداعشي الذي قادها لتتطلع إلى إمارة، وتبسط سيطرتها على حساب الثورة في الشمال، وأصبحت تصرفاتها منافية للعمل الثوري مما تهدد أغلب الكوادر العاملة، وبحكم هذا تلقائيًا أنا ابتعدت عن الدخول للمنطقة».

إعلام الثورة يتطلب الاحترافية

خلال العامين الماضيين انتشرت عشرات المواقع الإلكترونية والصحف والإذاعات التي تغطي الأحداث في سوريا، وتنقل المعاناة إلى العالم الخارجي، ويقول الدغيم «رغم الحصار والألم استطاع السوري أن يكسر كل أنواع الحصار ويوصل صوته لكل العالم، وكلما سد عليهم باب فتحوا أبوابًا وشغلوا العالم والشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل واحتلوا اليوتيوب بكل جدارة وأصبحوا مدارس في حيل النشر والإلكترونيات».

إلا أنه شدد على أن «الكثرة لا تُغني بقدر ما نتطلع لنوعية احترافية في العمل ويبدأ هذا من عند أنفسنا، وترتيب أوراقنا الإعلامية من جديد والتسويق لقضيتنا بشكل أجود في بناء طاقاتنا وقدراتنا»، وأضاف «إعلامنا ونشرنا كبير وكثير لكن نشكو من قلة التنظيم وضعف التسويق».

آلاف السوريين أسرى خارج الوطن

يعاني آلاف السوريين من قضية بطاقات السفر وعدم تجديدها، والوعود التي أطلقها الائتلاف المعارض لحلها وإخفاقه في ذلك، ليكونوا لاجئين دون وثائق تثبت شخصيهم، وتحول دون تمكنهم من السفر إلى أي مكان خارج موطن لجوئهم. الأمر الذي أشار له الدغيم (وهو يملك جواز سفر منتهي الصلاحية) «هذا الفيلم هو رسالة كل سوري يشتاق لحريته ويبحث عن إثبات شخصيته في زمن تحكمه الأوراق والأختام، وكوني أعاني مما يعانيه كل سوري ومحروم من جواز السفر أحببت أن أكون صوت أحبابي المعذبين داخل وخارج الحدود بين الملجأ والمخيم والمنفى».

مضيفًا «إن هذه القصص التي رأت النور في الفيلم أصحابها محظوظون، في حين آلاف الحكايات والقصص الله يعلمها وحده والعتمة تلفها والنور ينأى عنها لخوف أو ضياع أو غرق وفقدان..»، وأردف «كنت من بين الذين بكوا أثناء عرض الفيلم وكان الصدى دموعًا وآهات يشكر عليها أهلها، ولكن كل آهات العالم لا ترقى لحجم مأساة هي بحق مأساة القرن».

الصحفي خالد الدغيم أنهى حديثه مع عنب بلدي بالتعبير عن اشتياقه للحرية والنصر «كما كل حر من أبناء بلدي الحبيب الذي أعشق كل حبة تراب فيه، وبناء جيل ومستقبل ووطن».




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة